أبرز دلالات المناظرة الرئاسية بين بايدن وترامب / 1
المحامي د. أسامة العرب
شهدت المناظرة الأولى بين الرئيس الديمقراطي جو بايدن ومنافسه الجمهوري دونالد ترامب تبادلًا حادًا للاتهامات حول قضايا رئيسية مثل الاقتصاد، والإجهاض، والسياسات الخارجية، والهجرة، في مناظرة أظهرت الناخبين الكبار سنًا جنبًا إلى جنب، مقدمةً فرصة نادرة لمشاهدتهم في مواجهة مباشرة.
إنّ أبرز المحاور والجدالات التي دارت في المناظرة، تعلّقت بالاقتصاد الأميركي، حيث أكّد بايدن أن إدارته تسلمت اقتصادًا كان على وشك الانهيار، وأعاد الأمور إلى نصابها بخلق فرص عمل جديدة في القطاع الصناعي، وخفض أسعار الأدوية مثل الأنسولين؛ أما ترامب فقد دافع عن سياساته الاقتصادية السابقة قائلًا إنه سلم بايدن أعظم اقتصاد في التاريخ الأميركي رغم جائحة كورونا، وأكّد أن التوسع في الإنفاق كان ضروريًا لتلافي الكساد، وهاجم بايدن بأنه سبب التضخم الحالي.
كما تناولت المناظرة قضية الحرب الروسية على أوكرانيا، حيث انتقد ترامب سياسات بايدن تجاه أوكرانيا، مشيرًا إلى أن بوتين لم يكن ليغزو أوكرانيا لو كان هناك رئيس يحترمه؛ أما بايدن فقد دافع عن سياساته، مؤكدًا أن بوتين أراد السيطرة على كييف لكنه لم يتمكن من ذلك وخسر الآلاف من الجنود.
وتناولت المناظرة قضية الحرب بين حركة حماس وإسرائيل، فزعم ترامب أن سياسات بايدن تسبّبت في هجوم السابع من أكتوبر وأن إدارته السابقة جففت إيرادات إيران، كما تهرّب من إبداء موقفه إزاء الاعتراف بدولة فلسطين لتحقيق السلام في المنطقة، قائلًا سوف أنظر بالموضوع؛ أما بايدن فقد أعرب أن الولايات المتحدة يجب أن تظلّ أكبر داعم لإسرائيل، كما أكّد على ضرورة القضاء على حركة حماس، ولكنّه روّج لمقترح طرحه سابقًا لجهة وجوب إجراء تبادل أسرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين ووقف إطلاق نار بشروط إضافية، دون الكشف عن تلك الشروط.
إلى جوار ذلك، تناولت المناظرة مسألة الانسحاب من أفغانستان، حيث وصف ترامب سحب بايدن للقوات الأميركية بأنه الأكثر إحراجًا في التاريخ الأميركي؛ أما بايدن فدافع عن قراره بالانسحاب، مشيرًا إلى أنه كان الرئيس الوحيد في العقد الحالي الذي لم يُقتل فيه أي جندي أميركي في أي مكان في العالم.
أضف إلى أن المناظرة تناولت مسألة كبر العمر والمخاوف الصحية، حيث أكد بايدن أن عمره لا يشكّل عائقًا وأنه حقّق إنجازات أكثر من ترامب؛ أما الأخير فقد تحدّى بايدن في اختبار للإدراك والفحص البدني ومباراة في الغولف.
وتناولت المناظرة أيضًا مسألة تقبّل نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية الجارية، حيث أبدى ترامب استعداده لقبول نتائج الانتخابات إذا كانت حرّة ونزيهة، وهاجم بايدن لسرقة الانتخابات السابقة؛ أما بايدن فقد شكّك في استعداد ترامب لقبول نتائج الانتخابات وتوعّد برفع قضايا ضده في جميع أنحاء الولايات المتحدة بعد خسارته السابقة في القضاء الأميركي.
كما تطرّقت المناظرة لقضية الهجرة والحدود، حيث انتقد ترامب سياسات بايدن بشأن الهجرة، مشيرًا إلى أن الحدود كانت الأفضل تاريخيًا في عهده؛ أما بايدن فقد اتهم ترامب بالمبالغة والكذب بشأن أزمة الهجرة، ودافع عن سياساته للوصول إلى اتفاق بين الحزبين في الكونغرس.
وتطرقت المناظرة كذلك، لأزمة المواد الأفيونية، حيث أكّد ترامب على ضرورة توفير مُعَدَّات رائعة وكلاب لكشف المخدرات للعثور على المواد غير المشروعة؛ أما بايدن فقد شدّد على الحاجة إلى مُعَدَّات يمكنها اكتشاف الفنتانيل وضغط الولايات المتحدة على الدول الآسيوية التي تنتج هذا المخدّر.
إلى جانب ذلك، تطرّقت المناظرة لقضية الإجهاض، حيث انتقد بايدن تصرفات ترامب «الرهيبة» ضد حقوق الإجهاض، معتبرًا أن الديمقراطيين يحاربون من أجل حقوق النساء؛ أما ترامب فقد دافع عن قرار إلغاء قانون «رو ضد ويد» وترك الخيار لكل ولاية بإقرار إنهاء الحمل أو منعه، متهمًا الديمقراطيين بدعم «الإجهاض حتى الشهر التاسع»، وهو ما اعتبره بايدن ادعاءً كاذبًا.
إلا أنّ أداء الرئيس الديمقراطي جو بايدن خلال المناظرة، أثار ذُعرَ الديمقراطيين، وفاقم مخاوفهم من عمره المتقدّم وتراجع لياقتِه العقلية والجسدية، خصوصًا بعدما تعثّر مرارًا وتكرارًا، وبدا متلعثمًا ومرتبكًا ومتجمدًا في لحظات إجابته عن قضايا جوهرية؛ في الوقت الذي ظهر فيه ترامب بصورةٍ أكثر تماسكًا، وفرض أسلوبَه ونبرته، وإن كان قد قدّم معلومات مغلوطة متكررة بشأن المهاجرين والجريمة الملاحق بها، وتجاهل إلى حدّ كبير الأسئلة حول تغيّر المناخ والإدمان، ليوجّه الحديث نحو الاقتصاد والهجرة. ولذلك دعت هيئة تحرير صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، الرئيس جو بايدن، إلى الانسحاب من السباق إلى البيت الأبيض غداة مناظرته، وكتبت في افتتاحيتها مساء الجمعة: «بايدن كان رئيسًا مثيرًا للإعجاب. في ظل قيادته، ازدهرت الأمة وبدأت في معالجة سلسلة تحديات طويلة الأمد، وبدأت الجروح التي فتحها ترامب في الالتئام. لكن أعظم خدمة عامة يمكن أن يؤديها بايدن الآن هي أن يعلن أنه لن يستمر في الترشح لإعادة انتخابه».
والحقيقة أن هذه ليست هي المرة الأولى التي يجري فيها الديمقراطيون مُناقشَة حول قدرات بايدن، حيث دقّ عدد من الاستراتيجيين البارزين ومنذ أكثر من عام ناقوس الخطر خلف الأبواب المغلقة، مثل مستشار باراك أوباما السابق ديفيد أكسلرود، ومستشار بيل كلينتون السابق جيمس كارفيل، لكن النقاش أصبح علنياً وصاخباً بعد المناظرة.
يتبع غداً
المحامي أسامة العرب