الاقتصاد الإيراني بالأرقام في عهد رئيسي تراجع شديد في شطر الريال في ظلّ ضغوطات مستمرّة

38

الشرق – يرزح الاقتصاد الإيراني تحت وطأة ضغوطات واسعة في ظل العقوبات الأميركية المتواصلة، وفي خطٍ متوازٍ مع تداعيات التوترات الخارجية الضالعة فيها إيران بشكل مباشر أو غير مباشر، والتي كانت العنوان الأبرز خلال الفترات الماضية في عهد الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، والذي توفي في حادث تحطم مروحيته يوم الأحد في منطقة جبلية بالقرب من الحدود مع أذربيجان.

رئيسي الذي تولى السلطة في الثالث من شهر آب من العام 2021 خلفاً للرئيس حسن روحاني، والذي يشغل منصب النائب الأول لرئيس مجلس خبراء القيادة، شهدت فترة رئاسته -التي لم يُكتب لها أن تكتمل- تطورات فاصلة، سواء كانت سلبية أو إيجابية على اقتصاد بلاده، وسياسات وتحركات إيرانية مخالفة نسبياً لنهج سلفه.

خلال عهد رئيسي -الذي حظى بثقة قطاعات عريضة داخل إيران- انخرطت طهران في أول مواجهة مباشرة مع إسرائيل بعد إطلاق مسيرات وصواريخ ضد إسرائيل في نيسان الماضي، فيما جاء الرد الإسرائيلي سريعاً على تلك المواجهة. كذلك على الصعيد الداخلي، لم تكن الجبهة الداخلية أكثر هدوءاً في عهد إبراهيم رئيسي، حيث عرف الشارع الإيراني احتجاجات مختلفة، أشهرها احتجاجات شهر أيلول من العام 2022 (سلسلة من المظاهرات التي بدأت في إيران في 14 أيلول 2022 عقبَ مقتل الشابّة الإيرانيّة من أصل كردي مهسا أميني بعد تعرضها للضرب المبرح أثناء احتجازها واعتقالها من قِبل شرطة الأخلاق التابعة للحكومة الإيرانيّة). لكن على الجانب الآخر، من بين التطورات الإيجابية التي سجلتها فترة رئيسي «المتوترة والمضطربة» هي سياسته في ما يتصل بمساعي استقرار العلاقات مع دول الجوار، وكذلك استئناف العلاقات مع دول مؤثرة في منطقة الشرق الأوسط مثل المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية. كل هذه العوامل مجتمعة انعكست على الوضع الاقتصادي لإيران خلال عهد رئيسي، جنباً إلى جنب وتداعيات الاضطرابات التي عرفها الاقتصاد العالمي على نحو واسع منذ جائحة كورونا وحتى الحرب في أوكرانيا (التي بدأت في الرابع والعشرين من شهر فبراير من العام 2022) وتداعياتها المستمرة والضاغطة على الاقتصاد العالمي، لا سيما على اقتصادات البلدان الناشئة.

ضغوط واسعة

عرف الاقتصاد الإيراني ضغوطات واسعة، عبر عنها التراجع الحاد في سعر الريال، والذي وصل في نيسان الماضي -إبان عملية قصف إسرائيل- إلى أدنى مستوى له عند 705 آلاف ريال مقابل الدولار، في السوق المفتوحة. ويواجه الريال الإيراني ضغوطات مستمرة، مع تحديات واسعة بسبب معدلات التضخم المرتفعة التي أزكتها العقوبات الأميركية المتواصلة. سجل التضخم في إيران العام 2023 نسبة 41.5 بالمئة، ومن المحتمل أن يصل إلى 37.5 بالمئة هذا العام، مقارنة بمعدلات 40 بالمئة في 2021 و46 بالمئة في 2022. وفي ما يخص بيانات البطالة، تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى بلوغها نسبة 8.9 بالمئة خلال العام الجاري 2024 انخفاضاً بشكل طفيف جداً عن نسبة 9 بالمئة المسجلة في العامين الماضيين، ونسبة 9.2 بالمئة في 2021. أما في ما يتعلق بنسب ومعدلات النمو، فقد سجل الاقتصاد الإيراني في العام 2021 (وهو العام الذي تولى رئيسي السلطة فيه قل بداية الربع الأخير فيه، وتحديداً في الثالث من آب) نمواً بنسبة 4.7 بالمئة، قبل أن يسجل نمواً في العام التالي 2022 بنسبة 3.8 بالمئة (بحسب بيانات صندوق النقد الدولي). أما في العام الماضي 2023 فقد سجل اقتصاد طهران نمواً بنسبة 4.7 بالمئة -بحسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن الصندوق- وتشير التقديرات لتباطؤ النمو إلى 3.3 بالمئة في العام الجاري 2024.

القطاعات الرئيسية

يعتمد الاقتصاد الإيراني على قطاعات الهيدروكربونات والزراعة والخدمات، فضلاً عن حضور ملحوظ للدولة في قطاعي الصناعات التحويلية والخدمات المالية. وتحتل إيران المرتبة الثانية عالمياً في احتياطيات الغاز الطبيعي والمرتبة الرابعة في احتياطيات النفط الخام المؤكدة، وفق بيانات البنك الدولي. وفي حين أن قاعدتها الاقتصادية متنوعة نسبياً بصفتها بلداً مُصدراً للنفط، إلا أن النشاط الاقتصادي والإيرادات الحكومية في إيران يعتمدان على عائدات النفط، وبالتالي يتسمان بالتقلب، بحسب البنك الدولي. ويشار إلى أن طهران تعد ثالث أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، بحجم إنتاج يقدر بنحو ثلاثة ملايين برميل يومياً. فيما ترزح طهران تحت وطأة العقوبات الأميركية التي تغل يد القطاع فيها. بحسب خدمة أبحاث الكونغرس، فإن العقوبات التي تفرضها واشنطن على طهران تحظر بالفعل جميع أشكال التجارة الأميركية تقريبا مع البلاد، وتجمد أصول الحكومة في الولايات المتحدة وتحظر المساعدات الخارجية ومبيعات الأسلحة الأميركية..  و»يمكن القول إن العقوبات الأميركية على إيران هي المجموعة الأكثر اتساعا وشمولا من العقوبات التي تبقيها الولايات المتحدة على أي دولة».

قفزة بالصادرات

النفطية

خلال الربع الأول من العام الجاري 2024، بلغت صادرات إيران النفطية أعلى مستوى لها خلال ست سنوات. وبحسب بيانات نشرتها صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، فإن إيران صدرت ما متوسطه 1.56 مليون برميل يومياً في الأشهر الأولى من العام (أغلبها كان للصين) وهو ما يشكل أعلى مستوى منذ عام 2018 وفق بيانات فورتيكسا. وبرغم الضغوطات الاقتصادية والمصاعب التي تواجهها البلاد، عرفت فترة رئيسي عدداً من المحطات الاقتصادية البارزة، ليس فقط في ما يتعلق بالزيادة التي شهدتها صادرات النفط بالبلاد ومكثفات الغاز، من بين أبرز تلك المحطات: * تدشين مشروع (سكة حديد زهدان كاش) والذي يعد «أكبر مشروع للسكك الجديدة»، حيث يقع في جنوب وجنوب شرق البلاد (أسهم في توفير 3400 فرصة عمل مباشرة ونحو ستة آلاف غير مباشرة).  * عرفت البلاد في عهده معدل بطالة متدنٍ في صيف 2023 (كان الأدنى منذ 17 عاماً).  * ارتفاع مؤشر الشركات المدرجة بنسبة وصلت إلى 6.7 بالمئة.

ولطالما رفع رئيسي شعارات مكافحة الفساد والفقر والدفاع عن الطبقات المهمشة. غير أن هذه الوعود لم تنل يوما إعجاب المعتدلين والإصلاحيين الذين يرون أنه يفتقد للخبرة السياسية.

معارضون آخرون خارج البلاد إلى جانب منظمات حقوقية وجهوا له انتقادات حادة بسبب سجله في مجال حقوق الإنسان. واتهموه بالتورط في إعدام آلاف السجناء السياسيين سنة 1988. أخيرا، كانت وسائل إعلام إيرانية قد طرحت اسم رئيسي كخلف محتمل للمرشد الأعلى علي خامنئي البالغ من العمر 85 عاما.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.