بقلم عادل كروم
اغرب ما في هذه المرحلة ان يعمد اهل السياسة لإعادة تصنيف انفسهم والاخرين بين فريق تابع للحاضر واخر تابع للماضي.
في الواقع ان جلهم هو من بقايا النظام السوري ، هذه هي الوقائع وهذه هي الحقيقه ، فالقول بهذه الامثولات امر من ضروب المبالغة في البلد وهذا الامر ينطبق تماما على القائلين مثلا بنجيب ميقاتي على انه من الماضي ، فلعل القائلين بذلك ينسون ادوارهم في الماضي وما فعلوه في .
واذا كان لابد من استحضار التاريخ فان النجيب هو الانصع بياضا بينهم بغض النظر عن محاولات تشويه سمعته ماليا وقدرته دائما على الرد بذلك قضائيا لاسيما في ملف الإسكان وكذلك ملفات موناكو .
الآن نتحدث في السياسة فنجيب ميقاتي ليس تابعا للماضي بل حلفاء النظام الامني السوري هم يتبعون للماضي تماما وهم منفذو اجنداته على الارض في حقبات مختلفة منذ بداية التسعينات وهذا الامر لا يجب ان ينساه المدعون بالسيادة اليوم او المنادون بها .
نعم ثمة فرقاء خسروا لمراحل معينة بسبب وجود رموز كنجيب ميقاتي في السلطة ولكن ذلك لا يعني انهم بحالة أفضل بل هم يحاولون مزج الامور وخلطها لايهام الناس بوقائع غير موجودة على ارض الواقع.
في كل حال نجيب ميقاتي نجح دائما في القول وفي الممارسة والجزم بانه من الرموز التي ساعدت لبنان على الخروج من ازماته في مراحل ثلاث كرئيس للحكومة العام 2005 حيث تمكن من حمل كرة ملتهبة تماما تأتت على اغتيال رفيق الحريري واوصل السلطه بل اعطاها لقوى الرابع عشر من اذار ومع ذلك لم يحصل منهم على اشادة بل حصل منهم على حملات سنية استمرت حتى العام 2010 وبلغت ذروتها باعتصامات في مدينة طرابلس تشكك بسنيته ثم قاطع سنة المستقبل جلسة الثقه وكلمة رئيس الحكومة ، وقد نسي هؤلاء يومها ان رئيس الحكومة هو ركن الطائفة السنية وهو مقعدها الثالث في السلطة وهو ممثلها الشرعي والبديهي ، فسقطوا وسقطت معهم القيمة التي يدعون الحرص عليها.
لقد عمل نجيب ميقاتي العام 2010 ايضا في مرحلة ملتهبة على امساك العصا من وسطها ودور الزوايا ونجح في تجاوز ازمة خطرة اشعلت مدينة طرابلس يومها واشعلت البقاع ، وانتقل بذلك الى مرحلة اخرى سلمها بدوره الى غيره.
عاد ميقاتي الرئيس لمرتين للحكومة الى طرابلس حاملا لواء الوسطية التي نجحت باثبات نفسها كعنوان وكمبادرة وكدور ثم فرض نفسه على المعادلة السياسية .
بقي الرئيس ميقاتي محور العمل السياسي انكفأ عن النيابة طوعا في مراحل لاحقا ولكنه حضر بين النواب في مناطق عدة وحضر في معادلة جوهرية ثلاثية تمثلت بالتنسيق مع نبيه بري وليد جنبلاط ولكن الرئيس ميقاتي نسي هنا او ربما فعل ان وليد جنبلاط متقلب كان كذلك مع رفيق الحريري ومع سعد الحريري .
ثم جاءت الحكومة هذه الأخيرة مع ميشال عون الذي سعى جاهدا لاسقاط رئاسة الحكومه ولاضطهاد رؤساء الحكومات المتعاقبين في ولايته تحت عنوان اضعاف الطائف وكسر مضمون والاطاحة بجوهره بالسلوك لا بالعناوين ولا بتعديل الدستور، تدخل الرئيس عون بشكل سلبي في تاليف الحكومات وحاصر سعد الحريري ثم قيد حسان دياب حتى قيل بان معظم اعضاء فريق حسان دياب كانوا عونيين وكانت مهمتهم ان يكبحوا جماح حسان دياب وان يمنعوه من العمل ولكن الامور ذهبت الى غير منحى وجاء نجيب ميقاتي بعد افشال متعمد من قبل العونيين السياسية لسعد الحريري اي لرئاسة الحكومة .
جاء نجيب ميقاتي وكسر قيود العونية و الدور الذي ارادوه له وتجاوز ايضا محاولات تكبيل مجلس الوزراء بعد انتهاء عهد رئيس ميشال عون ، تجاوز كل العقبات قفز فوق محاولاتهم لجهة منع مجلس الوزراء من الانعقاد بمعنى منع الإنتاجية في البلد وحقق امورا مختلفة ، حقق الاستقرار النقدي ثم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والامن الاجتماعي و اعاد البنزين الى المحطات واعاد المواد الغذائية الى السوبر ماركت واعاد الثقة او بعضها جزء منها الى البلد.
ثم جاءت حرب ما بعد طوفان تشرين فتنقل الرئيس ميقاتي بين دول القرار في محاولة لمنع كسر الساحة اللبنانية ، فتصاعدت الحرب وسعت اسرائيل الى رؤوس حزب الله وسعى النجيب الى الحفاظ على التوازن اللبناني والاستقرار في البلد تنقل واتصل وتابع ليحصل على قرار وقف اطلاق النار ولعب دورا مهما في مرحلة بالغة التعقيد في تاريخ لبنان ختى تمكن من انقاذ البلد ومن وقف النار ومن لجم الحرب التي كانت تؤذي البلد وكادت تدمره بالكامل.
هكذا انقذ نجيب ميقاتي لبنان بوقف اطلاق النار ، ولعل قلة يدركون أهمية هذا القرار قرار وقف النار اي منع التمادي من قبل اسرائيل في هدم لبنان والتذرع بمحاربة حزب الله بقصف المباني السكنية في بيروت الجنوبية او ضاحيه بيروت الجنوبية وفي البقاع وفي عكار وفي اعالي الكوره ، كل ذلك الى جانب محاولته دائما احداث التوازن لصالح اداء مجلس الوزراء على مستويات مختلفة على مستوى متابعه رواتب القطاع العام وتجميد او تبريده نار الواقع الاقتصادي واحداث التوازن المالي وتوفير اجواء مؤاتية لمصرف لبنان ، كلها امور تمكن نجيب ميقاتي من القيام بها.
ثم جاء دور انتخاب الرئيس لنسأل هل تلمس نجيب ميقاتي ان جوزيف عون سيصل رئيسا فأمن له ارضية صلبة كقائد قوي للجيش اللبناني وهذا ما حصل فعلا فهو امن لجوزيف عون القائد كل الظروف المؤاتية، بل وعمل معه جنبا الى جنب ، و انتقل معه الى الجنوب مرارا واستحضره في مجلس الوزراء مرات عدهطة ليؤكد على دوره وليشدد في الوقت عينه على المناقبية التي يتمتع بها هذا الرجل ولذلك ساهم من جهته في تقديمه للناس كرجل شجاع صلب متين قوي قادر على لعب الدور المطلوب منه لبنانيا ، وحتى لبنانيا دوليا ولبنانيا عربيا.
وجاء الانتخاب الرئاسي تعاطى نجيب ميقاتي بهدوء ، وربما فهم الامور على حقيقتها تعاون بلين وبهدوء وبانسيابية امام استحقاق رئاسة الحكومة فلم يدل ببيان ولم يتحدث بطريقة دعائية بل اكتفى بالمناسبة.
اما من خسر هذا الاستحقاق فهم فريق سياسي معين في البلد يحتاج اليوم لإعادة ترتيب الاوراق ببساطة فما حصل مع نجيب ميقاتي لم يكن خسارة له ، بل ان قوى سياسي معينه في البلد تحتاج لإعادة النظر في قراراتها واخرى تحتاج للنظر في مسارها في مصداقيتها وفي حقيقة وجودها .
ثم ان لبنان سيذهب الى مرحلة جديده لا شك انه سيفعل ، وايضا نجيب ميقاتي كما فعل العام 2005 قادر بان يذهب الى مرحلة جديدة. ففي وقت مضى اي العام 2005 انتقل بالوسطية الى الحضور المستجد لشخصه ولدوره ولرحلته السياسية ، الان الرهان معقود على تلمسه لهويته الجديدة ولمسيرته الجديدة ، فنجيب ميقاتي لم يكن خاسرا يوما وكذلك هو اليوم اذ ان هناك من يحتاجون لتقييم الخسارة بشكل جيد وبشكل واقعي .
باختصار نجيب ميقاتي دائما مكن لبنان من تجاوز المراحل الصعبة بعد العام 2005 كرئيس لحكومات المراحل الملتهبة ، ولابد سيذكر التاريخ ان ابن طرابلس فعل ذلك.