الصائغ “للشرق” نحن امام مرحلة إنتقالية قبل توضح الصورة في دمشق والحلَ بانتخاب رئيس ، وبلورة ملف تفاوضي مع الأمم المتحدة لعودة النازحين
كتبت ريتا شمعون
إن لسقوط نظام الأسد وللأحداث التي تحصل في سوريا تداعيات على لبنان من زوايا غير مباشرة أولها توفر الأرضية المادية لحلّ مشكلة النازحين السوريين بحيث ما عاد من حجة دولية لبقائهم في لبنان ، فعودتهم كانت مشروطة إما بحل سياسي يتمثل بتسوية سياسية تضمن عودة آمنة لهم الى بلادهم أو سقوط النظام وهذا ما حصل.
بالتالي لا داع ولا تبرير لبقاء أي سوري نازح على الأراضي اللبنانية، من هنا يجب عودتهم سريعا الى بلدهم، لكن حتى هذه اللحظة، فإن أعداد الهاربين من سوريا باتجاه لبنان لا تزال أكبر من أعداد العائدين.
وبحسب أرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تحلّ تركيا في طليعة الدول المضيفة للسوريين الذين كانوا يهربون من حكم الأسد إذ يبلغ عدد اللاجئين فيها 3 مليون و100ألف لاجىْ في حين حلّ لبنان في المرتبة الثانية بعدد اللاجئين حيث بلغ نحو مليون و500 ألف لاجىء سوري.
وقد لوحظ مباشرة” بعد سقوط نظام الأسد” أن تركيا قامت بترحيل واسع للنازحين الى بلادهم، كما أوقفت كل من فرنسا وألمانيا والنمسا جميع طلبات اللجوء المقدمة من السوريين بعد إسقاط الرئيس بشار الأسد وتستعد لعملية ترحيلهم.
وقد اتخذت السلطات المصرية قرارا مفاجئا بشأن دخول السوريين الى بلادها، حيث قررت وقف دخول السوريين من حاملي الإقامة الأوروبية والأميركية والكندية الى مصر دون الحصول على الموافقة الأمنية، كما شمل القرار منع دخول السوريين سواء كانوا زوج أو زوجة لمصري او مصرية دون موافقة امنية.
أما لبنان، رغم إجراءات الدولة اللبنانية ضبط المعابر الشرعية وغير الشرعية مع الدولة السورية، إلا ان ضغط السوريين النازحين أفشل كل خطط إغلاق الحدود أو ضبط الدخول لمن يستوفي الشروط القانونية، فالمعلومات تتحدث عن دخول نحو 100 ألف سوري يوميا معظمهم إستخدموا نقاط عبور غير شرعية على طول الحدود المليئة بالثغرات، وهذا لا يحصل إلا بقرار سيحاول الجميع التنصل منه، أما وقد حصل ما حصل.
والسوريون الذين لجأوا اللى لبنان ما بعد سقوط نظام الأسد ينتمون الى طوائف متعددة لا سيما الأقليات.
الجيش اللبناني والأمن العام شددا إجراءاتهما عند معبر المصنع، ورغم ذلك، يرفض النازحون العودة تحت ألف حجة وحجة، في المقابل ، نشهد الحركة خفيفة تجاه سوريا، لكنها وعلى بعد امتار تنشط عبر الطريق الجبلية غير الشرعية، فمن هنا يخرج من كان وجوده في لبنان غير قانوني.
الباحث في السياسات العامة واللجوء والهجرة الدكتور زياد الصائغ يتحدث لجريدة” الشرق” قائلاً: من الواضح أنّ سقوط النّظام السّوري والذي انخرط في محاولة تغيير ديموغرافيّة مذهبيّة في سوريا بالتّعاون مع إيران، وبتغطية روسيّة، من الواضح أنّ هذا السّقوط سوف يساعد على تسهيل عودة النّازحين، خصوصًا إلى المناطق التي تعرّضت إلى تهجيرٍ قسريّ لفرض واقع جيو-سياسيّ ديموغرافيّ على حساب الفسيفساء الشعبيّة السّوريّة المتعدّدة، بهذا المعنى، وبالإضافة إلى هذا العامل، يجب الأخذ بعين الإعتبار أنّ عودة الناّزحين السوريّين ستكون أيضًا ضمن مسار إعادة بناء سوريا، والذي سيتولّاه الشّعب السّوري. في هذا السّياق، يجب التنبّه إلى أنّنا سنكون أمام مرحلة انتقاليّة قبل توضّح هذه الصورة.”
وقال الصائغ ردّاً على سؤال، “في الأساس لم تكن هناك حجّة دوليّة لبقائه، بل كان هناك استِناد إلى واقع أمنيّ اقتصادي اجتماعي سياسي قمعيّ لا يساعد على عودة هؤلاء، وبالتّالي فإنّ انتفاء هذه الظّروف سوف تسهّل عودة النّازحين السّوريّين.
أمّا في ما يعنى بالخطوات التي ينبغي على الحكومة اللّبنانيّة اتّخاذها لتسهيل عودتهم، إعتبر أنه يجب لفت النّظر إلى أنّ الحكومات اللّبنانيّة المتعاقبة حتى الآن لم تقرّ أيّ سياسة عامّة لضبط وفود ووجود النّازحين السّوريّين، ولا حتّى عودتهم ،وبالتّالي فالتّعويل على حكومة تصريف الأعمال، وعلى المنظومة السّياسيّة أي تحالف المافيا-ميليشيا هو أضغاث وأحلام، ولكن على القوى المجتمعيّة الحيّة والقوى السّياديّة الإصلاحيّة بدء الاستعداد لوضع خارطة طريق لعودة هؤلاء، خصوصًا مع انسحاب حزب الله والميليشيات الإيرانيّة من مناطق الزبداني، والقلمون، والقُصَير، وريف دمشق، وريف حمص، ويمكن أن يعود إلى هذه المناطق بسرعة حوالي 600,000 نازحاً سورياً.”
وهل تكفي تدابير الأمن العام على المعابر الحدودية مع سوريا؟
يرى الصائغ ، أن “الإجراءات الحدودية ضرورية. ولبنان مدعوّ أولًا إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة وتشكيل حكومة مهمّة تكون أحد أولوياّتها تطبيق القرارات الدولية لا سيما القرار 1701 بكل مندرجاته ” 1559، 1680″ وتنفيذ كامل البنود الإصلاحيّة في اتّفاق الطّائف، وبلورة ملفّ تفاوضيّ متكامل مع الأمم المتّحدة على قاعدة عودة النّازحين على أن تسهّل المفوضيّة العليا لشؤون اللّاجئين عودتهم، خصوصًا وأنّها أصبحت قادرة الآن على العمل بحريّة دون العوائق السّياسيّة والأمنيّة التي أشرنا إليها سابقًا.”