نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً شارك فيه باتريك كينغزلي وجوليان إي بارنز وآدم راسغون قالوا فيه إن زعيم “حماس” في غزة، يحيى السنوار، يعتبر مهندس هجوم 7 تشرين الأول 2023، وفي الوقت الذي يبحث فيه الوسطاء عن اتفاق وقف إطلاق النار، فإن أيّ اتفاق يعتمد عليه، مثلما يعتمد على عدوّته إسرائيل.
وقالت الصحيفة إن السنوار هو في العرف الإسرائيلي “رجل ميت حي”، واغتياله يعتبر أهم هدف للهجوم الإسرائيلي المدمر.
وبعد سبعة أشهر، يعتبر بقاء السنوار حيّاً رمزاً لفشل الحرب الإسرائيلية التي دمرت معظم غزة، وتركت قيادة “حماس” في مكانها، وفشلت في تحرير معظم الأسرى الذي أخذوا في هجوم أكتوبر.
ورغم محاولة المسؤولين الإسرائيليين اغتياله، إلا أنهم أجبروا على التفاوض معه، وإن بشكل غير مباشر. وظهر السنوار ليس كقيادي مصمم فقط، ولكن كمفاوض ذكي منع نصراً إسرائيلياً في ساحة المعركة، وتواصل مع الوفود الإسرائيلية على طاولة المفاوضات.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في “حماس” وإسرائيل والولايات المتحدة قولهم إن المفاوضات التي توسطت فيها قطر ومصر، ظلت معلقة على موافقة السنوار، المختفي في مكان ما في غزة، والتي يجب أن يحصل عليها وفد “حماس” المفاوض.
ويؤكد المسؤولون في “حماس” أن السنوار ليست له الكلمة الأخيرة في قرارات الحركة، إلا أن الأصدقاء والأعداء يقولون إن قيادته في غزة تعطيه دوراً كبيراً في الطريقة التي تعمل فيها “حماس”. ويقول صلاح الدين العواودة، الذي صادق السنوار أثناء السجن، في الفترة ما بين 1990- 2000 : “لا قرار يتم اتخاذه بدون مشاورة مع السنوار”، و هو ليس “زعيماً عادياً، بل شخص قوي ومهندس للأحداث، وهو ليس ذلك المدير أو الرئيس، بل هو زعيم”، كما قال.
وكان انتظار رد السنوار سبباً في تأخير المفاوضات، حسب المحللين والمسؤولين. ونظراً للدمار الذي تسبّبت به إسرائيل على البنى التحتية للاتصالات، فقد كان المفاوضون ينتظرون أحياناً يوماً لإيصال رسالة للسنوار، ويوماً للحصول على جواب منه. ويقول المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون إن السنوار برز خلال المفاوضات، التي توقفت مرة أخرى في القاهرة، الأسبوع الماضي، ليس كعدو قاس، ولكن كفاعل سياسي ذكي قادر على تحليل المجتمع الإسرائيلي وتكييف سياساته بناء على ذلك.
وكان السنوار، الذي يعتبر مهندس هجوم أكتوبر، يعرف أنها ستؤدي إلى رد قاس من إسرائيل. وتزعم الصحيفة هنا أن حسابات “حماس” بأن موت الكثير من المدنيين الذين ليس لديهم منفذ على أنفاق “حماس”، هو ثمن ضروري للأمر الواقع الذي فرضته إسرائيل بحصارها الطويل على غزة.
وتقول الصحيفة إن مؤسسات الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية قضت شهوراً وهي تقيم دوافع السنوار في هجوم أكتوبر، وترى أن الدافع الرئيسي هو الانتقام وإضعاف إسرائيل. ويقول المسؤولون إن حماية الفلسطينيين وإقامة دولة فلسطينية هي أمور ثانوية له.
ويرى المسؤولون الإسرائيليون والأمريكيون أن السنوار، الذي درس اللغة العبرية، وطوّر فهماً للمجتمع والسياسة في إسرائيل، يحاول استخدام معرفته لزرع الانقسام في المجتمع الإسرائيلي، وزيادة الضغط على بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي.
ولو اتهم نتنياهو بإطالة أمد الحرب لأهداف شخصية، فسيكون المستفيد هو عدوه اللدود السنوار. ويرى المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون والأمريكيون أن هدف السنوار هو إطالة أمد الحرب من أجل تدمير سمعة إسرائيل دولياً والتسبّب بضرر بعلاقتها مع حليفتها الولايات المتحدة.
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن السنوار لم يهتم بمواقف زملائه خارج غزة، الذين لم يعرفوا عن خطة الهجوم في تشرين الأول. ومع اعتقادهم أن السنوار يوافق على العمليات العسكرية التي تديرها “حماس”، إلا أن المخابرات الإسرائيلية ليست متأكدة من حجم ومدى دوره فيها. ويقول مسؤول غربي على اطلاع بمفاوضات الهدنة إن السنوار يتخذ القرارات بالتنسيق مع شقيقه محمد، وهو قيادي بارز في “كتائب القسام”، وأنه اختلف في بعض المرات مع قيادات “حماس” في الخارج. وأضاف المسؤول أن قيادة “حماس” في الخارج أظهرت أحياناً ميلاً للتنازل، لكن السنوار كان يتشدّد في موقفه لمعرفته أنه سيقتل انتهت الحرب أم استمرت. وقال إن المخابرات الإسرائيلية ستلاحق السنوار حتى نهاية حياته، حتى بعد نهاية الحرب.