بقلم جوزفين ديب
«أساس ميديا»
على وقع التصعيد الإسرائيلي في جنوب لبنان، زار الموفد الاميركي آموس هوكستين تل أبيب محاولاً وقف التصعيد الذي يعد به نتنياهو لبنان. هوكستين قال للمسؤولين الإسرائيليين، إنّ توسّع الحرب مع لبنان ليس وسيلة لإعادة سكان الشمال إلى منازلهم، بينما كان ردّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أنّ إسرائيل ستفعل المطلوب لاعادتهم إلى منازلهم، وغالانت قال أنّ عودتهم لا يمكن أن تكون إلا بعملية عسكرية.
لقاء هوكستين – لودريان
في معلومات “أساس”، أنّ هوكستين وضع على جدول أعماله زيارة بيروت بعد تل أبيب، ولكنه لم يؤكّدها حتى هذه الساعة. ولم يبلّغ أحد من المسؤولين اللبنانيين أي قرار بزيارته لبنان بعد تل أبيب.
وتتزامن حركة هوكستين هذه، وسط معلومات أكّدت لـ”أساس” أنه التقى الموفد الفرنسي جان إيف لودريان قبل زيارته تل أبيب، وذلك للتنسيق المشترك في الملف اللبناني، بشقيّه الحدود والرئاسة. ويأتي لقاء هوكستين بلودريان هذا أيضاً استكمالاً لاجتماع لودريان في الرياض مع المستشار الملكي السعودي نزار العلولا وعملهما معاً على الملف اللبناني.
سيكون العنوان في المشهد اللبناني في الأيام المقبلة ملفيّن: الأوّل الحدود والثاني الرئاسة. فهل تأتي التسوية في الحدّ الزمني الفاصل قبل انتخابات أميركية دقيقة، وبعد اتفاق أميركي عراقي إيراني في بغداد. وإذا بدأت التسويات من بغداد فهي حتماً ستنتهي في بيروت.
الحدود: انسحاب إسرائيليّ من الأراضي المحتلّة
على الرغم من كلّ الكلام عن أنّ هوكستين لم يقدّم أيّ طروحات حول الحدود الجنوبية، فإنّ مصادر دبلوماسية تؤكّد لـ”أساس” أنّ العكس هو الصحيح، وأنّ لبنان سيكون أمام العرض نفسه لتثبيت الحدود مقابل تطبيق لبنان للقرار 1701. وتتحدّث هذه المصادر عن أنّ التصعيد الحالي يمكن أن يستمرّ على شكله الحالي الذي يجعل من الحدود الجنوبية وقرى الشريط أرضاً محروقة، مع مزيد من التوغّل إلى العمق كالضربات التي شهدها الجنوب في الساعات الأخيرة. إلا أنّ هوكستين حمل الاقتراح الأميركي وجال به عساه ينجح في إحداث اختراقٍ ما يجعل نتنياهو أقرب إلى التسوية مع لبنان منه إلى الإبقاء على الجبهة المفتوحة.
لبنانياً، يبدو الأمر أكثر وضوحاً. فبحسب المعلومات حصل هوكستين على الجواب من زيارات سابقة، “الحزب مستعدّ لتطبيق الـ1701 شرط أن يطبّق من الجهتين، وذلك بعد انتهاء حرب غزة، أو بعد حصول هدنة أو تبادل أسرى”. وهذا ما حاول هوكستين في تل أبيب استدراكه بالدفع باتجاه تحريك ملفّ الأسرى على الرغم من وضوح موقف نتنياهو الرافض لأيّ شكل من أشكال الخضوع في غزة. وهذا التحذير سيصل إلى لبنان في رسالة دولية لتطرح خطورة التصعيد الإسرائيلي.
فصل الرّئاسة عن الجنوب
كلّ المؤشّرات تقود إلى أنّ الحزب جاهز لانتخاب رئيس وفصل الملفّ عن الجبهة الجنوبية، على الأقلّ في ما يصدر عن عين التينة. تقول مصادر مقرّبة من الحزب إنّ كلّ مواقف الرئيس بري وأيّ مبادرة أو ليونة أو موقف لا يعكس موقفه فقط، بل يعكس موقف الثنائي أيضاً. وبالتالي ستناقش القوى الدولية ملفّ الرئاسة عارضة على الثنائي انتخاب رئيس قبل الانتخابات الأميركية على أن يكون رئيساً توافقياً بين اللبنانيين. وهذا الاقتراح تقول المصادر الدبلوماسية، سيكون عرضاً محدّداً لا مجرّد تحذيرات من أيّ تصعيد إسرائيلي مقبل.
يأتي هذا الكلام بعد معلومات عن لقاء السفير وليد بخاري مع الرئيس بري قبل أكثر من أسبوع. وكان بري واضحاً فيه بأنّ أيّاً من الفريقين لا يستطيع انتخاب رئيس وحده، وإذا حدث ذلك فلن يستطيع أن يحكم، وبالتالي الأنسب للبنان هو الذهاب إلى رئيس توافقي يحظى بدعم دولي في المرحلة المقبلة.
يعبّر هذا الكلام أيضاً عن موقف الحزب على الرغم من تأكيده المستمرّ أنّ مرشّحه لا يزال سليمان فرنجية. ولكنّ أيّ شكل من أشكال التشاور المقبل يمكن أن يعدّل ويغيّر في مسارات الرئاسة.
هل توقف الرّئاسة الحرب؟
يتحدّث المعنيون بالملفّ الرئاسي عن سيناريوهين. الأوّل هو أن يُعتبر الرئيس ممرّاً ومخرجاً للحزب ليقول إنّه سيوقف عمليته القتالية إفساحاً في المجال أمام الرئيس ليحكم ويجد حلّاً عبر المفاوضات التي يقف الحزب خلفها.
السيناريو الثاني هو أن لا يستطيع الحزب إقفال الجبهة الجنوبية قبل حدوث أيّ شكل من أشكال التغيير في غزة. وبالتالي سيستمرّ في اشتباكه مع إسرائيل حتى بعد الانتخابات الرئاسية إن حصلت.
بعد كلام المرشد خامنئي عن تراجع تكتيكي أمام العدوّ، وانسحاب ذلك اتّفاقاً في العراق مع الأميركيين، فلا شيء يمنع أن يمتدّ ذلك إلى لبنان في تسوية رئاسية تستبق تشرين الثاني.
الفرصة موجودة لكنّ المطلوب بحسب مصادر سياسية هو طرح واضح يقدَّم للحزب، لا مزيد من التهديد والعناوين السياسية الفارغة والطروحات غير الجدّية. فهل ينجح هوكستين ولودريان، وخلفهما الخماسية التي تحرّكت تزامناً مع المتغيّر العراقي، في ترجمة الاتفاق الأميركي الإيراني في لبنان بانتخاب رئيس في الأسابيع المقبلة؟
جوزفين ديب