بازار ترامب… كيف سَـ «يَحكُم» منطقتنا؟
بقلم موفق حرب
«أساس ميديا»
اهتزّت الثقة بإمكانية فوز الرئيس جو بايدن على الرئيس السابق دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية في شهر تشرين الثاني المقبل، بعد المناظرة التلفزيونيّة. وهو ما فرض على قيادات العالم التي تتأثّر بمن يسكن البيت الأبيض الاستعداد جدّياً لعودة ترامب، وما لذلك من تداعيات جذرية على الملفّات الدولية العالقة، وخصوصاً أزمات الشرق الأوسط… فكيف تبدو الصورة بناءً على عودة هذا الهمّ، أو ربّما هذا البازار؟
يتزايد القلق في الحزب الديمقراطي الأميركي من إمكانية عدم استمرار بايدن في الحملة الانتخابية نتيجة تقدّمه في السنّ وإخفاقاته المتتالية في التعبير وتراجع قدرته على التركيز. كما برز في المناظرة التلفزيونية. وبدأ يتجلّى هذا القلق في الانشقاقات داخل الحزب الديمقراطي والدعوات المتزايدة لبايدن إلى الانسحاب وفسح المجال أمام خيار ديمقراطي آخر يستطيع الحؤول دون عودة ترامب.
ما هي الانعكاسات على الشّرق الأوسط؟
الشرق الأوسط يبقى دائماً الأكثر تأثّراً بالتغييرات في واشنطن، سواء انخرطت الولايات المتحدة في ملفّات المنطقة أم انكفأت. فقد كانت حروب أميركا في العراق وأفغانستان والحرب ضدّ الإرهاب مكلفة لأميركا والمنطقة. إلا أنّ انكفاءها في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما والإدارات المتعاقبة كان كارثياً على المنطقة.
التصريحات والوعود الانتخابية عادة ما تنتهي مدّة صلاحيّتها مع انتهاء الاستحقاق الانتخابي. وبعدها يلفّ الغموض المواقف الحقيقية في السياسة الخارجية. وهو ما يدفع الدول وأصحاب المصالح ليلجأوا إلى اللوبيات وشركات الدراسات لاستشراف التغيرات في السياسة والعمل على محاولة التأثير فيها. لكنّ هذا الغموض لا يكتنف مواقف ترامب، وتحديداً في ما يخصّ الشرق الأوسط. فمؤلّف كتاب “فنّ الصفقة” قبل أن يصير رئيساً، لا يغلّف آراءه بالمبادئ والقيم الديمقراطية. وهي سياسة أقرب إلى ما يعرف عنه بـ”سياسة المعاملات “التجارية.
إيران.. أكثر من غيرها
يسوّق البعض أنّ ترامب في ولايته الثانية سيكون مختلفاً عن ولايته الأولى، لكنّ تصريحاته قبل وأثناء المناظرة لا توحي بأنّه بصدد تغيير قناعاته في ما يخصّ الشرق الأوسط. قد تكون إيران البلد الأكثر قلقاً من عودة ترامب. فعلى الرغم من عدم تحبيذه شنّ حروب، إلا أنّه انتهج سياسة فرض عقوبات مشلّة على طهران. ولم يتردّد في إعطاء الأوامر باغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني.
في مقابلة مع مجلّة “تايم” قال ترامب إنّه سيقف إلى جانب إسرائيل في حال وقوع مواجهة مع إيران: “إذا هاجموا إسرائيل، نعم سنكون هناك إلى جانبها”.
فوز المرشّح الإصلاحي مسعود بزشكيان في انتخابات رئاسة إيران قبل أيام قد يكون جاء متأخّراً، إذا كان هدفه تحسين العلاقات مع واشنطن تحسّباً من عودة ترامب. وفي ما يخصّ مستقبل الدولة الفلسطينية يقول ترامب إنّه “أصبح يعتقد الآن بما يعتقده الكثيرون في إسرائيل، وهو أنّ وجود دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل بسلام أصبح أمراً غير مرجّح. كان هناك وقت اعتقدت فيه أنّ حلّ الدولتين يمكن أن ينجح. الآن أعتقد أنّ حلّ الدولتين سيكون صعباً جداً جداً”.
المتغيّر الوحيد في علاقته مع إسرائيل هو علاقته السيّئة مع بنيامين نتنياهو. يقول ترامب إنّه مرّ “بتجربة سيّئة مع بيبي”. وفي روايته أنّ اغتيال قاسم سليماني كان من المفترض أن يكون هجوماً مشتركاً إلا أنّ نتنياهو انسحب في اللحظة الأخيرة: “كان هذا شيئاً لم أنسَهُ”.
ويُحمّل ترامب نتنياهو مسؤولية الفشل في منع هجوم 7 أكتوبر لأنّه حصل وهو في الحكم.
ماذا عن العالم العربيّ وروسيا؟
خارج الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يقتصر تعاطي ترامب مع العالم العربي على العلاقة مع دول الخليج. علاقة يبنيها على تبادل المصالح التجارية مقابل توفير الحماية الأميركية من التهديدات الإيرانية.
أمّا علاقة ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وميل المرشّح الأوفر حظّاً في أميركا اليوم لإبرام صفقات مع الصين وكوريا الشمالية، وعدم تقديره الكبير لحلف شمال الأطلسي، كلّ هذا يرجّح أن تكون مقاربات إدارته المحتملة لأزمات الشرق الأوسط، من سوريا إلى اليمن والسودان، خاضعة لصفقات وتفاهمات يعقدها مع روسيا والصين. ومن المؤكّد أنّها ستأخذ بعين الاعتبار مصلحة إسرائيل وأمنها أوّلاً.
موفق حرب