لا نناطح أميركا… بل نقدم مشروعاً حازماً وذكياً

بقلم عماد الدين أديب
«سكاي نيوز عربية»
قال الإعلامي الكبير الأستاذ عماد الدين أديب من «السكاي نيوز عربية» خلال استضافة له فيها، وسؤاله عما جرى في القمة العربية في الرياض التي ضمّت دول مجلس التعاون الخليجي إضافة الى مصر والأردن.
لا معلومات تفصيلية عما جرى في قمة الرياض، لأنها قمة تشاورية وليست رسمية. إنها قمة تنسيقية أو كما يقال في اللهجة اللبنانية «خلوة بين الزعماء». لكن ما تسرّب من معلومات تشير الى أن القمة كانت ناجحة جداً، فهي انعقدت على مبدأ واضح صريح هو: تعمير غزة من دون تهجير الفلسطينيين منها. وهو مشروع قدمته مصر، إضيفت إليه بعض ملاحظات المؤتمرين وتعتمد الخطة ثلاث مراحل:
1- الإسكان العاجل بغية إنقاذ الشعب وتتراوح مدته ما بين 3 الى 6 شهور من خلال بناء «كرافانات» وبيوت جاهزة.
2- مدة متوسطة يتم خلالها بناء وترميم ما دمّر وصولاً الى رفح.
3- اكتمال عملية التعمير ويستغرق وقتها ما بين 3 الى 5 سنوات، على أن يقوم الغزاويون بعمليات البناء، مع شركات معينة لتأمين الوظائف لهم لاستمرار حياتهم.
أضاف أديب: لن يجري بناء غزة حتى ولا إعمار جنوب لبنان وضاحيته بوجود «حماس» وحزب الله كفصيل مسلح. الجميع مصرّون على أن العرب وبعض دول العالم، ليسوا جمعيات خيرية.. فغزة دمّرت من قبل 5 مرات وجنوب لبنان دمّر أربع مرات، وكان العرب دائماً يعيدون البناء.
العرب لن يتحوّلوا الى ما يطلق في أميركا 911 (ناين وان وان) أي طلب النجدة كلما حدثت كارثة.
العرب ليسوا على استعداد للقبول بما أقدمت عليه حماس وحزب الله وسبب التدمير. هم قاموا بذلك دون استشارة أحد، والعرب مستعدون للإعمار شرط خروج حماس (القيادات العليا) من غزة والتخلي عن سلاح الحركة. وكذا في لبنان، أما إذا أصرّت حماس وحزب الله على حمل السلاح.. واستمرت حرب الإبادة وكانوا راضين بذلك فليتفضلوا.
المطلوب من حماس أن تراعي الوضع الفلسطيني، ولتعلم جيداً أن حماس بسلاحها غير مرغوب بها لا دولياً ولا عربياً، باختصار أصبحت حماس عبئاً على القضية الفلسطينية.
وخلاصة القول: إذا أصرّت حماس على سلاحها، فلا تعمير في غزة، كذلك حزب الله إذا أصرّ على سلاحه فلا تعمير في الجنوب ولا إعادة مهجرين.
تابع عماد أديب: ليعلم الجميع ان هناك 170 ألف منشأة دمّرت في غزة في مساحة 365 كلم2. هناك 465 ألف مسكن مهدّم تماماً. 92 % من مساحة غزة لم تعد فيها بنية تحتية.. وهي بحاجة لشبكات صرف صحي وتهيئتها زراعياً وتهيئة طرقاتها.
باختصار: عملية الإعمار تتطلب ما بين 45 الى 65 مليار دولار.
ولأكن صريحاً فأقول: إذا كانت حماس قادرة على تأمين المبلغ، وإذا كانت إيران وخامنئي قادرين على دفع المبلغ فلتبق حماس وتتحمل وزر ما يحدث.
أقول أيضاً محذراً: إذا رفع العرب أيديهم عن الموضوع ولم يتدخلوا، فستذهب غزة حتماً الى مشروع ترامب.
إنّ المشروع العربي ذكي وحكيم… فترامب لا يهمه إلاّ مصلحته فقط، فإذا أمنا له المصلحة من دون التهجير فسيقبل.
إنّ مشروع ترامب اعتمد على ركائز ثلاث:
1- قدّم لإسرائيل ما لم تحلم به أبداً.
2- لا يريد غزة مع حماس… أي أن حماس يجب أن تخرج من غزة.
3- غزة منزوعة السلاح والمسلحين الحاليين.
ترامب يعرف تماماً أنّ ليس من حقه شراء غزة ولا بيعها، ومن سيغادر من سكان غزة لن يعود إليها أبداً.
تابع أديب: المشروع العربي الذي قدمته مصر ودرس في الرياض وسيعرض على القمة العربية في القاهرة في 4 مارس/ آذار، رسالة ذكية يعبّر عن موقف حازم، ولكن ليس أحمق… إنه لا يناطح أميركا وهذا هو الأهم.
وأكد أديب أن هناك خطرين على المشروع:
أولاً: حماس إذا أصرت على البقاء بسلاحها.
ثانياً: بيبي نتنياهو الذي يتمنى ألا ينجح المشروع الذي لا يزال مصرّاً على عدم الاتفاق محتجاً بإهانة خلال تسليم الأسرى. والمؤكد أن المشروع العربي يحاول ألا نصل الى مرحلة عبثية، فهناك 50 مليون طن ركام و92 % من البنية السكنية مهدمة تماماً، هناك أكثر من 40 ألف شهيد و120 ألف جريح إضافة الى عدد كبير من المفقودين.
وعن دور مصر في العملية قال:
عُرض على مصر أن تتولى الإشراف على القطاع سنوات قد تصل الى خمس سنوات. مصر لا تريد أن تُقْحَم في تحويل الصراع الى مصري – فلسطيني، فمصر مرتبطة تاريخياً وجغرافياً بفلسطين وخاصة غزة. وأقول: لولا تدخل المخابرات المصرية في قضية شاليط وغيره، ومساهماتها التي جنّبت غزة الويلات مراراً، لكانت غزة اليوم في مكان آخر.
والحدود المشتركة بين مصر وغزة مهمة… هذه الحدود غير قابلة للعبث… فالمصري يجوع ولا يبيع كرامته.. والسيسي ابن البيئة العسكرية لن يقبل بتحريف وتحوير الاتجاه.
ورداً على سؤال حول كيفية إقناع ترامب قال أديب:
يجب أن نكون حذرين جداً… وهناك 3 شروط لإقناع ترامب:
أولاً: عدم القول له إنه أخطأ وإنه غلطان.
ثانياً: القول له: إن تعمير غزة واقتراحك بتعميرها مهم جداً.. لكننا سنتعاون معكم من خلال شركات أميركية على إعادة الإعمار وعندنا خطة بعدم تهجير الفلسطينيين وإجراء عملية التعمير بوجودهم.
ثالثاً: على حماس تنفيذ ما وعدت به الوسطاء من أنها ستخرج 250 من كبار قادتها الى خارج غزة.
وهنا أؤكد لكم أن حماس لن تزول كفكرة.. لقد سيطرت حماس على القطاع أكثر من 20 سنة وبثّت أفكارها. لكننا نتحدث عن كبار القادة الذين تولوا عملية «الطوفان». لقد أخطأ هؤلاء لأنهم قتلوا مدنيين، فأدانهم العالم.
لو كانت نيتهم إنقاذ أسراهم من خلال عمليات تبادل، فليخطفوا عدداً من الجنود… وحتى لو قتلوا جنوداً فإنّ لهم المبرر في ذلك لأنهم مضطهدون والجنود يعتدون عليهم دائماً، ولكن قتل المدنيين كان سلاحاً وُجّه ضدهم.
كل ما يريده العرب، أن تقوم دولة فلسطينية بولادة طبيعية.. دولة لا تعشق الموت بل تعشق الحياة. كل ما هو مطلوب: إيقاف المسلسل الشيطاني وإنقاذ الشعب الفلسطيني.
عماد الدين أديب