فريدمان: وفاة السّنوار لحظة تاريخيّة لحلّ الدّولتين

33

إيمان شمص

«أساس ميديا»

يرى المحلّل والكاتب السياسي الأميركي توماس فريدمان أنّ “وفاة زعيم حماس يحيى السنوار. تتيح إمكانية اتّخاذ أكبر خطوة نحو حلّ الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ أوسلو، فضلاً عن التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وهو ما يعني تقريباً العالم الإسلامي بأكمله”.

 يؤكّد فريدمان في مقالته بصحيفة “نيويورك تايمز” أنّ “وفاة السنوار أمر كبير للغاية، لكنّها لا تشكّل وحدها الشرط الكافي لإنهاء حرب غزة ووضع الإسرائيليين والفلسطينيين على مسار مستقبل أفضل. ولطالما رفض السنوار وحماس حلّ الدولتين، وكانا ملتزمين بتدمير الدولة اليهودية. لم يدفع أحد ثمناً أكبر من الفلسطينيين في غزة. ولكن في حين كان موته ضرورياً لتكون الخطوة التالية ممكنة، إلا أنّه ليس كلّ شيء أبداً. فالشرط الكافي هو أن يكون لإسرائيل زعيم وائتلاف حاكم مستعدّان لتكثيف الجهود لاغتنام الفرصة التي أوجدها موت السنوار. فهل يستطيع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يرقى إلى مستوى صورته الذاتية التشرشليّة وأن يوافق على شيء رفضه في السابق، ألا وهو مشاركة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية بعد إصلاحها في قوّة حفظ سلام دولية تتولّى غزة بدلاً من حماس بقيادة السنوار؟”.

أفكار تتمّ مناقشتها

ينقل فريدمان عن مصادر دبلوماسية أميركية وعربية وإسرائيلية أنّ وزير الخارجية أنتوني بلينكن، بتوجيه من الرئيس بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس، ووليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، وعبد الفتاح السيسي من مصر، ومحمد بن زايد من الإمارات العربية المتحدة، يناقشون أفكاراً حول ما ينبغي القيام به في اليوم التالي لانتهاء هذه الحرب لإعادة بناء غزة بعد حماس، وخلق الظروف لمحاولة أخرى من جانب إسرائيل والفلسطينيين للتفاوض على مستقبل مختلف في كلّ من غزة والضفة الغربية.

تتلخّص الفكرة العامّة، كما يوضح فريدمان، في أن يوافق رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على تعيين رئيس الوزراء السابق سلام فياض، أو أيّ شخص يتمتّع بسمعة طيّبة بعيدة عن الفساد، كرئيس وزراء فلسطيني جديد لقيادة حكومة تكنوقراطية جديدة وإصلاح السلطة الفلسطينية، واستئصال الفساد، وتطوير الحكم وقوى الأمن. ومن شأن هذه السلطة الفلسطينية التي تخضع للإصلاح أن تطلب رسمياً وتشارك في قوّة حفظ سلام دولية تضمّ قوّات من الإمارات العربية المتحدة ومصر، وربّما دول عربية أخرى وحتى دول أوروبية، تُنشر على مراحل لتحلّ محلّ الجيش الإسرائيلي في غزة. ثمّ تصبح السلطة الفلسطينية مسؤولة عن إعادة بناء غزة بأموال الإغاثة التي تقدّمها السعودية والإمارات ودول الخليج العربي الأخرى، والأوروبيون، وعلى الأرجح الولايات المتحدة. وستحاول السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها وبتمويل عربي ودولي ضخم، استعادة مصداقيتها في غزة، ومصداقية حركة فتح الأساسية في السياسة الفلسطينية، وتهميش بقايا حماس.

يتطلّب هذا المفهوم من إسرائيل أن تسمح بمشاركة السلطة الفلسطينية في إعادة بناء غزة كجزء من القوة الدولية، وليس تبنّيها رسمياً، يوضح فريدمان، لكنّ نتنياهو يدرك أنّ العرب لن يشاركوا في قوّة حفظ سلام عربية/دولية لتنظيف الفوضى في غزة إلا إذا كانت جزءاً من عملية تؤدّي إلى إقامة دولة فلسطينية. وقد أوضح الأمير محمد بن سلمان، على وجه الخصوص، للجميع بوضوح تامّ أنّ المملكة لكي تمضي قدماً في التطبيع مع إسرائيل تحتاج إلى إنهاء الحرب في غزة وأن تكون أيّ قوّة حفظ سلام عربية خطوة تؤدّي ذات يوم إلى إقامة دولة فلسطينية. وهو يحتاج إلى أن يُظهِر في أعقاب حرب غزة أنه حصل من إسرائيل على شيء لم يحصل عليه أي زعيم عربي آخر من قبل، لأنه قد يمنح إسرائيل شيئًا لم يحصل عليه أي زعيم إسرائيلي من قبل: العلاقات مع موطن الحرمين الشريفين في الإسلام. كما أن بن سلمان ضروري لحمل الرئيس عباس على تعيين مصلح مثل فياض. وعباس يحترم محمد بن سلمان.

يحذّر فريدمان مجدّداً من أنّ “المبادرة الدبلوماسية لإنهاء الحرب على هذا النحو ستتطلّب التزام إسرائيل بمسار يؤدّي إلى إقامة دولة فلسطينية. وهذا من شأنه أن يؤدّي إلى معارضة شرسة من شريكي نتنياهو اليمينيَّين المتطرّفين، وزير الأمن القومي إيتامار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اللذين سينظران بتهوّر إلى مقتل السنوار وانهيار حماس ويعتبرانهما فرصة للاعتقاد بأنّهم قادرون على قتل كلّ عضو في حماس في غزة من أجل تنفيذ أجندتهم المتمثّلة في وضع المستوطنات اليهودية في غزة وتوسيعها في الضفة الغربية”.

إنّها لحظة تاريخيّة لنتنياهو وبن سلمان

يكتب فريدمان في مقال له هو الثاني هذا الأسبوع فرضته وفاة السنوار: “لطالما أراد نتنياهو أن يظهر أنّه شخصية تاريخية، وليس مجرّد تكتيكي يناور للبقاء على قيد الحياة سياسياً، لكنّه غير مستعدّ أبداً للمخاطرة الكبيرة لتغيير التاريخ. لكنّ هذه هي لحظته. فهل يعبر النهر أم يفعل ما يفعله عادةً، وهو مجرّد التجديف في منتصف الطريق وإخبار أولئك على كلّ جانب أنّه قادم في طريقهم؟”.

يشعر فريدمان “بالأمل أن يتوقّف قتل الفلسطينيين في غزة، ويُعاد الرهائن وتبدأ الدبلوماسية الحقيقية. وإذا ارتقى القادة المعنيون إلى هذه اللحظة، فقد يكون الكثير ممّا يدعو إلى الأمل”. فاليوم، في رأيه، هو البداية. ما يحدث في اليوم التالي لهذه الحرب هو كلّ شيء.

إيمان شمص

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.