شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – الفصل بين المبادرتين
حرص وزير الخارجية الفرنسي مسيو سيجورنيه على الفصل بين المبادرتين الفرنسيتين من أجل لبنان. الأولى مبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون الهادفة الى انتخاب رئيس للجمهورية المكلَّف إدارتها الموفد الرئاسي جان – إيف لودريان المتواري حالياً عن الأنظار اللبنانية وقد انتهت تلك المبادرة في عهدته بعد طول تعثر وتقلّبات منذ أن بدأت على معادلة زعيم تيار المردة الوزير سليمان فرنجية للرئاسة الأولى والسفير نواف سلام لرئاسة مجلس الوزراء، وقد أدّى تراجع باريس عنها والانتقال الى ما أسمته «الورقة الثالثة» (أي الخيار الثالث البديل للمرشحَين سليمان فرنجية وجهاد أزعور) الى سوء العلاقة بين ماكرون وحزب الله اللبناني. والمبادرة الثانية مرتبطة بالحماوة الحربية في الجنوب، والتهديدات الإسرائيلية التي تتجاوز التلويح بالحرب الموسعة الى شبه إعلانها على لبنان.
واللافت أن جميع الأطراف اللبنانية وحتى الجهات الخارجية ذات الصلة بالتطورات في لبنان والمنطقة، لا تعلِّق كبير أمل على الدور الفرنسي الجديد، اذ هي مقتنعة بأن الولايات المتحدة الأميركية وإحدى الدول العربية النافذة اللتين عرقلتا مبادرة قصر الإليزيه الرئاسية في لبنان لن تسمحا (لاسيما واشنطن لن تسمح) بإعطاء هكذا دور لباريس.
وفي هذا السياق يقول الديبلوماسي الأوروبي الغربي، صديق لبنان، والذي كثيراً ما ننقل بعضاً من وقائع أحاديثنا وإياه، شبه الأسبوعية، الى قراء «شروق وغروب»، وهو الذي لم يتقاعد بعد ولا يزال ناشطاً فاعلاً في السلك الديبلوماسي في بلده، يقول لنا: لا تعوّلوا كثيراً على حراك وزير الخارجية سيجورنيه إذ ان دوره لا يتجاوز «الحراك الامانويلي» في الوقت الرئاسي الفرنسي الضائع، وسيكتشف اللبنانيون أن ليس ثمة جديدٌ في مقترحاته، وبالتالي فهو لن يتوصل الى أي اقتراح قابل للتنفيذ. ويسهب الديبلوماسي الغربي في الكلام على هذه النقطة، مضيفاً عليها «الرأي الشخصي والاقتناع» بأن رئيس «الكاي دورسيه» لم يحصل على الضوء الأخضر من الأميركي. وفي تقديره أنه في غياب الدعم الأميركي لأي مبادرة، سيان أكانت ذات صلة بالجنوب أم في غزة أم في أي مكان آخر حيث لواشنطن النفوذ والدور والمطامح، لن ينجح الفرنسي ولا أي طرف آخر. ويستدرك قائلاً: هذا لو افترضنا، على سبيل الجدال، أن المبادرة الفرنسية ذات مقوّمات للنجاح، فكيف الأمر إذا كانت إمكانات النجاح غير متوافرة في الأساس.