منتدى محلي – دولي في بنك عودة حول اقتصاد لبنان: من التحديات إلى المخارج والآفاق القريبة الأجل


 عُقد في المقر الرئيسي لبنك عودة منتدى اقتصادي بعنوان “الأوضاع الاقتصادية والمالية في لبنان: الوضع الحالي، التحديات المقبلة والآفاق القريبة الأجل”، تحدّث فيه الرئيس التنفيذي لبنك عودة الأستاذ خليل الدبس، نائب حاكم مصرف لبنان الدكتور سليم شاهين، الممثل المقيم لصندوق النقد الدولي في لبنان الدكتور فريديريكو ليما، ممثلة بنك الاستثمار الأوروبي في لبنان الدكتورة كريستينا ميكولوفا، عميد كلية إدارة الأعمال والإدارة في جامعة القديس يوسف الدكتور فؤاد زمكحل، وكبير الاقتصاديين ورئيس قسم الأبحاث في بنك عودة الدكتور مروان بركات.

وقال الدبس في كلمته: في ظل هذا المنعطف الدقيق الذي تشهده البلاد، تظهر الحاجة إلى رزمة من الإصلاحات الجذرية عوضاً عن المعالجات الظرفية، بحيث من الضروري إنشاء برنامج إعادة هيكلة يشمل إصلاح القطاع العام، وتعزيز الحوكمة والنظام القضائي، وإصلاح النظام الضريبي وغيره. في هذا السياق، يبرز صندوق النقد الدولي كشريك هام. فدور صندوق النقد الدولي لا يقتصر فقط على كونه مموّلاً بل يبرز كوسيط من شأنه أن يساهم في استعادة الثقة، وتسريع عملية النهوض، وتأمين أعلى معايير الإصلاح، وضمان عودة الاستثمار. 
وأضاف: إن الوجه الإيجابي الذي نلحظه في يومنا هذا هو القطاع الخاص في لبنان، والذي لم ينجح فقط في الصمود بل أيضاً في التأقلم مع محيط صارت الأحداث غير المتوقعة فيه قاعدة وليس استثناء. إن هذا القطاع يحتاج إلى الدعم والتمويل لمواجهة الاقتصاد الموازي وغير الشرعي الآخذ في النمو، الأمر الذي يتطلب التأسيس لنظام مصرفي يقوم بكامل وظائف الوساطة وقادر على الحدّ من الاقتصاد النقدي المحفوف بالمخاطر وتأمين الأرضية اللازمة للنهوض المنشود في البلاد بشكل عام.

كذلك ألقى شاهين كلمة جاء فيها: إن أبرز أهداف مصرف لبنان هو توحيد سعر الصرف والحدّ من تقلب الليرة اللبنانية مقابل الدولار، والحفاظ على الاحتياطات بالعملات، وتعزيز القطاع المصرفي، وحماية حقوق المودعين، وتطبيق متطلبات صندوق النقد الدولي من مصرف لبنان، والأهم من كل ذلك الحفاظ على استقلالية المصرف المركزي. 
وأضاف: المتطلبات الرئيسية لتأمين مستقبل أفضل، تتمحور حول تعزيز دور المحاسبة من خلال النظام القضائي اللبناني، وإصدار قانون شامل لإعادة هيكلة المصارف وسدّ الفجوة المالية، وإعادة هيكلة القطاع العام وتنظيم مصروفاته بشكل فعال.
ولفت إلى أنّ “تطبيق هذه المتطلبات الثلاث إنما يمهّد الطريق أمام النهوض الاقتصادي الذي طال انتظاره”.

كما ألقى بركات كلمةً قال فيها: إنّ التوقعات في غضون عام تتمحور حول ثلاث سيناريوهات: أولاً السيناريو الإيجابي مع احتمال تحقق بنسبة 20% والذي يعتمد على إنهاء الحرب سريعاً، وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة وكفوءة، وإطلاق عجلة الإصلاحات، والتوصل الى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، ما يؤدي إلى ارتفاع نسب النمو واحتواء التضخم وتعزيز الاحتياطات وميزان المدفوعات. ثانياً، السيناريو السلبي مع احتمال تحقق بنسبة 30% والذي يفترض توسع نطاق الحرب على الأراضي اللبنانية ما يؤدي إلى انكماش كبير في الناتج واستفحال التضخم. أما السيناريو الثالث فهو السيناريو الوسطي مع احتمال تحقق بنسبة 50% والذي يفترض مراوحة للأوضاع الراهنة. 
وأضاف بركات: نظراً إلى المفارقات الملحوظة بين هذه السيناريوهات الثلاث، فإننا نأمل أن يعود الاستقرار إلى جنوب لبنان وأن يترفع السياسيون عن مصالحهم الشخصية الضيقة، وأن يعززوا القواسم المشتركة في ما بينهم وأن يخفضوا من حدّة تجاذباتهم، وأن يمضوا قدماً باتجاه تأمين الأرضية الخصبة لتطبيق الإصلاحات بشكل عام.

إلى ذلك، تحدّث زمكحل من جهته، عن “الواقع غير النمطي الذي يشهده لبنان والذي أصبح أمراً واقعاً New Normal)) بفعل الأزمة، مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي من 50 مليار دولار الى 20 ملياراً. وتطرق الى الحاجة الملحّة الى تحقيق نمو في الاستثمار من داخل الأزمة، واستعادة دور الوساطة للقطاع المصرفي في تمويل المؤسسات والأفراد قبل التوصل إلى إعادة هيكلة تامة. 
وتابع: بعد خمس سنوات على اندلاع الازمة، ولبنان ما زال غارقاً فيها علماً ان الازمة عادة تكون على المدى القصير وليس على المدى الطويل. الحل يبدأ بأن تعترف الدولة اللبنانية بقسط من الخسائر التي تقدّر بما يوازي 70 مليار دولار وجدولتهما على السنوات العشر المقبلة، مع مساهمة كذلك من قبل القطاع المصرفي اللبناني.

أما ليما فقال بدوره: في حين لم تُتخَذ خطوات كافية بشأن الإصلاحات المقترحة من قبل صندوق النقد الدولي، إلا أنّه في الوقت نفسه لم يظهر برنامج آخر بديل.

وشدّد على دور القطاع المصرفي والقطاع الخاص في تحقيق النهوض المنشود. ورأى أنّه “في ما يتعلق بالمساهمة المصرفية في الخسائر الاجمالية، لا بدّ للمساهمين في المصارف بالدرجة الأولى أن يتحملوا الأعباء، ومن ثم يأتي من بعدهم الديون المرؤوسة، وأخيراً المودعين، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال تغيير هذه التراتبية (Hierarchy of claims)، علماً ان ذلك لن يكون كافياً بمطلق الأحوال بسدّ الثغرة الكبيرة. 
ونوّه بالإصلاحات التي تم تطبيقها حتى الآن في مصرف لبنان على صعيد وقف تمويل الدولة والحدّ من تعددية أسعار الصرف ووقف العمل بمنصة “صيرفة”، لكنه رأى أنها غير كافية لتأمين الديمومة في المدى الطويل. وختم: أن أي برنامج إصلاحي ينبغي أن يكون ملائماً سياسياً، اقتصادياً واجتماعياً.

من جهتها، اعتبرت ميكولوفا في كلمتها، أنّه “لا بد من استعادة الثقة بين لبنان والمستثمر، وتشجيع الشركات الأكثر ابتكاراً للبقاء داخل لبنان وعدم التوجه إلى الخارج، وتعزيز التعامل مع المصارف اللبنانية”. وقالت “في حين تم تحقيق توازن نسبي في المدى القصير، إلا أنه يبقى غير مستدام في المدى الطويل”. وذكّرت بأنّ “حجم محفظة بنك الاستثمار الأوروبي في لبنان كان بلغ 1.2 مليار دولار قبل اندلاع الأزمة في العام 2019 ويبقى الاهتمام مستمراً في تمويل المؤسسات اللبنانية الصغيرة والمتوسطة ال

التعليقات (0)
إضافة تعليق