حرب إسرائيل – الحزب صراع “اللامتغلّب”
بقلم عماد الدين أديب
«أساس ميديا»
السؤال المحوري: هل يمكن للحزب أن يهزم إسرائيل عسكرياً؟
الإجابة المباشرة:
• يستطيع أن يصدّ الهجوم.
• يستطيع أن يمنعه.
• يستطيع أن يردعه.
• يستطيع أن يردّ عليه.
لكن منطقياً وحسابيّاً واستراتيجياً وعسكرياً لا يستطيع أن يكسره.
منطق السيّد حسن نصر الله يتطابق مع منطق حركة حماس الذي يتوافق في نهاية المطاف مع منطق الحرس الثوري الإيراني.
منطق السيّد:
• المعركة الحالية هي معركة حماس وما تقبل به في التفاوض.
• وقف إطلاق النار في غزة هو السبيل الوحيد الذي يؤدّي إلى وقف النار في الشمال والحدود الجنوبية للبنان.(خطاب السيّد الأربعاء 10 تموز 2024).
• حماس تفاوض عن الحزب وعن محور المقاومة.
• إنّ قدرات الجيش الإسرائيلي أثبتت أنّها لم تستطع بعد 9 أشهر في غزة (360 كلم2) أن تحرز نجاحاً، ولم تنجح أيضاً برفح (27 كلم2) في أن تحقّق شيئاً وما زال الجيش الإسرائيلي هناك يطالب بمهلة زمنية إضافية للنجاح.
المنطق المعاكس والمضادّ لمنطق السيّد يقول:
• موازنة الحزب العسكرية التي تأتي من طهران سنوياً ما بين سلاح وقطع غيار وسيولة نقدية لا تتجاوز مليار دولار، بينما موازنة تسليح إسرائيل العسكرية في ظروف السلم تبلغ 24 مليار دولار.
في حالة مثل مرحلة ما بعد 7 أكتوبر الماضي تضاعفت نوعية السلاح والذخائر والصواريخ والدعم الماليّ المباشر.
• تمارس إسرائيل عملياتها العسكرية ضدّ العسكريين والمدنيين في جنوب لبنان تحت غطاء سياسي أميركي – أوروبي يعطيها شرعية حقّ الدفاع الشرعي عن النفس ضدّ الإرهاب المدعوم من إيران.
• عدد قوات الجيش الإسرائيلي المقاتلة يتعدّى 450 ألفاً ويمكن تحت التعبئة الشاملة أن يقارب مليوناً، بينما تضمّ قوات الحزب مئة ألف مقاتل، ومن ضمنها قوات الرضوان (النخبة) التي يراوح عددها بين 25 و30 ألف مقاتل.
المعركة بالأرقام
نأتي إلى حسابات الأرقام التي انتهت إليها عمليات يوم 8 تموز الأخير على النحو التالي:
ما تمّ رصده من خسائر للفريقين:
1- خسرت إسرائيل في عملياتها من العسكريين على جهة الشمال 21 مقاتلاً مقابل خسارة المقاومة 330 نحسبهم من الشهداء بإذن الله.
2- بالنسبة للتهجير فقد أدّت العمليات إلى هجرة ونزوح أعداد متساوية للطرفين على جانبي خطوط القتال. الفارق الجوهري أنّ النازحين الإسرائيليين يقيمون على نفقة الدولة العبرية في فنادق مدفوعة بالكامل، بينما أهلنا في الجنوب من النازحين يعيشون على كفاف يومهم في بيوت الأقارب وأهل الخير.
أخطر ما في عمليات إسرائيل في جنوب لبنان هي العمليات النوعية التي تغتال أهّم رتب وعناصر من القيادات العملياتية للحزب، وهدفها من ذلك التالي:
• تريد إسرائيل أن تثبت للحزب أنّ يدها طويلة تستطيع أن تصل بها إلى أيّ هدف قيادي في الحزب لديه فعّالية على مسرح العمليات.
• بعض العمليات تختار القيادات في أماكن سكنية أو مكاتب سرّية للحزب وكأنّها تقول: “نحن نعرف أمكنة وجود رجالكم بالتحديد وفي أيّ توقيت وننجح في تصفيتهم عبر صاروخ مباشر أو مسيّرة”.
من هنا كانت أهمّية الرسالة التي بعث بها السيّد حينما تحدّث عن الهدهد وعرض فيلماً مصوّراً يبيّن نجاحه في تصوير أهداف نوعية واستراتيجية إسرائيلية، وكأنّ السيّد يريد أن يبلغ الإسرائيليين أنّه إن كنتم قادرين على الوصول إلى بعض قياداتنا فنحن أيضاً لدينا القدرة على الوصول إلى أعماق أعماقكم وإلحاق الضرر بأهداف مختارة عسكرية أو مدنية إذا اضطررنا.
اتّخذ الحزب مجموعة إجراءات مشدّدة بعد تصاعد الاغتيالات، فمنع التواصل الميداني أو الإداري عبر الهواتف المحمولة واختصار الاتصالات على استخدام الهواتف الأرضية القديمة المؤمّنة بأنظمة الخطوط الخاصة بالحزب غير المرتبطة بشبكة اتصالات نظام الاتصالات الحكومي للبنان.
شدّد الحزب على تبادل رسائل العمليات عبر كلمات مشفّرة يتمّ تعديلها بشكل دوري.
تمّ اعتماد أسلوب التواصل ونقل الرسائل عبر أفراد محدودين عليهم أقصى درجات الرقابة الأمنيّة.
تستمرّ أجهزة أمن الحزب بشكل مكثّف في محاولة التعرّف على أسباب تعرّف وتمكّن أجهزة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية من اختراق النظام الحديدي والصارم لاتّصالات الحزب.
العرب يحمون السّيّد
لا تمتلك إسرائيل بلّورة سحرية لكشف ذلك، لكنّها تمتلك ما يعرف بنظام “بيغاسوس” الخاصّ بالاختراق السلكي واللاسلكي وكلّ وسائل الاتصالات الإلكترونية، ويتمّ تصنيف نظام “بيغاسوس” الإسرائيلي ونظام “سيتاديل” (القلعة) الألماني كأقوى نظامَيْ اختراق في العالم.
لدى إسرائيل أيضاً اتفاقات أمنية وبروتوكولات تعاون مع استخبارات واشنطن وبرلين وباريس ولندن، وأيضاً لديها تعاون مع محطّة التنصّت البريطانية الموجودة في قبرص والتي ترصد وتكشف كلّ اتصالات منطقة الشرق الأوسط.
على الرغم من رغبة نتنياهو في إطالة أمد الحرب لإطالة أمد عمره السياسي، يدرك عدم رغبة أركان جيشه في القيام بعمليات برّية مدعومة ويدرك أيضاً أنّ واشنطن ترجوه احترام قواعد الاشتباك.
أكبر عنصر ضاغط على نتنياهو هو ضرورة عودة المستوطنين إلى منازلهم في مستوطنات الشمال قبل الموسم الدراسي الذي يتمّ الاستعداد له في آخر عشرة أيّام من آب المقبل، لأنّه ما زالت تلك الفكرة الشيطانية التي تراوده، وهي إحراز انتصار سيكولوجي أو تقديم هديّة سياسية لأنصاره من خلال تصفية السيّد حسن نصر الله.
في هذا السياق يمكن القول إنّ مسؤولاً من دولة عربية مشرقية أبلغ رئيس الاستخبارات الأميركية ويليام بيريز أنّه على الرغم من الخلاف العربي مع الحزب من الناحية المبدئية والنظرية والاستراتيجية وعلاقاته الارتباطية بإيران، تحذّر كلّ هذه الدول (أي دول الاعتدال جميعها) تحذيراً شديداً من المساس بشخص السيّد.
عاد هذا المصدر وأكّد أنّ مثل هذه الفكرة هي لعب شديد بالنار في منطقة بالفعل مشتعلة ولا تحتاج إلى سكب مزيد من الزيت على هذا الجحيم المشتعل على الرغم من استخدام عبارة “the existing hell”.
أكبر متابع وموجّه لعمليات الاختراق الأمني ضدّ الحزب هي وحدة الاستخبارات الميدانية 869 التابعة للغرفة 91 والاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
هذه الوحدة لديها قائمة من مئة شخصية قيادية للحزب.
قامت هذه الوحدة بالاختراقات الأمنيّة وأشرفت ونفّذت عمليات تصفية لكلّ من إسماعيل يوسف باز قائد القطاع الساحلي لقوات الحزب، ووسام الطويل ومحمد شحوري وعلي حسين وعلي الدبس وعباس رعد القائد في قوة الرضوان وصولاً إلى حسن سلامي القائد في وحدة ناصر، وأخيراً علي برجي قائد منطقة الجنوب.
يجعل كلّ ذلك الحرب الحالية حرباً مفتوحة قابلة لكلّ الاحتمالات بدءاً من الحرب الشاملة التي تتحوّل صعوداً وهبوطاً إلى صراع مفتوح أو صراع مرحلي يهدف إلى تقوية شروط حصّة إيران في تسوية إقليمية شاملة برعاية أميركية.
عماد الدين أديب