حديث الاثنين – بقلم وليد الحسيني – شهيد… وثلاثة قَتَلة

50

القائد مات.
السيد كان هنا.
غادر… لكنه لن يغادرنا.
هو اليوم وغداً حكاية وطن بانتصاراته ومآسيه.
قتلوه… وإن تعددت الأسباب واختلفت.
ثلاثة قتلة فعلوها:
أميركا بأسلحتها الخارقة لأعماق الأرض… وإسرائيل، التي لم يعد من محارب لها سواه، بعد أن تخلى عن معاداتها جميع الأعداء… وإيران، التي حمّلته فوق ما لا يحتمل لبنان، وتركته، عند الحاجة، وربه يقاتلان.
لقد فقدناه، عندما لم يؤدب إسرائيل بصواريخه الدقيقة والذكية، فأدبتنا هي بوحشيتها وإجرامها واغتيالاتها وتدميرها.
«المجاملة» كبلت القدرات، وكبحت الإرادة والقرارات… فإيران ترى في الضربات الاستراتيجية وجعاً إسرائيلياً، يحرج أميركا ويضعف فرص كامالا هاريس في الوصول إلى البيت الأبيض، ويضاعف فرص ترامب.
هاريس، الأوبامية المنبع والمصب، هي في طهران طريق سالك إلى الأخوة ورفع العقوبات، في حين أن ترامب يمثل عودة أميركية إلى «الشيطان الأكبر».
هذا إيرانياً.
أما عربياً، فلا ندري ما إذا كانت كامالا أكثر صهيونية من ترامب… وما إذا كان ترامب أكثر كراهية للفلسطينيين خاصة وللعرب عامة.
قضي الأمر، ووقع لبنان في الفاجعات.
فقدنا السيد… ولم تعد «هيهات منا الذلة» تليق بما نعانيه من نزوح جماعي، وقتل عشوائي وتدمير يتفوق على ناغازاكي وهيروشيما.
إذاً، كيف للبنان ان يخرج من محن، ونحن الذين نسعى إليها ونستزيدها بالأقسى والأشد؟.
كيف وقد أختُصرت دولتنا بالهيئة العليا للإغاثة…وأصبحت الناس المفجوعة تنتظر الإجتماع باللواء محمد خير، بعد أن أحبطتها اجتماعات مجالس الوزراء؟.
كيف وقد لجأنا إلى مجلس الأمن فلجأ إلى الفشل؟.
كيف وقد تسولنا الجمعية العامة للأمم المتحدة فردت علينا بـ «يفتح الله»؟.
لا مفر من أحد حلين.
إما دولة تقف بعد أن طال زحفها… أو أن تزحف الأحداث بنا إلى دولة تسحب من التداول في سجل الدول.
وفي الحلّين يلعب حزب الله الدور الأكبر والأقدر.
سمعناه في أكثر من زمان ومكان، يقول أنه «يقف وراء الدولة»… فهل يساعدنا في البحث عن الدولة التي يزمع ويزعم أنه يقف وراءها؟.
هل يعيد إلى لسانها المتلعثم القدرة على النطق السليم، ومن ثم، التسليم بالقرارات الدولية؟.
هل يسمح بالفرج ويفرج عن انتخاب الرئيس؟.
لكن رياح نتنياهو تختار لنا الحل الآخر.
تقول أخباره الجغرافية أنه جهّز لوحات لأسماء قرانا الجنوبية بأسماء عبرية.
وتقول أخبارنا الداخلية، أن التعاطف الإنساني مجرد رماد، يغطي نيران الأحقاد والشماتة والكراهية.
بهذا التزوير للعيش المشترك، يشترك الجميع بزوال العيش في وطن مأكول إسرائيلياً… ومتروك عربياً… ومهجور دولياً.
لكن ما هو دور حزب الله، إذا ما دارت على لبنان، مثل هذه الدوائر؟.
أيضاً، أمامه حل من إثنين.
إما متابعة مجاملة طهران، واستمراره البحث في بنك الأهداف المهملة… أو العودة إلى لغة الميدان والتغلب على الهزيمة بانتصار ضيّعه الإنتظار.
وليد الحسيني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.