حبيقة “للشرق” الألوية اليوم لوقف إطلاق النار والقطاعات الإقتصادية الأكثر تضررا الخدمات ، والتعليم والزراعة

15

كتبت ريتا شمعون

لا توجد عائلة لبنانية، لم تدفع ثمن الحرب، ولا بيت لم يتفرق جرّاء الهجرة أو النزوح، ولا منزل لم يدمّر في الجنوب والبقاع –الهرمل والضاحية الجنوبية لبيروت ، فلماذا علينا دفع هذه الكلفة الباهظة ؟

من صيف واعد، الى حرب ودماء ودمار، ومن مطاعم ” مفولة” بالمغتربين الى شهداء وجرحى في المستشفيات، من طائرات السياح في مطار رفيق الحريري الدولي، الى استقبال طائرات المساعدات والى أكبر عملية إجلاء للرعايا الأجانب من لبنان.

في أي حال، إن اي حرب على كل الأراضي اللبنانية ستكون مدّمرة على الإقتصاد اللبناني الهش كما وصفه صندوق النقد الدولي في بيانه الأخير الذي حذّر فيه من تفاقم الإقتصاد الكلي خلال الحرب الدائرة في لبنان التي ستخلف خسائر فادحة سيكون لها الأثر الكبير على الواقع الإجتماعي.

في هذا الإطار، يؤكد  الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة في حديث لجريدة ” الشرق” أن كل القطاعات تضررت من جراء الحرب الدائرة لافتا الى أن القطاع الأكثر تضررا ” قطاع الخدمات”  أبرزها السياحة، نتيجة تراجع حركة المطار وتراجع أعداد الوافدين من سياح ومغتربين، ثم القطاع التجاري،  القطاع التعليمي والقطاع الزراعي.

فالقطاع الزراعي  في لبنان مستهدف بشكل عام ، ولفت حبيقة، الى أن المزارعين لم يتمكنوا من زراعة  أراضيهم  خصوصا في الجنوب بسبب التهديدات والإستهدافات اليومية للطائرات الحربية الإسرائيلية التي لم تتوقف على القرى الجنوبية المحاذية للشريط الحدودي وعلى قرى سهل البقاع مما يشكل خطرا كبيرا على حياة المزارعين، مضيفا: أن الخسائر كبيرة لا يمكن تقدير حجمها المادي بدقة في الوقت الحالي.

ومما لا شك فيه، أن الحرب شكلت ضغطا هائلاً على الإقتصاد اللبناني الذي كان قد بدأ يتعافى في العام الماضي مدفوعا بالنشاط السياحي ، إلا ان هذا المسار تغيّر منذ العام 2023  أي منذ بدء حرب غزة والجنوب ، ليصاب بانتكاسة الحرب  التي فرملت الإندفاعة وأدخلت البلاد في مرحلة جمود .

وسال  حبيقة، عن مصير القطاع التربوي في لبنان، إنطلاقا من استخدام المدارس والمهنيات كمراكز إيواء للنازحين، يضاف اليها عدد من مباني الجامعة اللبنانية، متخوفا من ان يقترب العام من نهايته  ولكنه فعليا كأنه لم يبدأ بالنسبة الى عدد كبير من تلامذة المدارس في ظل تصاعد الأحداث الأمنية  بمعنى ” عام بلا تعليم”.

وفي سياق حديثه عن القطاع الصناعي، اشار حبيقة  الى انه ، المصانع معطلة في الجنوب وبعض المناطق البقاعية، لافتا الى بعض الصناعات في مناطق الوسط والشمال وجبل لبنان ، ما زالت تعمل وربما ستنتعش اكثر لأنها ستلبي حاجات النقص في الأسواق.

وقال ، إن الخسائر التي مني بها لبنان جراء العدوان الإسرائيلي الذي تصاعد بشكل كبير خلال الأسابيع الأخيرة  كبيرة جدا مشيرا الى ان التقدير الأوّلي نحو 4 مليار دولار اميركي  مما له  تأثير اقتصادي سلبي مباشر على نطاق صغير ثم على نطاق سلبي أوسع.

وأضاف حبيقة، لبنان يبدأ رحلة التعافي من الحرب والأزمة الإقتصادية فور تحقيق وقف إطلاق النار، خصوصا القطاع السياحي الذي سيستعيد حيويته شيئا فشيئا معولا عليه لإنعاش البلد ولمتابعة الإنجازات الذي حققها في الموسم السياحي منذ  أقل من عام.

ورد على سؤال، يرى أن حكومة تصريف الأعمال تحاول قدر المستطاع العمل على التهدئة وعلى مواكبة التطورات ، والمنطلقان هما، دور حكومة تصريف الأعمال في حال الأزمات الكبرى، فهي تواصل إتصالاتها داخليا وخارجيا لوقف إطلاق النار” وهذا أفضل الممكن”.

ولا يرى حبيقة ضررا في إقرار موازنة العام 2025 في مجلس الوزراء ، خصوصا أن الموازنة سوف تشهد تغييرات مهمة  في الأشهر اللاحقة  خلال جلسة مناقشة بنودها  في المجلس النيابي أبرزها تعويضات خسائر الحرب  “عندما تنتهي الحرب ” مضيفا: أن الدولة ستتحمل العبء الأكبر من عجز إيرادات الدولة على خلفية الحرب  ومشاهد الدمار ، لافتا الى ان مشروع موازنة العام 2025 غير متوازن  في الأصل وهذا تؤكده الأرقام ” نفقات غير دقيقة وإيرادات غير مضمونة”.

ويشخص حبيقة،  عمل الحكومة بنقاط أساسية، الأولى هي  وقف إطلاق النار ومعالجة ملف النازحين، والثانية  تأتي عند انتهاء الحرب بعملية تقييم الأضرار والنقطة الثالثة الإستعانة بالشركات والطاقات في عملية إعادة الإعمار ، متوقفا عند الدمار الكبير الذي خلفته الغارات الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي الجنوب والبقاع، فالمباني سويّت أرضا والركام وصل الى جانب الطرقات مشيرا الى ان إعادة الإعمار ستستغرق بين 3 أو 5 سنوات.

هذا الواقع يعقد الأمور ويفتح المجال  من جديد أمام هجرة الشباب ومشاريعهم المستقبلية، التي تفاقمت منذ اندلاع الأزمة في العام 2019، وما نتج عن السنوات الخمس من ركود اقتصادي دفع الناس الى الهجرة ، حيث تبين الأرقام الجديدة رغبة 38% من اللبنانيين والمتعلمين تحديدا أملا في إيجاد وظيفة وهي تهاجر لأسباب سياسية والأهم أمنية.

وأكد حبيقة ، أن المخرج الحقيقي للأزمة أو بداية المخرج هو انتخاب رئيس الجمهورية وأن تأتي القوى السياسية بعد إنتهاء الحرب وتحمل مشروعا أو تصورا لكيفية تفعيل المؤسسات الدستورية والقضائية والمالية وتشكيل حكومة فاعلة، والتوقيع مع صندوق النقد الدولي الذي سيمكن لبنان من الحصول على مساعدات من البنك الدولي ومن الجهات المانحة، وإنتاج مشاريع قوانين تهدف الى معالجة أزمة الودائع العالقة في المصارف، وإيجاد حلول لها، وإلا ” فالج ما تعالج”، الأهم اليوم  يقول حبيقة،  والألوية اليوم وقف الحرب ووقف الغرق لأننا في مركب واحد وفي حال غرق سوف نغرق جميعا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.