حديث الاثنين – بقلم وليد الحسيني – كلنا في الهم شرق

61

يتحدثون عن تسويات إقليمية نضجت، وحان قطافها.
يقولون أن في مسقط تحاك علاقات أميركية – إيرانية، تبنى على مقتضاها حلول لأزمات، فككت المنطقة وفتكت بشعوبها.
يرددون أن كل الخلافات باطلة… وكلها زائفة… وأن عصراً من «الرومانسية السياسية» آت لا محالة.
ترى ماذا حدث، ليحدث كل هذا؟.
ترى ما الذي يجعل السيد علي خامنئي يهيم كإبن الملوح متيماً بحب السعودية؟… وما الذي يجعل الأمير محمد بن سلمان يغفر لإيران خطاياها الحوثية في حرب «عاصفة الحزم» والضربات المتكررة لشركة أرامكو العملاقة؟… وهل منع «الغفران الأميري» سيطرة الإيراني، عبر الحوثي، على التجارة العالمية في البحر الأحمر؟.
وهل فعلاً بدأ الغرب يلهث وراء حل الدولتين في فلسطين؟… وهل سيرضى العدو الإسرائيلي بالقرار الأممي 181 الصادر في العام 1947، حتى ولو ثُقب التقسيم جغرافياً بمئات المستوطنات، المنتشرة كالجدري على كامل التراب الفلسطيني؟.
إذاً، الأمور ليست معقدة، كما يوحي الواقع.
كل شيء سينتهي كما تشتهي سفن المنطقة!!.
كأن ترامب لن يتربع مجدداً على «كرسي الجنون» في البيت الأبيض؟…
ولن تمزق أنيابه الحادة، أي اتفاقات يعقدها بايدن «الزهايمري» مع إيران.
وكما كان «الربيع العربي» كذبة شيطانية، فإن «الربيع الدولي» الموعود، هو لعنة شرق أوسطية، ستتداولها الأجيال بكثير من الفواجع والكوارث.
من حقائق التاريخ، أن العواصف التي تعصف بمنطقتنا، تهب فور أن تهدأ… فحيثما تنظر تنتظرك عاصفة ما… فكلنا في الهم شرق.
وإذا كانت غزة هي التي تغز في قلوبنا مآسيها، فإن لغيرها نصيباً من مآسينا.
في الفائض من أخبار قطاع غزة، تذكر النشرات شيئاً عن «الحرب المنسية» في السودان… رغم أن ضحاياها أكثر عدداً، وجوعها أشد ضراوة، ودمارها أوسع مساحة.
ما كانت غزة لتكون بهذا الحضور العالمي، لو كانت حرباً بين عربها وعربها… لكنها حرب مع الإسرائيلي، الذي هو أثمن ما في الوجود الدولي، وبالتالي، الإعلامي.
وكي لا تدوخ وأنت تحاول أن تفهم، يصعب تفهّم إنحياز مصر والسعودية وإيران وتركيا إلى «البرهان» المتسلط على السلطة في الخرطوم، والمتسلح ببقايا إسلاميي عمر البشير، في مواجهة الدعم السريع المدعوم مدنياً وديمقراطياً.
البرهان مجرد ديكتاتور أمضى إلى الآن، خمس سنوات في الحكم، ممدداً لنفسه سنوات المراحل الانتقالية… وإلى أن ينتقل السودان إلى رحمة التقسيم أو الزوال.
وسوريا ما زالت تستبدل شعبها بشعوب آخرى… وتخطط لمجاعات أكثر جوعاً… ومع ذلك لا تجد من يذكرها إلا في لبنان عند الشكوى من اللجوء السوري!.
ولبنان الذي يستحيل إحصاء كوارثه، يستحيل أيضاً عدّ عدم أكتراثه بمعالجتها!.
والسعودية، التي تتنمرد على بايدن، كأنه يحكم أبدا، تتجاهل حماقات ترامب، وكأنه لن يأتي غدا!.
وإيران، التي توقفت عن تجرع كأس السم بعد صدام حسين، أوكلت تجرع كؤوسها للفلسطينيين واللبنانيين والحوثيين!.
لقد لخص حالنا الشاعر معروف الرصافي، قبل زمن طويل، قائلاً:
لا يخدعنك هتاف قوم للوطن… فالقوم في السر غير القوم في العلن
لكنهم ما زالوا يهتفون… وما زلنا ننخدع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.