جنبلاط على خط التماس… لماذا؟ رفض زج الدروز في مخطط التقسيم
الشرق – خرق الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط المشهد السياسي منذ السابع من تشرين الأول في مسار يتناغم مع تاريخه، وقد تصدرت المشهد منذ أيام زيارته إلى الضاحية الجنوبية مقدّماً التعازي باستشهاد القيادي في حزب الله فؤاد شكر. ليكرّس موقفه الداعم للحزب في حربه ضد إسرائيل، طاوياً في الوقت نفسه ذيول مسار طويل من العلاقة المتوترة منذ اغتيال الشهيد رفيق الحريري. حملت مواقف جنبلاط منذ طوفان الأقصى، لا سيما في الأشهر الأخيرة، تساؤلات كثيرة حول أسبابها ومبرّراتها، لا سيما أنه تقدّم بأشواط على حلفاء حزب الله في دعمه وتغطيته التي كانت تنقص «الحزب» داخلياً، في ظل رفض بعض الأطراف لدخوله الحرب من بوابة إسناد غزة. تقف اعتبارات كثيرة خلف مواقف جنبلاط، والتي يمكن تفنيدها، وفق مصادر متابعة، بالنقاط الآتية: أولاً، تلعب الثقافة السياسية والخلفية التاريخية الدور الأساس. فجنبلاط نفسه ابن بيت مقاوم أولاً، وعندما اختار أن يوصي نجله تيمور بشيء أوصاه بكوفية فلسطين في آذار من العام 2017، وهي الكوفية نفسها التي طبعت مسيرة والده الشهيد كمال جنبلاط. وبالتالي يعتبر أنه أمام «الحزب» في مواجهة اسرائيل ودعم القضية الفلسطينية، وليس خلفه أو ملحقاً به. ثانياً، تشكّل هوية طائفة الموحدين الدروز بوصلة دائمة في خيارات جنبلاط، وهو يخشى في هكذا مرحلة مفصلية من المشروع الهادف الى زجّ بالدروز في أي مخطط انفصالي أو تقسيمي. وجاءت حادثة مجدل شمس لتعزز من اندفاعته السياسية واتخاذه مواقف أجرأ في رفض اتهام حزب الله بإطلاق الصاروخ والتشكيك بالبيانات الإسرائيلية وخلفياتها، خوفاً من أي فتنة ستطال حينها لبنان بشكل مباشر وتأخذ البلد إلى مكان آخر. ثالثاً، يدرك جنبلاط أن لا حلول لكل أزمات البلد، بدءا من رئاسة الجمهورية، إلا بعد انتهاء حرب غزة وبالتزامن في الجنوب. فمن غير المجدي محاصرة حزب الله في الداخل وعزله، وهو الذي رفض عزل جهات لبنانية أخرى في الكثير من المحطات، وبالنهاية لا مخرج إلا بالجلوس على طاولة واحدة متى دقّت ساعة التسوية الإقليمية الكبرى، والتي لن يكون الحزب وإيران خارجها. رابعاً، قراءة موقف جنبلاط في الحرب لا يمكن ان تكون نفسها في السلم. فالموقف نفسه اتخذه في حرب تموز 2006، وزار عين التينة بعد ساعات مؤكداً ان لا كلام في السياسة قبل سكوت المدفع. بهذه النقاط العريضة تبرّر المصادر حقيقة مواقف جنبلاط، فالثواتب التاريخية والواقعية السياسية تتحكمان دائماً بموقع الرجل، وإن كان لعاطفته دورها هذه المرة، فمَن شهد على كل هزائم العرب منذ منتصف القرن الماضي من الطبيعي أن ينحاز لحدث كبير غير مسبوق كالذي جرى في صباح 7 تشرين الاول 2023، تختم المصادر.