أين الاخوة العرب؟ وأين عبد الناصر وأين الملك فيصل؟
كتب عوني الكعكي:
عشرة أشهر والعدو الاسرائيلي يقصف ويقتل ويحاول إبادة الشعب الفلسطيني الأعزل…
عشرة أشهر وإسرائيل دمّرت الحجر والبشر في غزة…
هذه ليست حرباً تقليدية… إنها حرب إبادة.. حرب إلغاء الشعب الفلسطيني… والمصيبة هنا… ان الموقف الرسمي العربي في حال صمت مطبق…
بالفعل، أكاد لا أصدّق أنّ الدول العربية تقف متفرّجة على ذبح الجيش الاسرائيلي لأطفال غزة ونسائها ورجالها.
إنّها حرب كشفت وجه اليهودي الصهيوني الذي يدّعي ان بلده بلد الحريات، بلد الحضارة وبلد التمدّن.
السؤال هنا… هل قَتْل الأطفال الرُضّع هو عمل حضاري؟!
وهل قَتْل 40 ألف طفل وامرأة، عمل متمدّن؟ وهل جرح 80 ألف مواطن فلسطيني عمل إنساني؟
كلا يا سادة، عام 1960 وفي عهد الرئيس الأميركي جون كينيدي، قام اليهود في نيويورك بمقاطعة تفريغ السفن المصرية التي تحمل بضائع الى الولايات المتحدة، مجنّدين عمّال الموانئ الأميركية على هذه المقاطعة. وبالفعل قاطعت نقابة عمال الموانئ الاميركية السفينة المصرية كليوباترا التي كان من المفترض بعد تفريغ بضاعتها العودة بالقمح، وحين علم الرئيس المصري جمال عبدالناصر بالأمر، دخل مبنى الإذاعة المصرية، وبقي هناك خمس دقائق فقط، تحدّث الى الجماهير العربية في شتى الأقطار العربية، طالباً منهم مقاطعة تفريغ السفن الأميركية المحمّلة بالبضائع في جميع موانئ الأقطار العربية.
فما هي إلاّ ثلاث ساعات فقط، حتى قاطع اتحاد العمال العرب في المرافئ العربية كافة تفريغ ثمانين باخرة أميركية. إذ ذاك أمر الرئيس كينيدي عناصر جيشه بتفريغ الباخرة المصرية كليوباترا وحمّلوها بالقمح… فكان عمل جمال عبدالناصر خير ردّ على نيّة أميركا واليهود إخضاع عبدالناصر لدفعه نحو الصلح مع إسرائيل.
وعام 1973 وتحديداً في حرب 6 أكتوبر، كما يطلق عليها السعوديون، قام المغفور له الملك فيصل بقطع البترول عن أميركا للضغط عليها بعدم مساعدة إسرائيل… وبالفعل عاشت أميركا ومعها إسرائيل أياماً صعبة…إذ تعلمّوا ان التهديد الذي يمارسونه يهدد مصالحهم أولاً وأخيراً.. وكيف كانت طوابير السيارات تقف من أجل بضعة ليترات من البنزين، ولم يكتفِ الملك فيصل بذلك بل جاء الى سوريا بعد توقف الحرب وأعلن من الجامع الأموي، ثم من القنيطرة انه سيصلّي في القدس في العام المقبل، وذلك استجابة للجماهير الشعبية التي استقبلته في الجامع الأموي، وكانت هتافات الشعب السوري تقول له: “بدنا نصلّي في القدس يا فيصل”.
طبعاً، موقف الملك فيصل تسبّب بتدبير عملية اغتيال للملك، من أحد أبناء أحد أشقائه… وطبعاً هذه المؤامرة كانت من تدبير “الموساد” الاسرائيلي.
اليوم وللأسف الشديد، باستثناء مصر وموقفها الداعم للمفاوضات، ودورها في تأمين المعابر لإيصال الغذاء وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، ودولة قطر التي تلعب دوراً رئيسياً في المباحثات بين العرب وإسرائيل…
وبالعودة الى عملية جديدة للإبادة قام بها الجيش الاسرائيلي بأوامر من قيادته وبالأخص من المجرم بنيامين نتنياهو، حيث ارتكب أكبر جريمة في هذا العصر، إذ استعمل الجيش قنابل 5000 طن لقتل أكبر عدد من الفلسطينيين بحجة انهم يريدون قتل يحيى السنوار أو محمد الضيف، وتحت هذا الشعار ليس مهماً عدد الشهداء القتلى، المهم ان يحقق الجيش الاسرائيلي والقيادة الاسرائيلية ولو بنداً من المطالب التي رفعها نتنياهو ووعد الاسرائيليين بها. وقد تناسى الاسرائيليون ان حججهم لا تنطلي على أحد، فهل من المعقول ارتكاب مجزرة لقتل شخص أو شخصين؟ حقاً انها مهزلة.
إنّ منظر جريمة غزة وتحديداً في خان يونس تظهر أكبر جريمة تحصل في التاريخ… إذ أقدم جيش منظم مسلح بأكثر الاسلحة تقدماً وتطوراً بقتل أطفال أبرياء… ذنبهم الوحيد انهم فلسطينيون.
ما هكذا تكون الدماء العربية رخيصة… وما هكذا يتصرّف الرؤساء العرب أمام جريمة العصر هذه!
من هنا، أتوجه الى كل الحكام العرب لأقول: ماذا لو قرّر العرب قطع علاقاتهم مع أميركا وبعض دول أوروبا وأخرى متعاملة مع إسرائيل.
والأهم تلك الدول التي ذهبت الى التطبيع، إذ يتوجب عليها العودة الى الجذور، الى تهديد إسرائيل، فإما أن تتوقف حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني أو ان تقوم الدول العربية برفض التطبيع والتخلي عنه وقطع العلاقات مع إسرائيل.
كونوا رجالاً لمرّة واحدة، كونوا رؤساء يرفع شعبكم “رأسه” عالياً بكم… وكفى خنوعاً واستسلاماً… تعلموا من الفلسطينيين الأبطال أعظم دروس الوطنية والإباء.