ماكرون ينوي إعلان “دولة فلسطين” في حزيران

كتب عوني الكعكي:

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيعترف بدولة فلسطينية في شهر حزيران (يونيو) المقبل..

هذا الموقف التاريخي الذي أعلنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليس غريباً على القيادة الفرنسية.. لأنّ هذا الموقف يشير الى أن فرنسا لها دور كبير وفاعل في تاريخ لبنان على الصعيد العلمي والطبّي، إذ يكفي أن الإرساليات المسيحية التي جاءت الى لبنان لعبت دوراً كبيراً في تطور العلم، كذلك المستشفيات والطب حيث توجد عندنا – كما هو معروف – الجامعة اليسوعية التي هي صَرْح علمي كبير في لبنان، بالاضافة الى مستشفى «أوتيل ديو» الذي يضاهي مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، وجامعة القديس يوسف التي توازي أيضاً الجامعة الأميركية.

باختصار، مند بداية الحرب في لبنان عام 1975، بدأت الهجرة اللبنانية الى فرنسا، وتمكّن 300 ألف لبناني من الهجرة الى هناك وحصلوا على الجنسية الفرنسية. والملاحظ في هذه الهجرة الى فرنسا أنها هجرة مؤمنة، إذ في خلال 4 ساعات يستطيع اللبناني الفرنسي أن يتنقل بين فرنسا ولبنان.. وهذه مدة قصيرة جداً مقارنة مع المهاجرين الى أميركا الجنوبية والبرازيل، الذين تفصلهم عن وطنهم الأم لبنان مسافات بعيدة.

وبالعودة الى أن فرنسا كانت دائماً تحاول أن تلعب دوراً إيجابياً في لبنان، لا بدّ من التذكير بانفجار مرفأ بيروت، نتيجة العدوان الذي شنته الطائرات الإسرائيلية، وأعلنت ذلك خلال تصريح رسمي، حيث ذكرت أن طائراتها أقدمت على عملية تفجير في مرفأ بيروت، ودمّرت مستودعات أسلحة لحزب الله، حيث كان حزب الله يستعمل المرفأ لاستقدام أسلحة… وهكذا أصبح هدفاً عسكرياً، وكان ذلك الحديث لوكالة الصحافة الفرنسية.. ولكن إسرائيل ما لبثت أن نفته خاصة بعدما علمت بحجم الدمار وعدد القتلى الذين قضوا بذاك التفجير، وهي تعلم أنها لا تستطيع أن تتحمّل مثل هذا الإجرام على الصعيد الإنساني والعالمي.

ولم يكتفِ الرئيس الفرنسي ماكرون بذلك، بل جاء خصيصاً في اليوم الثاني للانفجار الى لبنان، وحاول أن يجمع اللبنانيين. وللتذكير فإنّه قال يومها: «اتفقنا على كل شيء، ولم يتبقَ إلاّ شيء صغير يمكن حله».

فخلال زيارته الثانية للبنان… وعند انتهاء حفل الغداء الرسمي في قصر بعبدا، تأهّب رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد للمغادرة، فما كان من أحد مساعدي ماكرون إلاّ أن اقترب منه، ومعه ورقة سلّمه إياها، قائلاً له بأنّ مناقشتها ستجري بعد ساعات خلال لقاء الطاولة المستديرة في قصر الصنوبر.

أخذ رعد الورقة، وهرول باتجاه مكتبه، حيث تولّى أحد الاشخاص ترجمة بنودها الى اللغة العربية. وبعد اتصال بينه وبين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، حمل رعد جواب الحزب الرسمي وأبلغه الى ماكرون:  «نحن موافقون على 90% مما هو وارد من نقاط». عندها سأله ماكرون عن الـ10% التي لا يوافق عليها حزب الله، فأجاب رعد: «إنها تتعلّق بنقطتين: الأولى الانتخابات النيابية المبكرة، والثانية ضرورة شرح معاني التحدّث عن تحقيق شفّاف وما المقصود به فعلاً»…

يومذاك، وافق ماكرون على تحفّظات حزب الله فوراً، وفُتحت الطريق أمام تسمية مصطفى أديب لرئاسة الحكومة.

ولْنَعُد الى ما أعلنه الرئيس الفرنسي ماكرون يوم الاربعاء الماضي.. فقد ذكر أن باريس قد تعترف بدولة فلسطينية في يونيو /حزيران المقبل، مضيفاً أن بعض دول الشرق الأوسط قد تعترف بدورها بإسرائيل.

وقال خلال مقابلة على قناة «فرانس 5»: «علينا أن نتحرك نحو الاعتراف (بالدولة الفلسطينية)، وسنفعل ذلك خلال الأشهر القليلة المقبلة، لا أفعل ذلك لإرضاء أحد. سأفعله لأنه سيكون مناسباً في وقت ما».

وأضاف «ولأنني أيضا أرغب في المشاركة في جهود جماعية تمكن المدافعين عن فلسطين من الاعتراف بإسرائيل بدورهم، وهو أمر لا يفعله كثيرون منهم».

وحسب وكالة «الصحافة الفرنسية»، قال ماكرون إن الاعتراف المتوقع قد يكون في يونيو/ حزيران المقبل، بمناسبة مؤتمر عن فلسطين يعقد في نيويورك وتتقاسم رئاسته مع السعودية.

وحصلت الدولة الفلسطينية على اعتراف ما يقرب من 150 دولة رغم أن معظم القوى الغربية الكبرى لم تتخذ تلك الخطوة، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان.

وفي أول رد فعل، رحبت وزيرة الدولة الفلسطينية للشؤون الخارجية فارسين أغابكيان شاهين، بتصريحات الرئيس الفرنسي مؤكدة أنها ستكون «خطوة في الاتجاه الصحيح بما يتماشى مع حماية حقوق الشعب الفلسطيني وحل الدولتين».

فيما انتقد وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي جدعون ساعر، إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن نيّة بلاده الاعتراف بدولة فلسطين خلال الأشهر المقبلة، معتبراً أن هذه الخطوة تمثل «مكافأة» لحركة حماس، ولن تسهم في تعزيز السلام أو الاستقرر في المنطقة.

وقال ساعر «إنّ الاعتراف الأحادي بدولة فلسطينية ذو طابع رمزي، وفي ظل الظروف الراهنة لا يُعد سوى دعم لـ «حماس»، مشيراً الى «أن هذه الخطوة تبتعد عن تحقيق الأمن وتفاقم حالة التوتر في المنطقة».

aounikaaki@elshark.com