كتب عوني الكعكي:
من الطبيعي أن يدخل «الحزب» في حرب لمساندة أهل غزة، خصوصاً أن شعار «الحزب» هو تحرير فلسطين… فكيف له أن يقف مكتوف اليدين؟ وهو الذي يدّعي أنّ سرّ وجوده هو: محاربة إسرائيل وتحرير فلسطين.
من الطبيعي جداً، عندما بدأ أبطال المقاومة الفلسطينية عملية «طوفان الأقصى» أن يشعر المقاومون اللبنانيون بأنّ الفرصة التي كانوا ينتظرونها قد حانت. لذلك من الطبيعي أن يُعلن المرحوم الشهيد السيّد حسن نصرالله وقوفه الى جانب المقاومة الفلسطينية ومساندتها، وإجبار أهالي شمال فلسطين المحتلة على ترك بيوتهم، والهرب الى داخل فلسطين المحتلة، حيث وحسب المعلومات أن 100 ألف يهودي هربوا الى الفنادق، وبعضهم اتجه الى أماكن أمّنتها دولتهم العبرية.
ومما لا شك فيه، أنّ الأيام الأولى للحرب جعلت قوات «الحزب» تتدخل لمساندة أبطال «طوفان الأقصى»، وكان الردّ مدروساً ودقيقاً جداً ضمن الحدود المعقولة.
ولكن بعد مرور حوالى شهر، أي في 2023/11/8، حضر الى المنطقة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، حاملاً معه مشروع تسوية برّية بين لبنان وإسرائيل… واجتمع يومذاك مع الرئيس نبيه بري، حيث أن العلاقات بين الرئيس بري وبين مستر هوكشتاين كانت ناجحة، إذ يكفي أنه استطاع أن يبرم اتفاقاً بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية… لنأخذ بعد الترسيم الإذن في بداية البحث عن الثروة النفطية.
الرئيس نبيه بري بدوره بحث مع السيّد حسن نصرالله الأمر، لكن الأخير رفض أية مباحثات قبل انتهاء حرب غزة.
بعدها بشهرين، أي بتاريخ 2024/1/12 حانت الفرصة الثانية، إذ جاء هوكشتاين واجتمع مع الرئيس نبيه بري ناصحاً بأخذ المبادرة والذهاب الى مشروع سلام.
وللتاريخ، فإنّ الرئيس بري اقتنع بالمشروع وحاول أن يقنع الشهيد السيّد حسن نصرالله الذي بقيَ مصرّاً على موقفه السابق مع ربط الحرب في لبنان بالحرب في غزة.
الفرصة الثالثة كانت في تاريخ 2024/8/15، حين جاء الموفد الأميركي حاملاً مشروع تسوية جديدة. اجتمع مع الرئيس بري، وتلا الاجتماع اجتماع بين الرئيس بري وبين الشهيد السيّد حسن نصرالله… ويُقال إنّ السيّد بدأ يلين، وطلب من الرئيس بري استمهاله بعض الوقت… ولكن يبدو أن الإيرانيين، وبعد أن عُرِضَ عليهم المشروع، رفضوه لحسابات إيرانية فقط.. وبذلك خسرت المقاومة ولبنان فرصة ذهبية ثالثة، فقط لأنّ الإيرانيين لم يحصلوا على ما يريدون، وهذا يؤكد أن إيران يهمّها مصلحة إيران أولاً وأخيراً، أما ما يحصل للبنان، فهذا غير مهم.
لا أتجنّى على إيران عندما أقول إنّ إيران لا يهمّها إلاّ مصلحتها. فهذه حال جميع الدول التي تعطي أموالاً لدولة ثانية، لأنّ العطاء من إيران للبنان لم يكن بسبب أنّ أهل الشيعة في لبنان هم أولاد عم مشروع ولاية الفقيه، بل لأنّ إيران تستغلّ شيعة لبنان من أجل مصلحتها.. وللتأكيد على ذلك هناك بعض الأسئلة لا بدّ من إثارتها:
أولاً: ما مصلحة «الحزب» بالذهاب الى سوريا ومحاربة أهل سوريا إكراماً للرئيس بشار الأسد؟
ثانياً: عندما ذهب «الحزب» الى اليمن، ما هي مصلحة «الحزب» في اليمن أيضاً؟
ثالثاً: ما هي مصلحة «الحزب» بالذهاب الى العراق؟
باختصار… لقد خسر لبنان فرصة ذهبية قُدّمت إليه، لأنّ إيران لم تحصل على مكافأة من الولايات المتحدة.