شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – الرد الذي أراح الجميع
ليس مهماً عدد الصواريخ والمسيّرات التي أطلقتها إيران اتجاه إسرائيل. فعلى أهمية ذلك، حدَثاً وأبعاداً، يبقى المهم والأهم أن الرد الإيراني حصل، ونقطة على السطر. وفي التقدير أن هذا الرد أعطى فسحة راحة للجميع باستثناء الإسرائيلي.
لقد ارتاحت طهران لأنها أزالت عن كاهلها عبئاً ثقيلاً جداً، جراء الضغط الذي صعّده حلفاؤها في المنطقة من لبنان الى اليمن مروراً بسوريا والعراق وغزة بالطبع. فهذه الجهات كانت محرجة مرّتين: مرّة أولى لأن إيران لم تكلفها (فرادى وجماعة) عناء «الرد بالنيابة» على الهجوم على القنصلية في سوريا، ومرة ثانية لأن عدم الرد الإيراني كان سيترتب عليه الكثير من الشماتة والتجريح من الأعداء والأخصام. ثم ارتاحت إيران لأنها أثبتت أنها تقرن التهديد بالتنفيذ. ولأنها، أي طهران، دخلت تاريخ الصراع مع الاحتلال الصهيوني من الباب الإيراني وليس من نوافذ الحلفاء وفي طليعتهم حزب الله اللبناني.
والارتياح الإسرائيلي مردّه، أيضاً، الى أن إصابة القاعدة العسكرية الصهيونية هو حدث لا يمكن تجاهله أو المرور فوقه.
كما تمكّن الإيراني من أن يثبت أن إسرائيل أصيبت في هيبتها اذ كانت بلا حَول ولا طَول لولا الجيوش (الأميركي والبريطاني والفرنسي) المنتشرة في المنطقة التي صدّت الصواريخ والمسيرات المحملة بأطنان المتفجرات. وهذا الدفاع المباشر، من قبَل الآخرين، عن إسرائيل، هو ما يضع هذه الأخيرة تحت علامة استفهام مصيرية.
ولقد ارتاحت واشنطن، ارتياحاً نتخيله كبيراً. كونها أدارت كل شيء بما هو بمثابة «ريموت كونترول» أدار «اللعبة» بتفاصيلها كلها، ولأن الجميع تقيد بتفاصيل «التفاهم» الذي حدّد الأميركي تفاصيله ومداه بالفاصلة والنقطة والميلليمتر… وليس ثمة ضرورة للدخول في التفاصيل .
وكذلك ارتاحت كلٌّ من لندن وباريس اللتين جرّبت كل منهما منظومتها في التصدّي للمسيَّرات والصواريخ. وهذا ما نجحت به الدولتان اللتان أدّتا، بامتياز، دور «التابع» الذي يدور في الفلَك الأميركي بامتياز.
ويأتي اللبنانيون، على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، في طليعة الجهات التي ارتاحت للرد الإيراني، لأنهم كانوا يضعون أيديهم على قلوبهم، خشية أن يتولّى حزب الله الرد نيابة عن طهران، ما قد يوسع «حرب المساندة والمشاغلة» فيقع بلدهم الصغير المعذّب أمام مأساة وأوجاع كبيرة…
أمّا لماذا تبقى إسرائيل، وحدَها، في قلق مصيري؟ فلأنّ السؤال الكبير المطروح في كيان الاحتلال اليوم هو: أين كنا، وأي مصير لولا الأميركي والبريطاني والفرنسي؟!.
khalilelkhoury@elshark.com