علامة لـ «الشرق»: لبنان يتّجه بشكل حتمي نحو إنذار شديد اللهجة
هل يدرج لبنان على قائمة مجموعة العمل المالي في أيار المقبل؟
كتبت ريتا شمعون:
الشرق – إن تخفيض تصنيف لبنان ودخوله المنطقة الرمادية سيكون بمثابة ضربة كبيرة لبلد يعاني انهيارا اقتصاديا وسياسيا وماليا وأمنيا.
فبعدما منحت مجموعة العمل المالي لبنان في شهر أيار الماضي من العام 2023 فترة سماح لسنة لإتمام معالجات مالية ونقدية ومصرفية لتفادي وضع اسمه على اللائحة الرمادية بصفة دولة غير متعاونة.
وبعدما أصدرت مجموعة العمل المالي في الشهر الأخير من العام الماضي لائحة بالتوصيات المطلوبة من جانبها، كي يتفادى لبنان هذه السنة خفض تصنيفه، ركّز حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري سعيه أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن على تأخير ادراج لبنان على اللائحة الرمادية واعدا بخفض اقتصاد الكاش. وعليه، فإن البحث عن احتمالات خفض التصنيف بعد حوالى اسبوعين، يقودنا الى مراجعة توصيات المجموعة في أواخر العام الماضي، مع الخبير الإقتصادي الدكتور بلال علامة في حديث لجريدة «الشرق»: يشير علامة الى أنه منذ قرابة الخمس سنوات على بدء الإنهيار وحتى اليوم، يلاحق لبنان خطر الإدراج على اللوائح الرمادية للجهات الدولية المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، من أبرزها مجموعة العمل المالي FATF بالإضافة الى بعض المنظمات الدولية التي تساعد لبنان في عملية التنمية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بنك الإنشاء والتعمير وهي جهات رقابية دولية تراقب الوضع المالي فيه، وتحذّر وتضع شروطها للدول الأعضاء التي تتعامل معها. ويضيف علامة، فالمسؤولون لا يزالون يتعاملون باستهتار مع التحذيرات والشروط المالية الدولية، ومع ذلك، نرى أننا نتجه بشكل حتمي نحو إنذارشديد اللهجة، قبل ادراج لبنان على اللائحة الرمادية، إذ لا يمكن للبنان أن ينجو منها إذا استمرّت الأمور على هذا المنوال بدون معالجات جدّية، بل على العكس فإن دينامية الإنهيار التي تصرّ المنظومة السياسية المتحكمة بمفاصل البلد، على إكماله، ما يعني امكانية ادراجه في اللائحة الرمادية يزيد على الأعباء المالية والمصرفية تأزما جديدا، فيصعب معها توقع أي تحسن. وبحسب علامة، فإن لبنان لم يقم منذ سنوات بأي إصلاح حقيقي، يحدّ من تفشي اقتصاد النقد الورقي، ولم يتخذ لبنان حتى اليوم أي خطوة لإعادة هيكلة المصارف وهو ما نقل نسبة كبيرة من المعاملات المالية الى اقتصاد الكاش، بالتالي قد ترسم علامات استفهام حول كل أنواع تحويل الأموال للخارج. وأكد ان مجموعة العمل المالي عبّرت على مدى شهور عن قلقها من أن تقاعس الدولة في تنفيذ الإصلاحات وعدم التشديد في مراقبة أنشطة غسل الأموال وتمويل الإرهاب قد يضع لبنان على اللائحة الرمادية. أما إذا أحسنا التصرف والتزمنا بالمعايير الدولية فسنحصل على نتيجة أفضل، لكن بمراجعة سريعة لما وعدت الحكومة بتنفيذه يسأل علامة، أي من الوعود تحقق؟ من هنا يأتي أهمية إنعقاد مجموعة العمل المالي في أيار المقبل ومدى حساسيته وقد تمنح لبنان فرصة أخيرة، أما إذا تمّ ادراج لبنان على اللائحة الرمادية وأنا استبعد ذلك، إنما القرار سياسي نظرا لأهمية هذا الموضوع على مستوى السياسة الدولية، سائلاً: هل ترغب تلك الدول التي تشكل مجموعة العمل المالي بخنق لبنان ومعاقبة شعبه؟ وأكد علامة، أن السلطة السياسية لا تريد إصلاحات وتراهن على المتغيرات الكبيرة التي تحصل في المنطقة والإستفادة من تلك المتغيرات، بشراء الوقت، لعلها تكون لصالحها. هذا الواقع، سيسمح للمزيد من الضغوط على لبنان والتشكيك بحركة المدفوعات والتحويلات من والى لبنان، يعني ذلك التحويلات الى لبنان وخصوصا تحويلات المغتربين التي تبلغ نحو 7 مليارات دولار ستنخفض بشكل كبير ما سينعكس على حياة الكثيرين من اللبنانيين اقتصاديا واجتماعيا، وتقفل علينا أوروبا كل التعامل المصرفي ولا يعود بالإمكان التحويل او إستيراد الحاجات الأساسية للبنان وستتعرض المصارف الى ضغوط هائلة لا يمكن لأحد تحملها، وسيزيد من الركود الإقتصادي. ولا بد من التأكيد على ان الطبقة الحاكمة اللبنانية التي تتألف من نخب متداخلة في السياسية والأعمال والمصارف المفرزة طائفيا والقضاء، تقاسمت القطاعين العام والخاص وأنشأت منظومة تتيح لها اقتطاع ايرادات مالية من أي نشاط اقتصادي في لبنان، ولم تبد استعدادا لإجراء الإصلاحات خوفا من خسارة امتيازاتها لا بل تستفيد اليوم من الفوضى المالية، وأغلب الظن هي متواطئة أو مشاركة مع من يريد خراب ما تبقى من لبنان ربما تكون دول لها مصالحها الإقليمية والإقتصادية، حيث لم يعد هناك للأسف ما يسمىالإلتزامات التضامنية بين الدول، مشيرا الى ان تقاطع المصالح الدولية يجعل من طرفي الدول تلك التي تقف الى جانب لبنان وأخرى تقف ضده، هنا تلعب النظريات السياسية دورا في القرار. وأكد علامة، أنه لا يخاف من الإنهيار المالي بقدر ما يخاف على استمرار الكيان اللبناني، في ظل الحديث عن تغيير النظام في لبنان أمام ضعف الدولة، مقابل مخطط ممنهج والنية قد تكون سيئة لضرب الإقتصاد اللبناني حتى الإنهيار الكامل لتغيير هويته، متسائلاً، كيف للحكومة أن تبقى مكتوفة الأيدي وكل ما حولها من مواقف وأحداث يدعو للتوتر ويطرح علامات إستفهام كبيرة مضيفا، تمارس الطبقة الحاكمة كل ما يساعد على هدم الوطن على مختلف الأصعدة سواء الإقتصادية أو التعليمية أو الصحية. كما أبدى علامة، شكوكا في قدرة الدولة على الوفاء بالهدف الذي وضعته لتجنب كأس اللائحة الرمادية، متخوفا من تغيير الصيغة والنظام في لبنان على المدى البعيد، ويعبر عن قلقه البالغ من الوضع الحالي، قائلاً: ضاع الوضوح وصرنا نمشي على المهوار وكأن لا شيء يحدث.