شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – نتنياهو الى وقف النار بالمجازر والأرض المحروقة
ابى بنيامين نتنياهو ان يتوجه الى اجتماع اعلان الموافقة على وقف القتال قبل ان يزنر بيروت وضاحيتها بزنار من النار ، تأكيداً على اللقب الذي استحقه بامتياز وهو «سفاح العصر» . بدا رئيس وزراء العدو كأنه يخوض حرب انتقام ليس من البشر وحسب انما أيضاً من الحجر والشجر ، وكذلك من الطبيعة وقد ملأ دخان قذائفه السامة أجواء العاصمة بالمواد الكيمائية التي أفاد خبير عسكري انها محظّرة الاستخدام في الحروب ، الّا ان العدو لا يقيم اعتبارا للقيم والأخلاق والقوانين الدولية ، وهذا دأبه من الأيام الأولى للحرب ، حرب «طوفان القدس» (غزة) ووليدتها حرب «الاسناد والمشاغلة» (لبنان) التي لم تلبث ان تجاوزت سابقتها لشدة ما مارس جيش الاحتلال من وحشية خرافية ، لتتحوّل الحربان الى أبادة موصوفة بكل ما للكلمة من معنى . كتبنا ، أمس ، هنا متوقعين ان تستعر نيران الحرب عشية وقف إطلاق النار ، وهذا ما حصل فعلاً أمس ، ولكنه خارج عن سياق الحروب ونواميسها .
في اي حال من الواضح ان نتنياهو قَبِل بالموافقة على وقف اطلاق النار مرغَماً ، ولو عاد القرار اليه لما أوقف هذه الحرب ، وهذا ما يُجمع عليه الاعلام العالمي ولاسيما الاعلام العبري في فلسطين المحتلة ، حيث لم يبقَ اي من وسائط الاعلام من دون ان يتحدث عن ان للرجل أهدافاً ذاتية ومصالحَ شخصية في استمرار الحرب باتت معروفة من الجميع بمن فيهم من يوالونه قبل معارضيه .
في أي حال المهم التوصل الى وقف القتال ، وما تبقى تفاصيل ولكنها على قدر كبير من الأهمية ليس فقط لأن الشيطان يكمن فيها وحسب ، بل لتعقيدات ما بعد وضع القرار موضع التنفيذ ابتداء من صباح اليوم . وفي هذه التفاصيل ما لا يتداوله الاعلاميون وأهل السياسة ، وتحديدا أصحاب الشأن من الرسميين . اذ من المعروف ان أمام انسحاب جيش حرب العدو من المناطق التي عبر اليها في الأيام العشرين الأخيرة ، داخل الشريط المحتل ، ولكن السؤال التفصيلي المهم هو : هل سيعود النازحون من ابناء تلك المناطق الى مدنهم وقراهم ، اي الى ما تبقى من منازلهم ، ليكونوا تحت سلطة جيش الاحتلال طوال الستين يوماً المقبلة ؟
انه سؤال/تفصيل مركزي جداً ، ولا يمكن تجاوزه والعبور فوقه ببساطة . فهل يلحظ اتفاق وقف القتال جوابا عن هذا السؤال المفصلي ؟!.
هذا النموذج يشكّل واحداً مما سيكون مطروحا أمام الهدنة المقترحة ، والتي يُفترَض ان تستمر عشرين يوماً ستكون حافلة بالإشكالات التي يجعلها مهدّدةً ، يومياً ، بالسقوط .
انها فعلا مرحلة حاسمة تُقاس بالساعات وليس بالأشهر والأسابيع والأيام.