شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – المنعة اللبنانية تقوى بانتخاب الرئيس
تتدحرج الحرب على لبنان لتبلغ الى آماد خطرة جداً، إذ يمعن العدو الإسرائيلي في تغطية فشله في غزة بشراء انتصار، ولو وهمياً، في لبنان يتمثل بإعادة النازحين من المستوطنين الى المستعمرات في شمال فلسطين. وهذا هو الهدف الاستراتيجي الجديد بعد فشل الهدفين المعلَنَين في قطاع غزة (استعادة الأسرى والقضاء على حماس قيادةً وكوادر). ومن الواضح أن حزب الله لن يدّخر جهداً لمنع العدو من تحقيق هدفه الذي يستخدم أقصى قوته وإمكاناته في سبيله، ما يحول الجنوب والبقاع وربما الضاحية الجنوبية أيضاً الى صورة (مكبّرة) عن القطاع.
وجراء هذا الواقع بالغ الخطورة يعيش اللبنانيون عموماً ولا سيما المقيمين في المناطق المستهدَفة بالعدوان واحدة من أصعب مراحل تاريخهم ويدفعون الكثير من أرواحهم وأرزاقهم وهنائهم. وبرغم هذه الصعوبة فإن الصمود يبقى عنوان المرحلة، فاللبنانيون ليسوا مبتهجين بالوصول الى هذه الحال إلّا أنهم يثبتون قدرة على المناعة في وجه العدو ما يدعو الى التقدير والإعجاب والاحترام.
ولكن أين السياسيون؟ وأين النواب؟ ولماذا تبقى العقد السياسية متحكمة بهم، فلا يستطيعون التقدم خطوة واحدة نحو إنجاز الاستحقاق الرئاسي الذي بات متأخراً أكثر من سنتين على موعده (المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس بدأت في الأول من شهر أيلول 2022) . وهل فاتهم أن لبنان انتخب، توالياً، خمسة رؤساء للجمهورية وسط الحرب بالرغم من الخلافات الأفقية والعمودية والقذائف والمفخخات والقتل على الهوية… (الياس سركيس، بشير الجميل، أمين الجميل، رينيه معوض والياس الهراوي). والجماعة السياسية عاجزة، قبل هذه الحرب وخلالها، عن القيام بواجبها الوطني في انتخاب الرئيس، من خلال العناد والتمسك بالمصالح الذاتية الآنية، من قِبَل الأطراف الفاعلة كلّها من دون أي استثناء.
وفي تقديرنا أن مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – ايف لو دريان لن تكون مختلفة عن سابقاتها في عدم التوصل الى أي خرق ما بقيت المواقف السياسية على حالها، بالرغم من المستجدات المزدوجة في لبنان حيث نيران الحرب تأكل الأخضر واليابس وتختطف أرواح الأبرياء بالمئات، وفي فرنسا حيث تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة السياسي اليميني المخضرم ميشال بارنيه (73 عاماً) الذي اختاره الرئيس إيمانويل ماكرون عكس نتائج انتخابات الجمعية الوطنية الفرنسية.
ومع أننا لا نغرق في الوهم، ونعرف أن الرئيس الذي سيأتي (إذا أتى) سوف لن «يشيل الزير من البير»، ولكن وجوده يسد فراغاً قاتلاً ويشكل غطاءً شرعياً لصمود الشعب اللبناني الصابر والمناضل الحامل ما لا يحتمل كاهله… وأما الأكثر ثقلاً فهذه الطبقة السياسية الفاشلة والمدعية.