كتب عوني الكعكي:
ذكرت في الحلقتين: الأولى والثانية الغلطتين اللتين ارتكبهما الرئيس السوري بشار الأسد، أما اليوم، فسوف أتحدث عن الغلطة الثالثة، وهي غلطة المفاعل النووي الذي دمرته إسرائيل عام 2007.
بدأت القصة أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد. إذ جاء الى سوريا مسؤول إيراني كبير، حاملاً مشروع بناء مفاعل نووي في سوريا. وخصّصت إيران 4 مليارات دولار لهذا المشروع. كان جواب الرئيس الراحل للإيرانيين: «أشكركم ولكن نظامي لا يتحمّل هذا المشروع، فلو بنيته فإنّ إسرائيل سوف تدمره».
انتظر الايرانيون وفاة الرئيس حافظ الأسد، وجاؤوا الى بشار حاملين المشروع… فرح بشار بالمشروع من دون أن يقدّر عواقبه. وبالفعل بدأ العمل على بناء المفاعل النووي السوري عام 2002 في منطقة دير الزور.
نشرت صحيفة «الديلي تلغراف» البريطانية تقريراً عن كيفية اكتشاف عملية البناء النووي السوري عن طريق الاتصالات الهاتفية الـ «mobile» حيث اكتشفت إسرائيل أن هناك 10 آلاف مكالمة هاتفية بين دير الزور وكوريا الشمالية، وبعد البحث والتدقيق عرفوا أن هناك أعمالاً كبرى في دير الزور.
بالصدفة زار لندن مسؤول عسكري سوري كبير هو ابراهيم عثمان، ونزل في أحد الفنادق… فصعد الى غرفته ووضع الكومبيوتر في الغرفة، وغيّر ملابسه، ثم ذهب الى السفارة السورية في لندن بالسيارة، وخلال تواجده في السفارة السورية تسلّل شخصان من «الموساد» الإسرائيلي الى غرفة المسؤول السوري، وفرّغوا ما في الكومبيوتر الذي تركه الضابط الكبير… وحصلوا على المعلومات التي يريدونها، ولم يكتفوا بذلك بل وضعوا «SHP» في الكومبيوتر ليتلقوا جميع المعلومات التي تصل الى الضابط الكبير.
ذهب الإسرائيليون وطلبوا إذناً من أميركا، فكان الجواب إنهم يريدون إثباتات أكثر.. فأقدمت فرقة من الكومندوس الإسرائيلي على شن غارة على دير الزور ونزلوا الى المصنع الذي بناه السوريون وحصلوا على العينات المطلوبة. عاد الكومندوس الى إسرائيل وأُعطي الأميركيون العينات. وافقت أميركا على طلب إسرائيل. فقام سلاح الجو الإسرائيلي عام 2007 ليل 5-6 أيلول (سبتمبر) بشن غارة على دير الزور ودُمّر المعمل تدميراً كاملاً.
هذا هو الفرق بين ذكاء وحنكة الرئيس حافظ الأسد، وبين رعونة وتصرفات الرئيس بشار الأسد غير المسؤولة واللامبالية.
وإلى الحلقة الرابعة غداً إن شاء الله.