كتب عوني الكعكي
الشرق – انها المرة الاولى التي التقي فيها حاكم مصرف لبنان بالانابة الاستاذ وسيم منصوري ، وقد خرجت من اللقاء بانطباع ايجابي وجيد لان حضور الرجل متميز فهو سريع البديهة وحاضر للاجابة على كل الاسئلة باريحية واقتدار.
وقد لفتني خصوصا موقفه الحاسم بعدم تقديم اية تسليفات للدولة حرصا منه على المال العام، وقد حقق بذلك فائضا في الموزانة بقيمة 800 مليون دولار للمرة الاولى منذ عقود. وهذا دليل على معرفة وعلم ، وعلى دعم سياسي يتمتع به من دون ادنى شك.
زار نقيب الصحافة اللبنانيّة عوني الكعكي، على رأس وفد من النقابة، حاكمية مصرف لبنان، حيث استقبلهم الحاكم بالإنابة وسيم منصوري.
اشاد نقيب الصحافة في بداية اللقاء، بأداء حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، الذي تسلم مهمته في أصعب الظروف، وقد اتخذ بعض التدابير الإيجابية بالنسبة للمودعين، وتمكّن من إدارة الأزمة وزيادة موجودات المصرف المركزي بالعملة الصعبة.
تكريس الشفافية
ثم بدأ الكعكي بالسؤال عن إمكانيّة وجود حلول لمشكلة أموال المودعين والمصارف؟
اجاب منصوري قائلاً: منذ استلامي عملت على تغيير صورة مصرف لبنان عند الناس الذين أصبح باستطاعتهم الاطلاع على كل ما يريدون. وقبل استلامي كان لديهم صورة سلبية عن مصرف لبنان، أسوأ من الواقع الحقيقي للمصرف، وعند عرض الأرقام الحقيقية حول الأموال الموجودة في المصرف حدث ارتياح عند الناس، وبدأ المسار المعاكس والتحسن وهنا لا بد من شكر الصحافة التي واكبت الأمر وانصفت مصرف لبنان.
وتابع : حاولت عند استلامي تغيير سياسة عمرها أكثر من ثلاثين سنة وهي سياسة اعتماد الدولة اللبنانيّة على الاستدانة من المصرف المركزي، فتواصل مصرف لبنان مع الدولة اللبنانية من أجل تحسين الجباية وتوحيد سعر الصرف وتخفيف المصاريف، وتنظيم مالية الدولة، وبالتالي لم يعد هناك هدر وفساد والسبب الرئيس هو ضبط الإنفاق وتكريس الشفافية، ونتيجة لذلك اصبح هناك فائض موازنة 800 مليون دولار لأول مرة منذ 50 سنة .
منصة صيرفة
تابع منصوري : أيضا ألغيّت منّصة صيرفة، وأوقفت شراء الدولار من السوق، وعرضت بيع الليرة، وبذلك تمكنت من تثبيت سعر الصرف حتى اليوم، ومعروف ان القطاع الشرعي الذي يدفع الضرائب هو من يشتري الليرة، واصبح الدولار الذي يدخل مصرف لبنان معروف المصدر، وتمكنت الدولة اللبنانية، من دفع كل ما تحتاج دفعه، ولم يوقف مصرف لبنان أي دفعة للدولة اللبنانية .
الودائع
أما بالنسبة للودائع فقال: لا تقع أي مسؤولية على المودع، ولكن مع الأسف هو من يدفع الثمن ولا يعرف حتى الآن متى ستعود أمواله وقد تمت دراسة جميع الودائع، ومبدأ الـ «هير كات» يجب أن يطّبق بطريقة مدروسة، سوف تعرض الأرقام على الحكومة الجديدة، على أمل أن يجري توزيع عادل لأموال المودعين.
لا تحفظ اجنبي
أما بالنسبة للخارج فقد اصبحت علاقة لبنان مع المصارف المراسلة أكثر من «ممتازة»، من دون أي تحفّظ أجنبيّ على التعامل، وكان هناك تنويه بعمل مصرف لبنان الذي قام بكل واجباته لمساعدة الدولة على الخروج من الأزمة.
الحرب التي اندلعت ونزوح أكثر من مليون ونصف المليون من اللبنانيين، كان لا بد من تأمين الحّد الأدنى من المقّومات، وهذا تحدّ كبير للدولة، وعلى الرغم من ذلك، تمّ معالجة المشكلة وضخّ الدولارات، وبعد انتخاب الرئيس جوزاف عون، رئيساً للجمهوريّة، زاد الطلب على الليرة اللبنانيّة، والاحتياطات بالعملات الأجنبيّة الى تحسّن.
اخبار ايجابية
وأبدى منصوري تفاؤله بالمرحلة المقبلة على لبنان قائلاً: هناك أخبار إيجابية من ناحية صندوق النقد، وهو مؤسسة دوليّة يحرّكه عامل تقني، إضافة الى العامل السياسيّ، أيّ الدول التي تقرر تمويل دولة وتشكيل حكومة جديدة، فهذا يشجّع على مساعدة لبنان.
سعر الصرف
وعن سعر الصرف أوضح منصوري: أن استقرار سعر الصرف هو الأهّم، أما عملية تغيير سعر الصرف، فهذا الأمر يحصل ضمن آليات مدروسة، ولا يهدف لمصلحة أحد، وفي حال دعت الظروف الى دعم سعر الصرف، عندها سأتدخل لتغيير السعر، ولكن استقرار سعر الصرف لم يكلّف المركزي شيئاً منذ آب حتى الآن، بل على العكس حقّق أرباحاً بقيمة 2 مليار دولار إضافي، والإستقرار النقديّ هو الأرضيّة التي يبنى عليها الاقتصاد والدولة.
البطاقات المصرفية
ّوعن البطاقات المصرفية وقبولها في الخارج اجاب: لا علاقة لهذا الموضوع باللائحة الرمادية، بل يعود لوضع لبنان الماليّ والإقتصادي والعقوبات على حزب الله، وأحيانا لا تعمل البطاقات في الخارج لأسباب تقنية، هناك عروض من بنوك أميركيّة للتعامل مع مصرف لبنان وهي مشجعّة جداً.
وقال: وسائل الدفع الالكترونية منّظمة، وتجري متابعتها من قبل مصرف لبنان المركزي.
اعادة الاعمار
وفي ما خصّ إعادة الاعمار، فهو أمر يتعلق بالجهّة الممّولة، أما بالنسبة للمودعين، فالحل بانتظار وضع خطّة، وأحاول دائما أن أقدّم ما هو مستطاع، ولا أعد بما لا أستطيع تنفيذه.
اما في ما يتعلق بشركات تحويل الأموال، ووسائل الدفع الالكترونية، تمّر بمصرف لبنان، وقانون إعادة هيكلة المصارف، شبه جاهز ولكن المشكلة هي بتوزيع الخسائر وهي ليست صغيرة ! أما دمج المصارف فمن المؤكد أنه سيحصل في المستقبل لأن الإقتصاد في حاجة الى القطاع المصرفيّ، الذي بدوره يحتاج الى ثقة المودع ونسعى لإعادة التوازن
تابع: ما نحتاجه نحن في لبنان هو المصالحة بين المصارف والمودعين، على أساس المصارحة بتقبّل المودع خسارته بصورة ايجابية.
املاك الدولة
أما بالنسبة للدولة التي استهلكت أموال المودعين، فيجب التمييز بين أملاك الدولة التي يجب أن تبقى للدولة لأنها للأجيال القادمة، وبين المداخيل التي تأتي من أملاك الدولة ومؤسساتها العامّة، والتي لا تأتي كما يجب، وفي حال تّمت المعالجة، يمكن تخصيص جزء من المداخيل لإعادة أموال المودعين، وأيضا يمكن تأجير العقارات، والإدارة السليمة باستطاعتها السير بحلول واعدة، هناك افكار جيّدة في لبنان ولكن يجب ترجمتها بالأفعال، أتمنى من الحكومة الجديدة، أن تضع خطة عمل طويلة الأمّد وواضحة من البداية، وأن تحّدد الحقوق والواجبات ويجري العمل عليها طيلة العهد اي طيلة السنوات الست.
القطاع المصرفي
وعن السؤال المتعلّق بالودائع المؤهلة وغير المؤهلةأوضح منصوري وقال: إن جمعية المصارف تلتزم بقرار حاكم مصرف لبنان، وهو غير ملزم الأخذ برأيهم, بل هو من يعطي التعليمات، وعليهم أن ينفذوا هذه التعليمات، سواء أعجبهم الأمر، أم لم يعجبهم، القطاع المصرفيّ لديه مصلحة بالبقاء في السوق، والأولوية بالنسبة لي هي للقطاع المصرفيّ وللمستثمرين في لبنان، وقد أقسمت اليمين للحفاظ على القطاع المصرفيّ، لا على أصحاب هذا القطاع، يهمني ايضا المستثمرين في القطاع وبقاءهم في لبنان، وقسم منهم يعتبر أكثر من «ممتاز» في طريقة عمله، ولديه إدارة ملّمة في عمله، ومصالحه بشكل جيّد وإيجابيّ، ومن المهّم المحافظة عليهم، ولكن قسما آخر أخطأ بشكل كبير، فحّولتهم الى الهيئة المصرفيّة العليا، ولكن القطاع المصرفيّ ككّل، لديه الرغبة والنيّة بتصليح أوضاعه واستئناف العمل، وهذا يصب في مصلحته.
لا علم لي
أما بالنسبة الى الخطط التي يمكن وضعها، فالقرار لا يعود لحاكم مصرف لبنان لوحده، وقد تم وضع خطة مؤخراً، على طاولة مجلس الوزراء لم أتبلغ بها رسمياً وكانت ملحق على جدول أعمال مجلس الوزراء، وتفاجأت لأنني لم أتبلغ ولم ابدِ رأي بها، ولكن المهم بالنسبة لي هو الإلتزام بالقانون، وإقرار خطّة تذهب الى مجلس النواب .
وتابع: صحيح أني لا أطمئن، ولا أعطي رأيي، لكنني أعطي أفكاراً للمعنيين، لأن القرار ليس بيدي، القرار يصدر عن مجلس الوزراء ومن ثم مجلس النواب وأنا ألتزم بأي قرار يصدر عنهما وعملي مراعاة القوانين والعمل على تطبيقها.
بالنسبة لطباعة فئتيّ المليون والخمسمائة ألف، يجب اتخاذ قرار من مجلس النواب وهذا ما لم يحصل، ولكن برأيي لم يعد ملائما الان. نحن ننتظر لنصل الى فكرة جديدة إيجابية ، كإمكانية التغيير في العملة، يلحق التغيّرات التي جرت مؤخراً، وأتمنى الوصول الى «صيغة لعملة جديدة « نعمل عليها، وحلمي أن تعود الليرة الى سابق مجدها.
العلاقة مع القضاء
وعن السؤال عن الإدعاء الأخير في القضاء قال: ألفت أنني سلّمت كلّ المستندات المطلوبة الى القضاء، وعلى اساسها تمّ توقيف حاكم مصرف لبنان السابق، أما بالنسبة لي فتّم الادعاء عليّ من قبل القاضية عون، بسبب إلتزامي بقرار مدعي عام التمييز القاضي الحجار، ولكن تمّ سحب الإدعاء بحقي لأنه عن غير وجهة حق، والإدعاء على حاكم المصرف المركزي، وهو في سدةّ الحكم والعمل، يضرّ بمصلحة لبنان، لأنه يؤدي الى قطع علاقتنا مع المصارف المراسلة، ويجعلنا نضطر الى التوضيح من جديد بكلّ التفاصيل، ونعود بالمراسلات الى مرحلة الصفر.
لا فساد
وختم منصوري: اليوم أنا أؤكد أن لا فساد في مؤسسة مصرف لبنان، لأننا أعدنا العمل الى السكّة الصحيحة، والحاكم يتخذ قراراته ضمن سياسة المصرف وليس اعتباطياً، فقد تمّ تغيير آليات المحاسبة في المصرف كلها، والإدعاء على حاكم مصرف لبنان، له تداعيات سلبيّة جداً مع العلاقات في الدول الخارجية، ومن المهم أن يؤخذ هذا الأمر بالإعتبار قبل فعل الإدعاء.