«الغارديان»: رحيل السنوار لن ينهي الحرب
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا أعده جوليان بورغر، قال فيه إن إسرائيل تخلصت من أحد أهم أهدافها.
فبعد عام من الحرب، واجه الجنود الإسرائيليون زعيمَ حماس بدون أن يعرفوا هويته. وفي النهاية، وبعد عام طويل وملاحقة شاركت فيها عدة وكالات استخبارات، واستخدام أحدث التكنولوجيا وقوى نخبة إسرائيلية وبمساعدة أمريكية، قُتل السنوار في معركة مع جنود نظاميين واجهوه ولم يعرفوا مَن كانوا يقاتلون. ولم يعرف الجنود أن السنوار قُتل إلا بعد إلقائهم نظرة فاحصة على وجهه، وعثورهم على وثائق هوية معه، واكتشفوا أنه السنوار المطلوب الأول لإسرائيل.
وقال بورغر إن الجيش الإسرائيلي سحق معظم غزة وهو يبحث عن السنوار، حيث قتل أكثر من 42,000 فلسطيني وهجّر أكثر من مليوني نسمة من بيوتهم وخلق كارثة إنسانية. ولم يُرَ السنوار في العلن إلا بعد أيام من الهجمات التي نفذتها حماس ضد إسرائيل في 7 تشرين الأول. وقابل السنوار الأسرى الإسرائيليين وتحدث إليهم بلغة عبرية طليقة تعلمها وهو في السجن الذي قضى فيه أكثر من عقدين، وأكد لهم بأنهم آمنون وسيتم تبادلهم بالأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
واعتقد المسؤولون العسكريون الإسرائيليون أن السنوار سيكون محاطا بالأسرى كدروع بشرية، مع أن البعض قلل من إمكانية حدوث هذا، لأنه سيبطئه ومرافقيه. ورغم المخاطر على حياتهم، لم يتورع الجيش الإسرائيلي عن استخدام قنابل زنة الواحدة منها 2,000 رطل في البحث عنه، وفي النهاية كان السنوار برفقة رجلين.
ويعلق بورغر أن الملاحقين لزعيم حماس لم تنقصهم الخبرات، فالقتل المستهدف هو التكتيك الذي استخدمته إسرائيل منذ إنشائها. ومنذ الحرب العالمية الثانية، اغتالت إسرائيل أشخاصا أكثر من أي دولة في الغرب. وأشار الكاتب إلى أن القسم الخاص في فيلق الهندسة بالجيش الإسرائيلي واسمه “يهالوم” لديه خبرة في حرب الأنفاق أكثر من أي جيش في الغرب، كما يستطيع الحصول على أحدث الأجهزة الاستخباراتية من الولايات المتحدة، بما فيها الرادارات الخارقة للأرض. وتعتبر وحدة الإشارات الإستخبارات السرية 8200 رائدة في الحروب الإلكترونية، وقادرة على اختراق والتنصت على اتصالات حماس، وهو ما تفعله منذ عقود.
وكان الملاحقون للسنوار يفترضون أنه لم يعد يستخدم الأجهزة الإلكترونية، ويعرف القدرات التكنولوجية لدى عدوه، فهو لم يتعلم العبرية فقط، بل عادات وثقافة العدو. ويعلق ميليشتين: “في الحقيقة يفهم الغرائز الأساسية والمشاعر العميقة للمجتمع الإسرائيلي”، مضيفا: “أنا متأكد من أي خطوة كان يعملها تقوم على فهمه لإسرائيل”.
وواصل السنوار، طوال العام الذي قضاه مختبئا، التواصل مع العالم الخارجي، وإن كان ذلك بصعوبة واضحة. وكثيرا ما توقفت المفاوضات الطويلة غير المثمرة بشأن وقف إطلاق النار في القاهرة والدوحة، بينما كانت الرسائل ترسل من وإلى القائد المختبئ، كما افترض أعداؤه في نفق. وكانت النظرية السائدة هي أن السنوار يستخدم سعاة للبقاء في القيادة المكونة من حلقة صغيرة ومتقلصة من المساعدين الذين يثق بهم، بدءا من شقيقه محمد، وهو قائد عسكري كبير في غزة.
كانت وفاته محتومة بسبب إصراره على القتال حتى الموت وتصميم عدوه على ملاحقته. وإذا فشلت الملاحقة المزودة بالتكنولوجيا في العثور عليه، فقد فضلت إسرائيل تدمير كل غزة حتى يُقتل في النهاية.
والسؤال إن كان رحيله سيوقف الحرب. ويرى مدير الموساد السابق رام بن باراك، أن رحيل السنوار يعني ظهور شخص آخر محله، و”هذه حرب أيديولوجية وليست حول السنوار”. ويقول ميليشتين: “بعد 50 عاما من الاغتيالات، أدركنا أن هذا هو جزء رئيسي من اللعبة. وفي بعض الأحيان، يكون من الضروري اغتيال زعيم بارز. ولكن عندما تبدأ في الاعتقاد بأن ذلك سيغير قواعد اللعبة وأن منظمة أيديولوجية سوف تنهار لأنك قتلت أحد قادتها، فهذا خطأ فادح”. و”لا تستطيع العيش في فنتازيا، فالحرب لن تنتهي”.