كتب عوني الكعكي:
ما قبل كارثة «البيجر» وبعدها له هدف واحد… هو القضاء على الفلسطينيين في حرب إبادة، وعلى كل من يساند أو يتعاطف معهم.
الوحدة الوطنية التي تجلّت في استقبال الجرحى والمصابين في كل مستشفيات العاصمة: من مستشفى المقاصد، إلى الجامعة الأميركية، إلى أوتيل ديو، إلى مستشفى الروم. جميع تلك المستشفيات استقبلت الجرحى بكل محبة واحتضان.
ثانياً: هناك درس أظن ان «الحزب» تعلّمه من هذه الكارثة، هو أنّ أي آلة، وبالأخص جهاز اتصال، أو ما يشبه ذلك، وهنا أعني بدءاً بالجهاز الخلوي (الموبايل)، إلى «البيجر»، يجب على «الحزب» أن يضع أسساً وقواعد لاستعمالها… بالإضافة الى التأكد من خلو هذه الأجهزة من أي شيء غريب… وهذا ممكن.
ثالثاً: الوحدة الوطنية التي تجسّدت بشكل عفوي وطبيعي، وإنساني… يجب أن يُبنى عليها.. وأن تفتح صفحة جديدة بعلاقات تقوم على احترام الرأي، والرأي الآخر، وعلى التعاون الصادق المثمر والبنّاء.
إنّ الإدانة والاستنكار لا تحلان الكارثة التي تعرّض لها اللبنانيون، وبالأخص رجال المقاومة.. وهذه أكبر جريمة إبادة في التاريخ بسلاح جديد، لم يُحسب له أي حساب… وهذه هي المرّة الأولى التي يستعمل فيها مثل هذا السلاح السيبراني.
السؤال البديهي: ماذا سيفعل الحزب المقاوم بعد هذه العملية؟
لن أستبق الأمور.. ولكن عندي بعض الملاحظات يمكن أن يستفاد منها:
أولاً: هناك سؤال عند الجميع، كيف يستورد الحزب هذه الكمية، ويستعملها من دون فحوصات دقيقة؟
ثانياً: الحرب بيننا كعرب وبين اليهود، انتقلت من حرب طبيعية بين فريقين الى حرب إبادة… بمعنى أدق، إنّ إسرائيل اليوم تريد أن تبيد الشعب الفلسطيني، وأي شعب يتعاطف معه…
ثالثاً: صحيح ان ما جرى خلال اليومين الماضيين، لم يكن في الحسبان. ولكن علينا أن لا ننسى اننا نتعامل مع عدو غدار، يملك إمكانيات مالية وسياسية ضخمة، ودعم من جميع الدول العظمى غير محدود، وهذا يعني أن تلك الدول كما تبيّـن بعد عملية «طوفان الأقصى» سارعت بجيوشها وأساطيلها وأسلحتها وهبّت من كل أنحاء العالم وتوجهت الى فلسطين… ويكفي أن يصل الى ميناء حيفا المحتل أسطول حاملة الطائرات «أيزنهاور»، وكذلك أيضاً حاملة الطائرات «روزفلت».
هذا يعني أن هناك حرباً على أكثر من صعيد، كما يعني أيضاً أن حرباً إلكترونية سوف يستعملها العدو ضدنا.
ولنتذكر كيف قتل اللواء قاسم سليماني قائد قوات «فيلق القدس» التابعة للحرس الثوري الايراني في 3 يناير/ كانون الثاني 2020 في مطار بغداد، ومعه أيضاً نائب قائد «الحشد الشعبي» العراقي أبو مهدي المهندس، ومعهما 19 آخرون، والقصة في غاية البساطة ولكن خلفيتها مخيفة، إذ ان فتاة أميركية تبلغ 21 عاماً كانت تشاهد التلفزيون، شاهدت اللواء قاسم سليماني في مطار بغداد، فاتصلت بإدارتها، فقال لها المدير: إكبسي على «هذا الزر»… وبالفعل كبست على زر في الكومبيوتر أمامها في أميركا وتحديداً في ميامي، فانطلقت الصواريخ «لتبيد» موكب اللواء قاسم ومعه نائب قائد
«الحشد الشعبي».
هذه الحادثة كانت إنذاراً لمن يظن أن إسرائيل قد تتصرّف بأي عمل من دون داعميها، لأنّ داعميها سوف يضعون كل هذه المواهب التدميرية في أيدي العدو الصهيوني.
أمام ما حدث في اليومين الماضيين من اعتداءات إسرائيلية على «الحزب»، وعلى الشعب اللبناني، وإزاء ما يحدث في مدينة غزة البطلة… يبدو أن إسرائيل لن تتوقف عن هذه الحرب، إلاّ عند انتصار أحد الطرفين، خصوصاً أنّ أميركا، كما يبدو، لا تريد الحل، وهي تقف الى جانب إسرائيل بشكل قاطع وثابت، والأنكى أن الحزبين: أي الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي يتنافسان على دعم إسرائيل.
على كل حال، يجب أن ننتظر ما سيقوله السيّد حسن نصرالله اليوم، إذ لا بدّ وأنّ لديه معطيات لا نعرفها… بالإضافة الى أن هناك اتصالات واجتماعات تجري بين أميركا وإيران في عُمان.