ماجدة د. الحلاّني
هل يعقل ان تكون كل هذه المواقف التي اطلقت على الاعلام وفي هذا التوقيت المرعب وخلال الحرب عفوية وغير منظمة؟
لم يقتصر الامر على احتلال الابنية والشقق والمحال انما تعداه الى الاستيلاء على المكاتب الخاصة
يبدو ان خطة الايواء التي تغنى بها الناطقون بإسم حزب الله ليست سوى الاستيلاء على الاملاك الخاصة بالقوة وتحويلها الى مراكز ايواء. وتضم بيروت اليوم ثاني اكبر تجمع للنازحين من حيث مراكز الايواء الذي بلغ عددها اكثر من 170 مركزا وهي تحتضن اكبر عدد من النازحين من الجنوب والضاحية بعد جبل لبنان.
ولعل مراكز الايواء في الشمال لا تزال تحمل قدرة استيعابية كبيرة بعدد 230 مركزا فلماذا اذا احتلال الاملاك الخاصة؟ ولماذا يرفض هؤلاء التوجه الى مراكز الايواء؟
تحريض على الاستباحة
في بداية حركة النزوح من الجنوب والضاحية ظهرت دعوات من اشخاص مفروض انها على مستوى من احترام القانون. المحامي اشرف الموسوي كان اول الداعين الى احتلال الاملاك الخاصة بالقوة وضرب القانون عرض الحائط عبر تغريدة نشرها على موقع اكس انتشرت بسرعة. حملة ممنهجة انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعى الى احتلال الاملاك الخاصة وتعدد انها تتحرى عن الشقق السكنية والمكاتب والمحال الفارغة على الصحيفة العقارية بغية احتلالها! تلى هذه الحملة حرص الاعلامية رابعة الزيات على فتح محال في منطقة العازارية فهمت على انها دعوة الى فتح الاماكن الخاصة علما ان الفيديو الذي انتشر كان واضحا لهذه الغاية ولكن بعد الاستنكار الكبير تم لملمة الموضوع. اما النائب السابق نجاح واكيم ايضا كان له دورا عبر تغريدة على موقع اكس حيث دعى الى احتلال منطقة سوليدير!
الاستيلاء على فنادق وابنية وشقق
في وضح النهار وتحت غطاء العتمة مدارس خاصة فتحتها احزاب بالقوة العددية او تحت وطأة السلاح بداية مع مدرسة الليسيه عبد القادر التي فتحها عناصر حركة أمل واملاك اخرى استباحها عناصر من حزب الله. وتركزت عملية السطو على الاملاك الخاصة في بيروت وفي منطقة زقاق البلاط احتلت مجموعة من هذه الاحزاب بناية سامر بو مجاهد وتم طرده منها ايضا تحت تهديد السلاح. بالانتقال الى الكورنيش البحري فتم الاستيلاء على فندق الهيلتون من قبل 600 شخص ويقال ان الاجهزة الامنية استطاعت اخراجهم بعد اسبوعين على احتلالهم للمكان. كذلك تم الاستيلاء على بناية في عين المريسة وهي لاحد رجال الاعمال الخليجيين ولكن تم اخراجهم منها من قبل القوى الامنية. وكانت محاولة للاستيلاء على احد الفنادق في المنطقة وتم بالفعل اخراج الزبائن من الغرف ولكن استطاع صاحب الاوتيل باتصالاته ان يمنع عملية الاستيلاء على الفندق.
اما في منطقة الحمرا فتم الاستيلاء مؤقتا على فندق البريستول ومجمع ال ABC من قبل العناصر الحزبية عينها واستطاعت القوى الامنية اخراجهم من المكان. وتم الاستيلاء على بناية مؤلفة من 11 طابقا جديدة بالكامل من قبل العناصر الحزبية وضع فيها نازحين يرفضون اخلائها والتوجه الى مراكز ايواء جاهزة بحجة انهم يريدون الخصوصية وعرضوا ان يجلسوا مع المالك على طاولة حوار! اي انهم كما يبدو ووفق المعطيات احتلوا البناية وتعمل القوى الامنية على اخلائها ولم تنجح بعد.
منذ ايام توجه ايضا مجموعة من “ الزعران” كما وصفهم احد مسؤولي منطقة الحمرا يرفض الافصاح عن اسمه وهم معروفون باعمالهم المخلة بالامن واعمال السطو وحاولوا احتلال فندق سويت رويال ولكن تصدى لهم ابناء المنطقة ومنعوهم من ذلك. وبدوره اعلن وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي انه ما حصل تمت متابعته واتخاذ التدابير تحت اشراف النيابة العامة.
وفي منطقة الحمرا ايضا وبالقرب من مصرف لبنان وبمقابل فرنسا بنك يقع مبنى مؤلف من طوابق ثلاث يعود لآل العيتاني احتل بالكامل من قبل نازحين حيث عمدت المالكة الى رفع دعوى لاستعادة ملكها الخاص ولكنهم منذ اكثر من 3 اسابيع يرفضون ترك المبنى والتوجه الى مراكز الايواء المخصصة لهم لا بل واجهوا القوى الامنية وعاملوها بالشدة رافضين الانصياع الى القانون والاستعلاء على لغة القانون والدولة والمعاملة بالمثل كغيرهم من النازحين بالتوجه الى مراكز الايواء التي خصصت لهم.
اما منطقة مونو المقابلة لوزارة المالية والمقابلة للخندق الغميق حاول المدعو علي فرحات المعروف بدعواته على السوشيال ميديا الى التمرد على الدولة والتحريض على ضرب القوى الامنية علانية عبر فيديوهات يدعو فيه الشباب الى الحضور بسرعة وبأعداد كبيرة من اجل التصدي للقوى الامنية الذين منعوه هو ومجموعته من فتح بناية خاصة بالقوة والاستيلاء عليها.
القوى الامنية بالمرصاد
مع ازدياد حالات السطو على الأملاك الخاصة والتي تركزت في المناطق الخاضعة للأحزاب المذكورة اعلاه بين الكورنيش البحري والحمرا وزقاق البلاط عمدت القوى الامنية الى اعادة بعض هذه الاملاك الى اصحابها واخراج النازحين منها. وتعمل النيابة العامة على اصدار التعاميم والقرارات القضائية التي تطلب اخراج كل من يسيطر على املاك خاصة. تعمل القوى الامنية على تلقي شكاوى المواطنين وتنفيذ القانون بهدف الانتظام العام وحفظ الاملاك الخاصة ومنع الفوضى والاشكالات وبالمقلب الآخر المحافظة على كرامة النازحين عبر ايجاد مركز ايواء بديلة لهم.
القانون يمنع المساس بالسلم الأهلي
وبدوره اعلن المحامي محمد يموت ان “ من يدعو او يحرض على نهب الاملاك الخاصة هو امر خاطىء وقدمنا بلاغا بالنائب السابق نجاح واكيم وهو سياسي قديم معروف بكرهه لآل الحريري ولن نقبل بأن تتم اشاعة فوضى الاعتداء على الاملاك العامة او الخاصة”.
وفي الواقع قانون العقوبات اللبناني يحاسب كل من يحرض على الاعتداء على الاملاك الخاصة والعامة او يعتدي عليها لأنها تعتبر جريمة تهدد السلم الأهلي بالدرجة الاولى وتمس بسيادة القانون وهيبة الدولة وحقوق المواطن.
يبدو ان نهج الاستقواء واستباحة القانون سيطر على بعض المحامين والاعلاميين وفارضي الخوات وعناصر حزبية دفع بها الى التشجيع على احتلال الاملاك الخاصة من اجل فتحها “القوة” وبعضهم شارك بالفعل بها والسيطرة عليها ضاربين عرض الحائط نهج سيادة القانون والدولة والغريب كيف يمكن لمن يدعي انه هارب من احتلال للاراضي اللبنانية من قبل العدو يعمد بدوره الى احتلال املاك خاصة داخل بيروت؟ّ!