توجهات تعتصر التصدير وعولمة الاموال

66

بقلم مروان اسكندر

العالم العربي استطاع مواجهة ازمات مالية ملحوظة كان آخرها الازمة المالية العالمية للاسواق المالية عام 2008-2011 وتجاوز  الازمة الاخيرة دفع البنك المركزي الاميركي ووزارة المالية الى تامين التمويل مقابل تسهيلات على صعيد تامين الاموال للازمة للاستمرار واسميت هذه الممارسات بالتسهيلات الكمية Quantitative Easing فشاهدنا البنك المركزي الاميركي يقرض تغطية خسائر تجاوزت ال180 مليار دولار لشركة التامين الاميركية المسجلة في جزيرة برمودا حيث شؤون تامين المال كانت سهلة.

خلال الفترة 2008-2023 طرأت مشاكل مصرفية ومالية كبيرة منها خسائر لمكتب ثاني اكبر مصرف سويسري في لندن اي الكريدي سويس وبدأ الحديث عن هذه الخسائر في ادارة الاموال بصورة مفاجئة منذ سنتين فكانت المعالجة بتامين تغطية خسائر للمودعين تساوي 62 مليار دولار منها 52 مليارًا تأمنت من البنك المركزي السويسري و10 مليارات من الدولة السويسرية ودمج البنك مع اكبر بنك في سويسرا وبعد الدمج حقق هذا البنك ربحًا بسيطًا.

اكبر عملية انقاذ لاقتصاد بلد كانت عملية تمويل عجز القطاع المصرفي اليوناني الذي عانى من عجز بلغ 333 مليار يورو منها 10 مليارات لبنوك قبرص وقد ساهمت المصارف المركزية والمصرف المركزي الاوروبي وعدد ملحوظ من البلدان الميسورة في انقاذ الاقتصاد اليوناني اضافة الى تدني اكلاف السياحة في اليونان وتدفق الزوار بأعداد مذهلة للتمتع بشمس الجزر اليونانية وخدمات فندقية جيدة مقابل اسعار زهيدة.

تغطية خسائر الاقتصاد اليوناني وخسائر بنوك تتعاطى ادارة الاموال اسهمت في هبوط مستويات اسعار خدمات مهمة مثل الانتقال للسياحة والمساعدات الاجتماعية خلال ازمة الكورونا ولم نشهد ابتعادًا عن اختزان الدولارات من قبل الدول ذات الانظمة الحرة سوى مؤخرًا عند معالجة التسهيلات المصرفية الكمية وكان من بين هذه معالجة حاجات اليونان وارتفاع ديون البنوك المركزية في الولايات المتحدة واوروبا الى مستويات لم تبلغها في السابق، واليوم تطل علينا مؤشرات على ازمة مقبلة بسبب تدني الثقة باختزان الدولارات لمعالجة الديون المستحقة وارتفاع اسعار الذهب للاونصة من 35 دولارًا للاونصة الى ما يساوي 2400 دولارًا للاونصة.

حرب اوكرانيا والمعونات التي توافرت لحكومتها من اسباب استمرار ضعف الدولار اضافة لخسارة اوكرانيا لنصف عدد سكانها منذ اندلاع الحرب عليها، واستجداء المعونات من قبل رئيس اوكرانيا وتكريمه من قبل فرنسا وتمنياته بزيادة المعونات العسكرية خاصة من المنتجات المدمرة وحصوله على شحنات محدودة نتيجة تردد السلطات الالمانية في التجاوب مع طلبات رئيس اوكرانيا.

الامر المستجد مؤخرًا هو اقرار الولايات المتحدة بمنع استيراد سيارات جيدة تتمتع بخصائص تضاهي السيارات الفاخرة في اوروبا والولايات المتحدة. وهذا المنع الكمي لاستيراد سيارات جيدة من الصين هو الاول من نوعه، فالصين شجعت المانيا على تصنيع سيارات المرسيدس في الصين وشجعت تطبيق وسائل تشجيع الانتاج عبر الانظمة الالكترونية التي توصف بالذكاء الاصطناعي.

اضيف الى الضبط الكمي لصادرات سيارات صينية وهذا الضبط اسوأ سياسة تواجه موجة تحرير المبادلات والعملات بين الدول ال20 ذات معدلات الدخل المرتفعة.

تركز البحث في البنك المركزي الاوروبي على مصادرة الفوائد المتأتية لودائع روسيا في البنوك الاوروبية وتحويل الفوائد لحسابات الدخل والانفاق من قبل حكومة اوكرانيا، وكان البحث في هذه الممارسة المناقضة لمبادئ الاقتصاد الحر قد اشتمل على مصادرة الودائع الرسمية الروسية في البنوك الكبرى الاميركية والاوروبية ولحسن الحظ اشارت رئيسة البنك المركزي الاوروبي ان هكذا ممارسة تتجاوز انضباط المعاملات النقدية في تبادل البضائع الاساسية منذ سنوات تعود الى حركة التجارة والتبادل منذ عام 1500م.

ان مصادرة ودائع روسيا اذا اقرت تؤدي الى انهيار النظام الاقتصادي العالمي ومواجهة الدول النامية لازمة لم تشهد مثيلاً لها منذ اندلاع الحرب العالمية الاولى. ومعلوم ان مؤسسات تعليمية اوروبية منها جامعة كامبردج كانت تركز على فوائد انفتاح التعامل الاقتصادي بين الدول دون قيود تقيد المبادلات وتوجهات الادخار بالعملات.

اوروبا ال27 بلدًا لا يمكنها ان تجازف بالنسبة لانسياب الودائع ممن يريدون الادخار والاستثمار ضمن القوانين المعمول بها. والواقع ان المعاملات  الدولية بدأت تشهد من ممارسات البنوك قيودًا ستسهم في انضباط حجم التجارة العالمية، وليس هنالك تفكير اقتصادي في تفادي نتائج الازمة المقبلة.

زمن الارتياح الى توسع معاملات وتجارة الاقتصاد الحر قد انقضى وسنشهد اختصارًا للمعونات الدولية وتكريس جهود ضبط انتقال الاموال. ومعلوم ان العملة الدولية للاحتياطيات لدى البنوك المركزية في البلدان ال20 الاكبر انتاجًا كانت بنسبة 60% بالدولار وهذه النسبة بعد تدني تحصل نتيجة استغناء الصين عن عشرات مليارات من الاحتياطي النقدي بالدولار، وتعدد الاتفاقات الثنائية ما بين دول تحوز احتياطات ملحوظة ونتائج تحقيق فوائض على حساب ميزان المدفوعات.

لقد استطاع الاميركيون منذ تخليهم عن تامين الذهب على اساس 35 دولارًا للاونصة منذ عام 1971 وانتفاء ضمانة الذهب تحقيق نسبة مرتفعة من ادخارات الدول الكبرى بالدولار وهذا التوجه انتهى في الوقت الحاضر وسنشهد نتائجه من انخفاض معدلات النمو وانحصار التجارة العالمية بين دول متعاقدة على قواعد التسديد ومواعيدها والسلام على  اتفاقات بريتون وودز.

مروان اسكندر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.