كيف ستواجه تركيا “فريق ترامب الصّليبيّ”؟ (2)

بقلم سمير صالحة

«اساس ميديا»

لذلك حسابات أنقرة وواشنطن السياسية والأمنيّة معقّدة على الرغم من وجودهما تحت مظلّة دفاعية واحدة في الحلف الأطلسي، وعلى الرغم من أرقام التبادل التجاري التي ارتفعت من 20 مليار دولار في عام 2019 إلى 32 مليار دولار في العام المنصرم، مع رغبة ثنائية في إيصال الأرقام إلى 100 مليار دولار خلال العقد المقبل.

كما تأمل أنقرة تعزيز التعاون مع إدارة ترامب في ملفّات حسّاسة، أبرزها:

  • محاربة الإرهاب ودعم الولايات المتحدة لمجموعات “قوات سوريا الديمقراطية” التي تعتبرها تركيا تهديداً لأمنها القومي لالتصاقها بعناصر “حزب العمّال الكردستاني”.
  • ثمّ ملفّ العلاقة مع منظمة فتح الله غولن التي تصنّفها تركيا منظمة إرهابية وتحمّلها مسؤولية المحاولة الانقلابية في عام 2016، والتي توفّر أميركا الحماية والحصانة للعشرات من قياداتها وكوادرها.
  • كذلك موضوع العقوبات الأميركية المفروضة على أنقرة بسبب شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية “إس-400″، بالإضافة إلى موضوع استبعاد تركيا من برنامج المقاتلة إف – 35.

تحسين علاقات تركيا مع إسرائيل

في المقابل، ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، قد تسعى واشنطن إلى تعزيز التحالفات الإقليمية، وهو ما قد يدفعها للضغط على تركيا لتحسين علاقاتها مع إسرائيل. هذا إلى جانب مراجعة علاقاتها الانفتاحية على موسكو وطهران وبكين. لكنّ المكتوب يقرأ من العنوان. اختيارات ترامب لفريق عمله تعكس شكل السياسة المرتقبة في السنوات الأربع المقبلة، إذا لم يتدارك الموقف ويدخل تعديلات سريعة على الأسماء والاختيارات.

ما قد يقدّمه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في المستقبل قد يكون أكثر سوءاً ممّا شهدته ولايته الأولى، خاصة في ما يتعلّق بترشيحه شخصيات تدين بالولاء له والتأييد الكامل لإسرائيل، إضافةً إلى دعم بعضهم الصريح لما يُعرف بـ تحريك “ورقة الأكراد في الإقليم”، وبينهم شخصيات مثل ماركو روبيو وأليس ستفينك وبيتر هيغسيت وتولسي غابارد ومايكل والتز.

المقايضات محتملة والأبواب مشرّعة، لكنّ اللوبيات والعامل الإسرائيلي الضاغط في أميركا هما العقبة. يريد ترامب حسم الملفّات مع طهران وموسكو، لكنّ في صدارة أولويّاته مواجهة مجموعة “بريكس” التي تكبر وتتفرّع وتضمّ روسيا والصين والهند وإيران وغيرها من العواصم الإفريقية والآسيوية.

3 لاءات صينيّة مستمرّة

نصائح الرئيس الصيني شي جين بينغ لنظيره الأميركي بايدن على هامش قمّة “أيباك” في ليما، تحت عنوان اللاءات الثلاث، ستظلّ صالحة لترامب أيضاً:

  • لا تستبعدوا تكرار “فخّ توكيديدس” بأن يقود الخوف والتوتّر إلى انفجار عسكري بين الصين وأميركا.
  • لا تقحمونا في حرب باردة جديدة نحن بغنى عنها.
  • لا تحاولوا محاصرة الصين بأيّ شكل من الأشكال لأنّنا تجاوزنا هذا السيناريو منذ سنوات. وقد يكون سبباً إضافياً آخر لإقناع ترامب بعدم خسارة الشركاء والحلفاء، وبينهم تركيا، لمصلحة روسيا والصين.

ترامب من أنصار العودة إلى الأحادية القطبية والتزام الشركاء والحلفاء بالقرار الأميركي. في المقابل أطلق إردوغان في السنوات الأخيرة خطوات انفتاح وتقارب استراتيجي باتّجاه إفريقيا والشرق الآسيوي في إطار التعدّدية القطبية. فكيف ستسوّى الأمور؟

تركيا تريد سوريا… وستقدّم الكثير من الهدايا

إذا أعطى ترامب أنقرة ما تريده في الملفّ السوري، فإردوغان لن يتردّد في تقديم الكثير من الهدايا السياسية والاقتصادية ذات الطابع الإقليمي له:

  • أولى الهدايا قد تكون الطاولة الرباعية الجديدة في سوريا بحلّة جديدة أميركية روسية تركية عربية مثلاً.
  • وبعدها من خلال عودة الوساطة التركية على خطّ موسكو – كييف في ملفّ القرم.
  • المهمّ بالنسبة لأنقرة هو أن لا تكرّر واشنطن الخطأ الذي ارتكبته في العراق بانسحابها لمصلحة إيران قبل عقد ونصف. وإذا قرّرت تكرار ذلك لمصلحة إسرائيل في سوريا هذه المرّة، فهذا يعني أنّ منسوب التوتّر التركي الأميركي سيذهب باتّجاه آخر، ويكون التوتّر التركي الإسرائيلي المتزايد سبباً إضافياً فيه.
  • المفاجأة جاءت مرّة أخرى من خلال هدايا بايدن لترامب وإردوغان قبل المغادرة: “أدرجنا معظم قيادات حماس على لوائح الإرهاب وسنقبض عليهم. ونطالب دول المنطقة وعلى رأسهم تركيا بعدم التعامل معهم بعد الآن”.

حذارِ الاصطفافات الصّليبيّة

يحذّر سليمان سيفي أوغون ومحمود أفور في الإعلام التركي المقرّب من حزب العدالة والتنمية من خطر تركيبة الفريق الرئاسي والحكومي لدونالد ترامب ومن اصطفافات عالمية “صليبية جديدة” قد تبرز.

أوغون يقول: “علينا أن نستعدّ لمواجهة قد تكون على هيئة حملة صليبية جديدة، حيث قد يقود التحالف الذي يضمّ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأوراسيا والهند حملة معادية للإسلام تتمحور حول إسرائيل. وهناك عدّة مؤشّرات تدعم هذا الاحتمال”.

قيادات العدالة والتنمية لا تتبنّى طروحات من هذا النوع. لكنّها تردّد أنّها ستتمسّك بمواقفها وسياساتها في التعامل مع الملفّات المرتبطة مباشرة بالأمن القومي ومصالح تركيا.

سمير صالحة

التعليقات (0)
إضافة تعليق