شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – القرار شبه حتمي: «سيد نفسه» يمدّد لنفسه
لم يعد تمديد النواب الحاليين لأنفسهم، في ساحة النجمة، مجرد «بضاعة حكي»، بل لعلّه قرارٌ متّخذٌ في النفوس على أمل أن يصبح حبراً على ورق في النصوص. والسادة النواب ليسوا في حاجة الى أسباب موجبة حتى «يعملوها»، علماً أن تلك الأسباب عديدة وأوّلها تلك الرغبة الدفينة في طوايا العديدين منهم، والتي باتت معلَنة، على المكشوف.
ومع ذلك فهم سيجدون العشرات من تلك الأسباب التي لا يقنعنا أيٌّ منها مهما كثرت الاجتهادات والتفسيرات والمزاعم والتبريرات التي لا تبرّر شيئاً.
والإشارات التي أصدرها الرئيس نبيه بري ذات مدلولات كفيلة للظن بأن التلويح بالتمديد لهذا المجلس النيابي الفاشل جداً ليست، فقط، لممارسة ضغوط معنوية على الأفرقاء، إذ هي بداية مرحلة إعدادية لما هو آتٍ حتماً ولا ريب فيه.
إن هذا الوطن ينحدر بقفزات قياسية، والفراغ في رأس الدولة والسلطات والمواقع الإدارية والقيادية، بما فيها في العسكر والأجهزة على خلافها، والقضاء والسلك الخارجي الخ… هذا الفراغ يتلازم مع الانهيار المالي والاقتصادي، ويتزامن مع التردي الخطر في مستوى التعليم على مختلف درجاته، ومع فقدان لبنان آخر مقومات صموده، في وقت تستنزف الحرب الكثير والأكثر من عافيته، وتُصْلَتُ فوق رؤوس مسؤوليه سيوف العقوبات مع افتقاد معظم هؤلاء الصدقية والنزاهة الخ..
وهذه الحال تعني بشكل مباشر إن استعادة العافية ليست في المتناوَل مع هذه القيادات الهجينة التي لا يعنيها سوى انتفاخ جيوبها وخزائنها على حساب استشراء الجوع والفقر والهوان والمذلّة التي تضرب الناس وقد تحوّل ما تبقى من وطنهم الى حقيبة سفر.
ويجب ألّا يفوتنا أن لهذا الانهيار الخرافي آباءً عديدين: إذ ثمة الذين، في الفريق المسيحي، ضاقوا ذرعاً بالتهميش بعدما كانوا في الريادة، فباتوا يؤثرون أي لبنان آخر. وهناك الذين يدفعهم فرط القوة، في الفريق الشيعي، الى البحث عن لبنانهم الذي يتلاءم ووضعهم السياسي (الدستوري) فيه مع قوتهم وقدراتهم. ولسنا ننسى الذين انقلبت عليهم عاديات الزمن، في الفريق السني، فباتوا مهمّشي الدور بعدما كان امتدادهم مع الأمة والإقليم يعطيهم النفوذ والفاعلية (…) وبالتالي لم يعد أي طرفٍ ليقبل بالواقع الحالي.
وتكفي نظرة الى سفراء «الخماسية» يجتمعون ليقرّروا عن أهل الوطن، قادةً ومسؤولين وحتى اللبنانيين العاديين، لندرك الى أي درْكٍ هبطنا.
ويبقى، في تقديرنا، إننا إذا وصلنا الى التمديد للمجلس النيابي الذي تنتهي ولايته بعد نحو سنة ونصف السنة نكون ندق المسمار الأخير في نعش الصيغة والميثاق… وعندئذ ستكون النهاية الكارثة التي لا قيامةَ بعدها.