الكاتب الإسرائيلي آلون مزراحي: أبطال الأقصى غيّروا مسار التاريخ

44

كتب عوني الكعكي:
قال الكاتب الإسرائيلي آلون مزراحي: «إنّ ما يزداد وضوحاً في هذه اللحظة الفريدة هو حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي وصفها بالحركة الفلسطينية الصغيرة، لم تهزم إسرائيل فحسب، بل هزمت الغرب بأكمله، وغيّرت مسار التاريخ خلال الشهور الماضية».
وعدّد الكاتب الإسرائيلي، ما اعتبرها بعض أوجه الانتصار الذي حققته «حماس» قائلاً: «إنها انتصرت في ميدان المعركة بقطاع غزة، وانتصرت في معركة كسب الرأي العام، واستفادت بشكل مذهل من قراءاتها للعقلية الإسرائيلية، وتمكنت بالاضافة الى ذلك من استخدام كل ما لديها من موارد بكفاءة عالية».
وأشار الكاتب الى أن التاريخ سيحكم على الأشهر الماضية باعتبارها واحدة من أكثر الإنجازات العسكرية العبقرية.
وألقى الكاتب باللوم على إسرائيل قائلاً: «إنّ الطريقة التي خاضت بها الحرب ضد حماس، جعلت من الحركة أسطورة للمقاومة وستظل حيّة في الذاكرة الثقافية على مرّ العصور».
أضاف مزراحي: «إنّ الجبهة الشمالية لإسرائيل على الحدود مع لبنان تزداد اشتعالاً… إلا أنه في الوقت الذي يشتعل فيه الشمال فإنّ غزو لبنان لن يحلّ شيئاً».
وقال: «سُئلت في الأشهر الماضية من الحرب، من قِبل كثيرين عمّا سيحدث في الأيام أو الأشهر المقبلة؟.. وكان جوابي دائماً: احتمالات حرب شاملة باتت قريبة في ظل حكومة نتنياهو المتطرفة، وأشرت الى أن هذه الحرب قد تحدث في خريف هذا العام 2024 أو ربيع العام المقبل 2025.
هذا ما توقعته… وها هي الصورة الآن تبدو أكثر وضوحاً.. وأتفق مع المحلل العسكري لصحيفة «هاآرتس» بأنّ لا مخرج لنتنياهو وحكومته الحربية إلاّ بافتعال حرب محدودة ضد حزب الله في لبنان وهذا أمر مضحك -وللأسف-.
إنّ ما يعزّز تشاؤمي حول افتعال مثل هذه الحرب، وخشية أن تتحوّل الى حرب شاملة، ما يقوم به الحوثيون من إطلاق صواريخ أصابت أهدافاً في عمق إسرائيل ووصلت الى تل أبيب.
إنّ ما يُضحك أن نتنياهو يعيش على انتصارات وهمية، هو واثق من أنه لم يحقق منها شيئاً. فنتنياهو نشأ في أسرة لم يعرف خلالها الحنان ولا يعرف الحياة الحقيقية على طبيعتها.
وآسف -يضيف الكاتب- انني لن أدخل في التفاصيل النفسية التي يعاني منها جيش إسرائيل. بعد محاولات نتنياهو التدخل لإخضاع وتنظيم القضاء لمصلحته، وفقدانه ثقة القيادة العسكرية به.
إنّ نتنياهو يعتقد دينياً ومدعوماً من المتطرفين الدينيين أنه سائر في الطريق الصحيح.. لكنه لا يدري ان إسرائيل باتت على حافة صخرة عالية تتجه نحو الهاوية.
ما أعتقد انه سيحصل حتماً، ان إسرائيل إذا اتجهت نحو الحرب الشاملة ستخسر عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، وقد تفقد الدعم الكامل من الولايات المتحدة والغرب.
أنا غير متأكد، لكنني أعتقد ان إسرائيل لن تعيش أكثر من عام أو عامين كدولة يهودية في المنطقة. فالحرب الشاملة قد تؤدي بها الى الانهيار، وسيكون الضحايا، الصهاينة والفلسطينيون.
هنا أقول: «أنا متأكد أن الحل للتخلص من كل هذه الآلام هو قيام دولة فلسطينية الى جانب الدولة اليهودية والعيش بسلام».
ومن ناحية ثانية، هناك تقرير يقول إنه وبعد عام من عملية «طوفان الأقصى» حدثت تداعيات خطيرة في إسرائيل، ففي 7 أكتوبر الماضي، هزّت عملية «طوفان الأقصى» إسرائيل بشدّة، محدثة صدمة غير مسبوقة في تاريخها الحديث منذ حرب أكتوبر 1973، والمعروفة أيضاً بحرب «يوم الغفران» عند القادة الإسرائيليين.
وعلى الرغم من مرور 11 شهراً على هذه الحملة، والتي تلتها حرب إبادة إسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة. فلا تزال تداعيات «طوفان الأقصى» تلقي بظلالها على الوضع الداخلي الإسرائيلي.
أما النتائج الكارثية لتلك العملية على إسرائيل فإنها تُظهر صورة مقلقة.
أولاً: المقاومة الفلسطينية – رغم الدعم العسكري اللامحدود من الولايات المتحدة -، ألحقت أضراراً جسيمة بإسرائيل، وأسفرت عن خسائر فادحة لم تُعلن عنها إسرائيل رسمياً.
ثانياً: فقدان الثقة بين الشعب الإسرائيلي ودولته. وزادت الأوهام حول قوة إسرائيل وجيشها الذي لا يُقهر، مما دفع أعداداً كبيرة من سكان الجليل الأعلى و «غلاف غزة» الى الهجرة الى داخل إسرائيل أو الى خارج البلاد.
ثالثاً: تفاقمت الأزمة داخل إسرائيل وتزايد الانقسام والرأي العام المعارض للحرب، واشتدت النقمة على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
رابعاً: على الصعيد الاقتصادي، تسببت الحرب بتكلفة باهظة وزادت في عجز كبير في الموازنة مع تقديرات تتجاوز الـ100 مليار دولار. مما أدّى الى تجنيد مئات الآلاف من جنود الاحتياط، وإخلاء سكان المستوطنات، وتعطيل المرافق العامة بما في ذلك المدارس والجامعات والقطاعات الاقتصادية.
خامساً: فقدت إسرائيل جزءاً كبيراً من تأييدها الجماهيري العالمي، حيث استنكر العديد من الأدباء والفنانين من بينهم ستة فائزين بجائزة نوبل للسلام عمليات القتل الجماعي، وطالبوا بفرض حصار عسكري على إسرائيل لارتكابها جرائم حرب.
سادساً: عكس الإعلام الإسرائيلي هذا الوضع من خلال تقارير نشرتها «يديعوت أحرونوت» التي ناقشت الهجرة العكسية وشراء العقارات في الخارج تحسباً لليوم الأسود.
سابعاً: تطرقت بعض الكتابات الحديثة الى هذه القضايا، مثل كتاب «جريمة الغرب» للكاتبة الفرنسية ڤيڤيان فورستييه. مما يؤكد أن على العرب العمل على نشر وترجمة تلك الأفكار لأهميتها.

aounikaaki@elshark.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.