الشرق- تيريز القسيس صعب.
بدأ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون امس زيارة دولة للملكة العربية السعودية. والتي لن تقتصر على لقاءات ومحادثات مع كبار المسؤولين على رأسهم ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، بل سيزور ايضا منطقة العلا حيث لفرنسا مشاريع اقتصادية فيها،والتي يرأسها المبعوث الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان.
مما لا شك فيه ان الزيارة الثالثة لماكرون الى المملكة، والاولى كزيارة «دولة»، قد تحمل في مضمونها ملفات مهمة ومتشعبة اولا نظرا لدقة المرحلة التي تمر بها منطقة الشرق الاوسط والجهود الديبلوماسية القوية القائمة بين السعودية وفرنسا، وثانيا تثمير العلاقات القوية والمتينة بين البلدين مما سيعطي دفعا مشجعا لها، وارتقائها نحو علاقات استراتيجية قد تترجم من خلال تطوير كل آفاق المجالات المشتركة سياسية كانت ام اقتصادية ام ثقافية ام اجتماعية. وهذا دليل واضح ان باريس تدعم بشكل مطلق كل المشاريع الانفتاحية للسعودية في إطار «رؤية 2030». وبحسب متابعين ديبلوماسيين لزيارة ماكرون فان باريس تعتبر ان السعودية قامت بنقلة نوعية، وقفزة متقدمة خلال الأعوام الماضية، وذلك من خلال الانفتاح الاجتماعي والذي اظهرته ان في اقامة الحفلات الغنائية او المعارض الثقافية، والنشاطات الرياضية، وافتتاح دور للازياء…وهذا مؤشر ايجابي، وان دل على شئ فهو يدل على أن المملكة ترغب في ان تلعب دورا محوريا ومنفتحا في منطقة الشرق الاوسط اسوة كباقي دول المنطقة. في المقابل، اعتبر مصدر ديبلوماسي والذي يشغل منصب سفير دولة عربية في باريس، ان هذه الزيارة شكلت حافزا مهما لرسم خريطة طريق مستقبلية بين السعودية وفرنسا، نظرا للمواضيع الحساسة التي يتناولها الطرفان. وقال السفير ، من دون ذكر اسمه، يعتقد الجانبان الفرنسي والسعودي ان وقف اطلاق النار في لبنان من شأنه أن يساعد على التوصل ايضا إلى وقف لاطلاق النار في غزة، وهذا إن حصل في القريب، فإنه سيساهم في تهدئة المنطقة ودخولها فعليا وعمليا في طريق السلام الدائم. فالرئيس ماكرون يعول كثيرا على الجهود والاتصالات التي يقوم بها ولي العهد، وهو يرى ان في إمكان المملكة العمل والتنسيق مع كل الجهات الدولية والاقليمية بهدف التوصل إلى وقف لاطلاق النار في غزة. أما لبنانيا، يؤكد المصدر أن السعودية لعبت دورا قويا خلال الفترة الماضية مع شركائها الدوليين والاقليميين من أجل التوصل إلى وقف لاطلاق النار في لبنان. وأن باريس ترغب في التعاون معها من أجل إنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، وتشكيل حكومة، والقيام بالاصلاحات المطلوبة من أجل إعادة إطلاق عمل المؤسسات كافة. وباعتقاد باريس ان انتخاب رئيس في اقرب وقت من شانه المساهمة في الحفاظ على السيادة اللبنانية والاستقرار الإقليمي. كذلك فإن الحاجة إلى نجاح تطبيق الاتفاق الفرنسي- الأميركي، يستلزم من كافة القوى الدولية والعربية المساهمة في دعم المؤسسات العسكرية، وعلى رأسها مؤسسة الجيش، والمساهمة في اعادة الإعمار والتي قدرها البنك الدولي بـ15 مليار دولار. ونوه المرجع بالمساهمة السعودية إلى لبنان من خلال مؤتمر دعم الذي إقامته باريس الشهر الفائت. وفي انتظار ما ستحمله الأيام المقبلة من انفراجات على المستوى الرئاسي، أكد مرجع ديبلوماسي عضو في اللجنة الخماسية في اتصال مع «الشرق» ان الاجواء تبدو إيجابية ومتفائلة، ولا نية للجنة في تسمية اي اسم او دعم أي مرشح.فالاهم هو تواقف اللبنانيين فيما بينهم، والاتفاق على رئيس يحظى بثقة داخلية وخارجية ويكون على مستوى تحديات المنطقة، واعادة دوران السكة في مؤسسات الدولة.
Tk6saab@hotmail.com