سجّل “مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة” للفصل الاول من سنة 2024 (- 2024) تراجعاً في حركة الأسواق خلال الفصل الأول من العام 2024، “نتيجة تصاعد الانعكاسات المباشرة للوضع الإقليمي، وتباعاً لوَقع إقرار موازنة ضريبية جديدة”.
ومما جاء في نتائج المؤشر: “إن المعطيات عن حركة الأسواق خلال الفصل الأول لهذه السنة تدلّ مزيد من الإنكماش في الأوضاع الإقتصادية المتردّية في لبنان، بالمقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، وأيضاً بالمقارنة مع الفصل السابق، مع إستمرار التداعيات السلبية للوضع الإقليمي، إضافة الى القدرة الشرائية المحدودة عموماً والإرتفاع المستمر في الأسعار، وإنعدام الثقة في تحسـّـن اقتصادي قد يطرأ في المستقبل المنظور، مع تعذّر الحكومة من إعادة تحريك دورة السيولة في الأسواق وعدم قدرتها على الإنفاق في القطاع العام لا سيما بعد وقف البنك المركزي تمويلها، إضافة الى ثقل المتوجـّـبات الضريبية المستحدثة التى وردت في موازنة ضريبية بإمتياز، وما قد يؤدي إليه اقرار مشروع قانون الإيجارات غير السكنية – الذى يعتبره التجار غير عادل لفئة وغير منصف للفئة الأخرى.
وبالطبع نتج عن ذلك كله تباطؤ عام في الدورة الإقتصادية والحركة الإستهلاكية المحلية، بالرغم من الزيادات في المدفوعات المرتبطة بمعاشات موظفي القطاع العام ولاحقاً زيادة الحدّ الأدنى للأجور في القطاع الخاص عند أواخر هذا الفصل، إنما أتى ذلك في ظلّ دولرة متزايدة للإقتصاد وشبه إستقرار للعملة الوطنية مقابل الدولار الأميركي خلال هذه الفترة، نتيجة للسياسة المتـّـبعة من قـِـبل مصرف لبنان والتى تتمّ ترجمتها بإمتصاص مستمرّ لكل فائض في الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية، التى سجـّـلت تراجعاً ملحوظاً. والعامل الإيجابي هو أن البنك المركزي إستطاع من خلال سياساته أن يزيد من حجم إحتياطاته بالعملة الأجنبية، وهذا مؤشر إيجابي ومشجـّـع، إنما غير كاف على الإطلاق للرجوع الى مسار التعافي وحلّ الأزمة.
ومع أن أرقام الأعمال المجمـّـعة في قطاعات التجارة بالتجزئة ظلـّـت تشير الى تراجع مستمرّ، إتـّـسمت أرقام أعمال بعض القطاعات بشيء من الإستقرار إن لم يكن من التحسـّـن الخجول، كما هو مفصـّـل لاحقا، إذ أنه يبدو أن المستهلك اللبناني قد تأقلم نسبياً مع الواقع الجديد لبعض المستلزمات، إنما ظلّ التفاقم في الوضع الإقتصادي سائداً بشكل عام. أما نسبة التضخـّـم لهذه الفترة (ما بين الفصل الأول لسنة 2023 والفصل الأول لسنة 2024)، فقد شهدت تباطؤاً بالمقارنة مع ما كانت عليه في الفصول السابقة، إنما ظلـّـت مرتفعة بكل المقاييس حيث بلغت + 70.36 % (مقارنة بـ 192.26 % في الفصل السابق)، في حين تراجعت نسبة التضخـّـم الفصلية (أي ما بين الفصل الرابع لسنة 2023 والفصل الأول لسنة 2024) لتبلغ + 5.74 % (بالمقارنة مع + 20.25 % للفصل السابق)، ويكمن التفسير جزئياً في الإستقرار الذى شهدته العملة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي، من جهة، والى إرتفاع نسبة دولرة الأسعار ودولرة أتعاب الحرفيين أيضاً.
وتشير معدّلات نسب التضخـّـم السنوي في كل قطاع على حدى، ما بين الفصل الأول لسنة 2023 والفصل الأول لسنة 2024، الى تراجع ملحوظ للتضخـّـم في كافة القطاعات الرئيسية، ما عدا في قطاع التعليم حيث التراجع كان ضئيلاً جداً (من 595.18 % في الفصل السابق الى 589.23 % في هذا الفصل). عليه، شهدت النتائج المجمـّـعة لقطاعات التجارة بالتجزئة مرة أخرى تراجعاً خلال هذا الفصل عمـّـا كانت عليه في نفس الفصل من السنة الماضية، كما وعلى ما كانت عليه في الفصل السابق له، إنما بنسبة أقلّ من نسب التراجع التى كنـّـا نشهدها في الفصول السابقة. فسجـّـلت أرقام الأعمال الإسمية (Nominal) المجمـّـعة لقطاعات التجارة بالتجزئة ما بين الفصل الأول من 2023 والفصل الأول من 2024 تراجعاً طفيفاً بلغ 3.52 %، وذلك بعد إستثناء قطاع المحروقات (حيث تمّ تسجيل إرتفاع في هذا القطاع بلغت نسبته + 3.94 % من حيث الكميات التى تمّ بيعها خلال هذا الفصل).
أمـّـا بعد القيام بتثقيل تلك الأرقام الإسمية بنسبة مؤشر غلاء المعيشة للفترة ما بين الفصل الأول لسنة 2023 والفصل الأول لسنة 2024 (+ 70.36 %)، فيتأكـّـد لنا أن الأرقام الحقيقية واصلت تراجعها بالمقارنة مع الأرقام التى تمّ تسجيلها خلال نفس الفصل من السنة الماضية، إنما بوتيرة أقل من تلك التى كانت سائدة في الفصول الماضية، لا سيما في قطاعات المشروبات الروحية والتبغ، كما في قطاعات التغذية والملابس والأدوات الكهربائية وأيضا المطاعم. ومن جهة ثانية، جاءت نسبة التضخـّـم ما بين الفصل الرابع لسنة 2023 والفصل الأول لسنة 2024 لتشهد هي الأخرى إنخفاضاً ملموساً بالمقارنة مع ما كان قد تمّ تسجيله في الفصول السابقة، حيث تراجعت الى + 5.74 % فقط بعد أن كانت تراوح بين 20 و 30 % سابقاً.