مياه أهل بيروت

بقلم مروان اسكندر

اذا تناول مواطن لبناني راشد طعام الغذاء في مطعم مقصود يطل على طريق رئيسية في بيروت يشهد سيلاً من شاحنات المياه تحمل اسماء شخصية في غالب الاحيان مثل مياه حياة، مياه منى، مياه فقرا، والشاحنات تتفاوت احجامها، فمنها شاحنات ربما تحمل طنين من المياه او 15 طنًا حسب ضخامة الشاحنة وغالبية الشاحنات التي تحمل المياه تشير الى ان مصادر المياه هي من الانبع المعروفة مثل نبع الصفا الخ والاسماء تغطي كافة مناطق لبنان.

حاجات سكان بيروت للمياه سواء للتنظيف المنزلي، الاستحمام، تنظيف الصحون والطناجر واراضي الشقق المكشوفة الخ تستوجب في الحالات الطبيعية توافر 300-500 ليتر من المياه يوميًا، وبالتالي اذا افترضنا ان عدد سكان بيروت يقرب من 500 الف مقيم وعدد المستشفيات يفوق ال20 تكون حاجة العاصمة على الاقل الى 150 مليون ليتر من المياه ما عدا حاجات الفنادق والمستشفيات والتي تضيف الى المجموع على الاقل 6 ملايين ليتر، وبالتالي اذا كانت شبكة ربط بيروت بمصادر المياه متوقفة او تعمل جزئيًا فقط تكون حاجات نقل المياه الى بيروت واهلها وزوارها وخاصة مع تهجير اهل الجنوب على مستوى 156-160 مليون ليتر في النهار.

 تامين المياه للمنازل التي لا تصلها الشبكة القائمة او لا تستطيع تامين الكميات المطلوبة ربما تستوجب لنقل 100 مليون ليتر فقط بشاحنات متوسط حمولتها 10 آلاف ليتر او عشرة اطنان فتكون الحاجة ل10000 شاحنة. ومعلوم ان الشاحنات تستوجب مساحات من الطرقات ومناطق التفريغ تفوق ما هو مستوجب لخدمة 20 الف سيارة.

السؤال هو في حالة كالتي نشهدها في لبنان ما هي مستوجبات النظافة لتامين المياه للسكان اكانوا في صحة جيدة او قيد المعالجة في المستشفيات او زوار من السواح الذين نفتقد تواجدهم بسبب الاوضاع الامنية وعدم الاستقرار السياسي وضعف حكومة تصريف الاعمال التي يرأسها نجيب ميقاتي، والذي هو حقًا غائب عن حاجات اللبنانيين العادية.

يجب على وزارة الصحة، ووزيرها من خيرة الوزراء اخضاع، مصالح نقل المياه لفحوصات تبين مدى تفشي البكتيريا. فاللبناني يحتاج الى تفادي الامراض المعدية بقدر ما يحتاج للمياه للشرب وللاستحمام وتنظيف البيوت والمكاتب والمستشفيات الخ. ربما هنالك بعض الانضباط في المستشفيات حيث استلام شحنات المياه يمكن ان تخضع الى تحليل يبين مدى تلوث المياه ونظافتها، وهذا المنهج قد يتناول نسبة 10% من المشكلة ولبنان واهل لبنان يتعايشون مع مياه لا تأكيد على خلوها من الامراض.

اذا شئنا الانصاف لا بد من ان نذكر كفاءة ونشاط بعض الوزراء ومنهم وزير الداخلية، ووزير الصحة، ووزير السياحة ووزير الاشغال العامة ووزير الاقتصاد ووزير الشؤون الاجتماعية ووزير المال وكي تكون وزارة تصريف الاعمال مقبولة للبنانيين وتستحق حمل النشاط المطلوب لتصحيح الاوضاع الصحية، والمالية والامنية لا بد من تحفيز بقية الوزراء المتأخرين عن ممارسة صلاحياتهم على مماثلة نشاط وتحسس الشأن الاجتماعي والصحي بدقة وانتظام.

الاوضاع العامة لا توجب بإمكانية تنشيط الوزراء طالما رئيس الوزراء منشغل في الاتصالات الخارجية الهادفة الى تحفيز الدول العربية والاوروبية على الاعتراض على الممارسات الاسرائيلية التي تسهم في تصفية آلاف الشباب والاطفال العاجزين عن التحرك للاحتماء من القصف وتعدي الجنود الاسرائيليين على بعض القرى اللبنانية، واعلان اكتشاف مخبئين للاسلحة لدى المقاومة واللبنانيين العاديين يعايشون القلق من تفجر الاوضاع مع اسرائيل في كل وقت. ولا شك ان خسارة اسرائيل لعدد كبير من رجال الاعمال، والاطباء، والمهندسين اسهم في افقار بلدهم على تامين خدمات الحماية والرعاية كما تسبب في تعاظم العجز في ميزانيتهم التي تحظى برعاية وكرم السلطات الاميركية والى حد ما وبسيط السلطات الالمانية التي تتحسس الدور المشين الذي قامت به زمرة هتلر.

ربما يعتبر بعض القراء ان التفاتتنا الى مشكلة تامين المياه الصحية هو امر ثانوي، ولسوء الحظ مخاطر النقل الجاري لن تظهر في القريب العاجل، والمطلوب في القريب العاجل معالجة تأكيد صلاحية المياه المنقولة في شاحنات كان الكثير منها ينقل في السابق مشتقات نفطية او اسمدة او ما شاكل من المنتجات التي تترك تأثيرات مضرة على خزانات النقل المتوافرة لتامين مياه لا يدري من يستعملها هل هي مضرة اولا.

لبنان يعيش مهزلة تسيير شؤونه الصحية والامنية ودون كفاية مهنية لدى اهل الحكم. ولو شئنا ان نحاسب هؤلاء في مجتمع ديمقراطي التشكيل والتنظيم وادارة مترفعة للمحاكمات ربما كنا تجاوزنا المرحلة الصعبة الحالية والتي تفترض حسب تعابير بعض الوزراء ورئيسيهم اجراءات احترازية لا نشهد منها ما يطمئن المواطنين اذا هم شاءوا محاسبة المسؤولين.

التشكيلية القائمة غير مؤهلة للنهضة بلبنان. فهنالك على الاقل ثلاثة من اعضائها لا بد من محاسبتهم على تصرفهم الضريبي وانجاز استحقاقات كبيرة على كل منهم كما منع توزيرهم مستقبلاً، ولا حاجة لذكر الاسماء فجمود الاوضاع التي تغلف حياتنا المقلقة كافية لرفض تكليف تشكيلة وزارة غالبية اعضائها لا يعملون وقلة منهم يتنعمون بظروف بعيدة عن حياة اللبنانيين بل عن حياة أي مجتمع متقدم.

مروان اسكندر

التعليقات (0)
إضافة تعليق