يجب أن نتعلّم من التاريخ

كتب عوني الكعكي:

 

منذ اللحظة الأولى لعملية «طوفان الأقصى» أعلن حزب الله أنه سيكون جبهة مساندة لأهل غزة والشعب الفلسطيني هناك.

وبالفعل، في اليوم الثاني بدأت صواريخ «الحزب» تجتاح شمال فلسطين، حيث وخلال أيام قليلة، أفرغ شمال فلسطين من المستوطنين وهرب اليهود الى داخل فلسطين، وتعطلت المدارس والحياة العامة في معظم قرى ومناطق شمال فلسطين خوفاً من صواريخ «الحزب»…

طبعاً، إسرائيل لم تسكت.. بل قامت بعمليات كبيرة ضد جنوب لبنان حيث اضطر عدد كبير من أهل الجنوب الى ترك بيوتهم والذهاب الى المناطق الأكثر أماناً أي البعيدة عن العمليات العسكرية.

طبعاً، هذا لم يعجب جماعة الثنائي «المسيحي» أي «القوات» ولا حتى العونيين من التيار الوطني الحرّ… ويكاد لا يمر يوم إلاّ وهناك الكثير من الانتقادات الى حدّ التجنّي. فالبعض يقول: لا نستطيع أن نعيش معكم، والبعض الآخر قال: لا تشبهوننا.

على كل حال… علينا أن نحترم جميع الآراء حتى التي تتجنّى على المقاومة..

هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإنّ بعض العرب، وللأسف الشديد أيضاً، اعترضوا على عملية «طوفان الأقصى» وقالوا: على أبطال «طوفان الأقصى» أن يعملوا حساب الرد الإسرائيلي.

أما البعض الآخر فقال: هل رأيتم ماذا حصل في غزة، وكيف دمّرت عن بكرة أبيها؟.. وانظروا الى عدد الشهداء الذين فاق عددهم الـ40 ألف شهيد والجرحى 100 ألف، أما المهجرين فبلغوا مليونين… فهل هذا مقبول؟

إلى كل هؤلاء نقول: دعونا ننظر الى ما حدث في ڤيتنام في الستينات من القرن الماضي.. وإلى غيرها من الأمثلة من العالم لنحكم بموضوعية على ما يجري.

ففي حرب ڤيتنام مثلاً قُتل من الڤيتناميين أكثر من مليوني قتيل. أما الاميركيون فقتل منهم 57 ألفاً. معنى ذلك ان عدد القتلى الڤيتناميين يعادل 40 ضعف عدد القتلى الأميركيين. ومع ذلك أجمع المؤرخون على أن الشعب الڤيتنامي هو الذي انتصر.

الاتحاد السوڤياتي خسر في الحرب العالمية الثانية 22 مليون قتيل، ومن ألمانيا 7 مليون… ولكن من المنتصر؟ الاتحاد السوڤياتي رغم أن قتلاه يساوي 3 أضعاف قتلى الألمان.

الجزائر خسرت مليون وخمسمائة ألف شهيد، فيما خسر الفرنسيون 30 ألفاً فقط: يعني عدد شهداء الجرائر أكثر من 50 ضعفاً… ومع ذلك الجزائر انتصرت.

إنّ من يملك الآلة العسكرية المدمرة تكون خسائره أقل، لأنه يريد أن يسحق خصومه.

لذا، فإنّ الفئة المؤمنة بحقها هي التي ستنتصر، ومن يمتلك الحق هو الذي يمتلك القوة.

في النهاية لا يمكن أن ننظر الى عملية «طوفان الأقصى» بحساب عدد القتلى أو الجرحى ولا المهجرين…

يكفي أنّ عملية «طوفان الأقصى» حققت:

أولاً: إعادة القضية الفلسطينية الى طاولة المفاوضات بعد أن كانت منسيّة لا بل تخطاها الزمن.

ثانياً: للذين كانوا يهرولون الى التطبيع، فإنّ أهم وأكبر دولة تراجعت وقالت بعد العملية إنها لن تطبّع إلاّ بعد قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس.

ثالثاً: هناك تغيير كبير حصل في الرأي العام في كل العالم، ويمكن أن نقول بكل ثقة إنّ العالم كله، على الصعيد الشعبي، أصبح مع القضية الفلسطينية، اما الحكام في العالم فمع مصالحهم خصوصاً أن التأثير اليهودي كبير ويحتاج الى وقت لتغييره.

في النهاية النصر أصبح قريباً ولكن مع قليل من الصبر.

aounikaaki@elshark.com

التعليقات (0)
إضافة تعليق