نجاح هاريس نجاح للولايات المتحدة

بقلم مروان اسكندر

شهر تشرين الثاني قريب ومع بدايته تشتد الحملات الانتخابية للمرشحين دونالد ترمب وكاملا هاريس والدراسات الحقلية لنوايا الانتخاب تبين رغم تأخر اعلان هاريس عن ترشحها انها تحوز ما بين 2 و4% اكثر من ترمب في نوايا الانتخاب.

ان نجاح هاريس يعني تعدل السياسة الاميركية مع تولجها قيادة البلاد، وحماسة المتبرعين لاكلاف حملتها تجاوزت بنسبة كبيرة المبالغ التي توافرت لحملة ترمب.

حماقة ترمب في وصف انتصار هاريس ان تحقق بانه انتصار للعرق الاسود يعبر عن سطحية برامج ترمب وشخصيته، والواقع ان هاريس تتمتع بجاذبية واضحة ان سبب ديناميكيتها بالتحرك والقاء الخطابات او بسبب لون بشرتها وتجدر الاشارة انه اللون الذي يسود في بورتو ريكو وبنسبة ملحوظة لمهاجرين من كوبا. ويمكن القول ان من يتمتعون ببشرة تشابه هاريس يتجاوز عددهم عدد الناخبين من العرق الاسود، وهنالك ناخبون من العرق الاسود متحمسون لهاريس ربما يفوق عددهم ما يظن ترمب انه نسبة المؤيدين له من العرق الاسود. وهذا التفارق يؤدي الى زيادة عدد الناخبين مستقبلاً لهاريس على الناخبين لترمب بنسبة تفوق ال5%.

ان هذا الترقب على توسع لان سياسات بايدن التي مارسها بدعم حرب اسرائيل على غزة خصوصًا والفلسطينيين عمومًا وضعف ممارسة صلاحيات الرئاسة وميله لتسليح اسرائيل ومدها بالدعم المالي على نطاق واسع واعلانه ان الولايات المتحدة ستعمل على حماية اسرائيل من أي هجوم عربي او ايراني. وليس هذا السبب في تجاوز شعبية هاريس لترمب حسب الاحصاءات الاخيرة.

الامر الاهم الذي ظهر مؤخرًا قرار السلطات الايرانية الموافقة على بدء مباحثات اعادة احياء الاتفاق النووي الذي كان تحقق ايام حكم الرئيس الاسود اوباما حقًا ومن ثم نقض الاتفاق وتعليقه من قبل ترمب، وقد شاهدنا اعتداءات على ممثل اسرائيل من قبل فرق ايرانية خلال الشهرين المنصرمين تفوق بأهميتها أي اعتداءات سابقة ومن هذه قصف طائرة اميركية لموكب رئيس الحرس الثوري عند مغادرته طائرة قادمة من بغداد برفقة عدد من مساعديه الاساسيين.

بعد عملية القصف هذه تعرضت سفارة اسرائيل في بلد افريقي للتهديم ومقتل السفير من قبل هجوم بصواريخ ايرانية وتعالت المخاوف من تعدد هكذا مبادرات تلغي أي مساعي لاحلال السلام في غزة والمناطق الفلسطينية، وهاريس لم تتخذ موقفًا مناهضًا لاسرائيل وان هي صرحت علنًا بان استمرار عمليات اغتيال المقاتلين الفلسطينيين والمواطنين العزل خاصة الاطفال والنساء وحتى المرضى في المستشفيات التي تهدمت في غزة بسبب القصف المقصود للمستشفيات والمدارس والجوامع والكنائس في غزة.

هاريس في احد خطاباتها بعد انتقائها لخوض الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في وجه ترمب عددت انواع التعديات التي كانت تحصل في كاليفورنيا حيث كانت من فريق مكافحة المخلين بالامن وتابعت بالقول، ان ترمب اتهم في جميع حالات مخالفة القانون في كاليفورنيا وهي اوحت بانها كانت لاحقته قانونًا لو ارتكب ترمب احدى المخالفات خاصة في نطاق التحرش بالنساء في كاليفورنيا خلال فترة تولجها مسؤولية في مكتب المدعي العام.

لا تزال المرشحة الديمقراطية تمارس خيارات جيدة سواء لتسمية ديمقراطي محبوب شعبيًا، او حينما صرحت مؤخرًا انها لا تمانع في مشاركة وزير او اكثر من الفريق الجمهوري عند تأليف اول وزارة في عهدها معتبرة ان مصلحة البلد، الولايات المتحدة، تآلف السياسيين واعتناقهم مصلحة الولايات المتحدة وسكانها قبل أي انتساب طبقي او تعصب للون المواطنين ومساعيهم ونشاطهم.

الرئيس اوباما الذي انجز الاتفاق النووي مع ايران يعتبر من الرؤساء الجيدين وكان هو وزوجته التي تحظى باحترام مهني يقيمون ما اذا كانت زوجته ستترشح لمنصب الرئاسة، فوقع الاختيار على هاريس لمناسبتها خوض معركة الرئاسة بتاريخ ناصع في الادارة الحكومية سواء في مكاتب الادعاء العام في ولاية كاليفورنيا او كنائبة للرئيس بايدن الذي كان بالفعل ضعيفًا وسيرة ابنه واستفادته من اتفاقات مع رئيس اوكرانيا اسهمت في تعديل النظرة الى استقلالية بايدن المالية.

بالتأكيد فوز هاريس بانتخابات الرئاسة الاميركية سينعكس ايجابًا على النظرة الى الولايات المتحدة، ويجب القول ان العالم اليوم يتخوف من مؤشرات ازمة مالية مقبلة، فالرهونات العقارية في الولايات المتحدة، وسياسات حاكم البنك المركزي في حينه 2005-2006 اسهمت في انبلاج ازمة مالية ومصرفية لم تتجاوزها حتى تاريخه السياسات المتبعة واليوم هنالك تخوف حول سعر صرف الدولار وقدرة الولايات المتحدة على الايفاء لمستحقات السندات في اوقات انتهاء مدتها.

ان انتخاب ترامب للرئاسة في هذا الوقت يعتبر مقامرة في المستقبل السياسي للولايات المتحدة وتأثيرها عالميًا. وعلى العكس انتخاب هاريس يسهم في طمأنة الاميركيين الى تمسكها بسياسات تسهم في ضبط التضخم دون ان تؤدي الى ازمة متوسعة كما حدث عام 2006، والامر الذي يزيد اهمية هذا الموضوع ان اهمية الاقتصاد الاميركي اليوم هي اقل بكثير مما كانت منذ 18 سنة، فالهند تجاوزت في حجم انتاجها القومي حجم الاقتصاد الاميركي وتعتبر من الدول المتفوقة في تطوير برامج الذكاء الاصطناعي، والصين اصبحت تفوق في انتاجها الولايات المتحدة، وبالتالي تحتاج الولايات المتحدة الى رئيس او رئيسة تتمتع برؤية واضحة حول المستقبل.

مروان اسكندر

 

التعليقات (0)
إضافة تعليق