كتب عوني الكعكي:
لا أعني بهذا العنوان سؤالاً أو تساؤلات، لأنّ العلاقة بين الإدارة الأميركية وبين الكيان الاسرائيلي هي علاقة «أمرك سيدي».
لا أبالغ حين أقول ذلك، لأنّ الأيام والتاريخ، تعلّمنا ويعلّمنا، أنّ كل رئيس أميركي يريد أن يصل الى موقع الرئاسة في أميركا عليه أن يُرضي اليهود، وذلك بسبب بسيط ومعروف منذ التاريخ… فالتأثير اليهودي على المال والإعلام هو بيد اليهود، وبالتالي فإنّ الذي يملك المال والإعلام لا بدّ وأن يملك القرار…
أذكر يوم كنت مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري في زيارة له الى الولايات المتحدة الأميركية، وكنّا معه في العاصمة واشنطن… جاء الصحافي الاميركي توماس فريدمان.. وفي جلسة خاصة، سأله الرئيس، رحمة الله عليه،: لماذا الإعلام الأميركي منحاز لإسرائيل؟ فأجاب بكل صراحة: إنّ اليهود هم الذين يسيطرون على الإعلام، والأهم ان أي صحيفة تنشر أي مقال ضد اليهود، يكون عقابها أن توقف عنها جميع الإعلانات، ولذلك فإنّ السيطرة تأتي من قرار الإعلانات أي المال.
السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا يفعل الأغنياء العرب كدول وكأفراد؟ بصراحة: لا شيء. الأكثرية يهتمون بشراء بيوت وطائرات، والذهاب الى لاس فيغاس، ولا أريد أن أقول أكثر.
وللتاريخ أقول: لقد كان ايام الملك فهد رحمه الله دور للأمير بندر بن سلطان في أميركا، ولكن هذا الدور لم يكتمل، لأنّ الاهتمام انتهى مع موت الملك عبدالله… وهكذا أصبحت «المملكة» على علاقات غير ثابتة مع أميركا وهذا معروف. أما بقية الدول العربية فليس لها أي وجود أو أي تأثير.
بالعودة الى عدم استجابة نتنياهو للرئيس جو بايدن، فلا بدّ أن نقول إنه بعد أن أعطت الإدارة الأميركية المال والسلاح، على سبيل المثال، أرسلت أميركا 30 مليار دولار لإسرائيل، كذلك القنابل من وزن 500 كيلو. طبعاً هذا جزء بسيط من المساعدات التي تقدمها أميركا للكيان العبري.
المهم والأهم، ان الجيش الاميركي أكثر من نصفه أصبح اليوم موجوداً في إسرائيل، وكذلك فإنّ أميركا أعلنت علناً أنّ أي اعتداء على إسرائيل هو اعتداء على أميركا… وهذا القول جاء على شكل تهديد واضح وصريح لكل الدول العربية والاسلامية وللعالم كله.
نقطة مهمة جداً علينا أن نأخذها بالاعتبار وهي أنّ اللوبي اليهودي يلعب دوراً كبيراً في الانتخابات الأميركية، لذلك فإنّ كل من يرغب بالوصول الى البيت الأبيض عليه أن يأخذ «خاطر» اليهود.
من أجل هذا كله، نذكّر بأنّ نتنياهو حين كان وزيراً في حكومة آرييل شارون عام 2005، وافق على الانسحاب من محور فيلادلفيا، في حين يقف اليوم معارضاً الانسحاب بشدّة، بحجة ان المحور كان مفتاح دخول الأسلحة الى غزة… بل شبّه المعبر بأنبوب أوكسجين ينعش «حماس» ويجب قطعه. كما ان المعبر يزوّد «حماس» بالمواد الأولية لتصنيع الأسلحة داخل غزة.
أضاف نتنياهو متمسكاً بموقفه ردّاً على مطالبة وزير الدفاع يوآف غالانت بالانسحاب من محور فيلادلفيا: «لو نفّذت ما أُطالب به فأنسحب من المحور ولو لمدة 42 يوماً، فإنني متأكد أننا لن نعود الى هذا المعبر لمدة تزيد على الـ42 عاماً».
أخيراً، السؤال الذي بدأنا به، وهو عدم استجابة نتنياهو لمبادرة الرئيس بايدن.. لا بدّ من التوقف عند بعض الحقائق:
أولاً: لأوّل مرّة في التاريخ تنهزم إسرائيل، ولا تستطيع أن تحقق أي هدف من المعركة.
ثانياً: نتنياهو طرح شرطين: الشرط الأول: القضاء على «حماس»، والشرط الثاني: تحرير الرهائن. وهذان الشرطان لم يتحققا.
ثالثاً: هذه أوّل مرّة، من حيث المدّة، فهي أطول معركة يخوضها الجيش الاسرائيلي مع مقاتلين فلسطينيين على مساحة 360 كيلومتراً مربعاً، والأنكى أن هذا الجيش الذي لا يُقهر وبعد أن دمّر 83% من بيوت ومباني ومؤسّسات في غزة لم يستطع أن يسيطر على غزة، خصوصاً انه لا يمر يوم واحد وإلاّ هناك صاروخ يطلق من وسط غزة ووسط الدبابات الاسرائيلية الى وسط تلّ أبيب.
اما الموضوع الثاني فهو: لماذا يتمسّك نتنياهو بقضيّة محور فيلادلفيا، الذي أصبح بالنسبة له قضية حياة أو موت؟
يقول زعيم المعارضة يائير لابيد: إنّ محور فيلادلفيا لا يزعج نتنياهو حقاً، بل هو محور بن غفير – سموتريتش، معتبراً ان ذريعة فيلادلفيا هي حيلة جديدة لمنع تفكك ائتلافه الحكومي الحاكم، وكل ما قاله نتنياهو عن محور فيلادلفيا هو خديعة وكذب. كما رأت «هيئة عائلات الأسرى» ان «خطاب نتنياهو مليء بالأكاذيب والتلفيق، وهو اختار التخلّي عن أبنائنا بدل إنقاذهم وإعادتهم».