كلمة حق من إنسان صادق

كتب معين الكعكي

تسمّرت وأنا أشاهد الوزير والنائب السابق، ومستشار الشهيد رفيق الحريري، في حواره مع الـM.T.V، في برنامج “صار الوقت”. لقد وصّف الأمور بدقة وعلم ومعرفة، كما انه وضع أصبعه على أكثر من جرح… وعن غيابه وصمته الطويل، كان جوابه: “كنت متفرّغاً لموقع “أساس ميديا”، باعتباره موقعاً يمكن تسميته انه لصناعة رأي عام.. وهو يتوجه الى أصحاب القرار. وكانت عودة للجذور الإعلامية التي بدأتُ فيها حياتي المهنية.. الشعب الفلسطيني العظيم يقاتل منذ سنة 1936، وكل عشر سنوات، بعد اغتصاب فلسطين… هناك تماهٍ سني مع أي عمل فلسطيني.. العاطفة والمسؤولية التاريخية تجاه فلسطين، موجودة منذ استقبلنا الفلسطينيين وعاشوا معنا… حرب الإسناد التي أطلقها حزب الله.. ماذا غيّرت في الميزان العسكري بغزة؟.. لا شيء… إذا كان هناك دَيْنٌ على لبنان فقد دفعناه مرّة و2 و3… ومن قلبنا، وأخذنا المسيحيين الى أماكن صعبة كثيراً، ربما ما كانوا ليذهبوا إليها”..

ولأنّ العرب تركوا القضيّة الفلسطينية وأهملوها، كانت إيران الخميني حاضرة واحتوتها، وأنشأت ما يُسمّى بـ”فيلق القدس”. هنا… “انتقلت البندقية التي تقاتل في فلسطين، من البندقية السنّية الى البندقية الشيعية… وتحوّلت إيران الى حامي قضية فلسطين”… “إيران لا تستطيع دخول الحرب، لأنّ هناك خطبة شهيرة للسيّد الخميني واضحة وصريحة تقول: “الحفاظ على النظام الاسلامي الايراني من أوجب الواجبات، وهو أهم من الحفاظ على حياة الإمام المهدي”.

ويوجه المشنوق كلامه الى إيران ومرشدها فيقول: “تريد حماية بلدك ونظامك نوافق معك، أما الدول الأخرى “فليلتعن” أبو اللي خلفها واللي خلف أهلها.. كيف هيك… أين العدل الديني؟ وأين الشرِع؟ بل أين الالتزام الأخلاقي؟.. نحن كلبنانيين التزامنا الوطني والاخلاقي هو أولاً ودائماً للبنان وليس لأي مكان آخر”.

… “النص الايراني مثير للتوتر. يأتي رئيس مجلس الشورى الايراني ليقول إنّ إيران والخامنئي ركيزة اللبنانيين، ركيزة “شو وليش”؟.. نحن نعرف الانتداب العثماني، والانتداب الفرنسي. واحد أتى ومعه عمارة وموسيقى وعلمٌ وافتتح جامعة، والفرنسي أحضر معه اللغة والانفتاح.. اما الايراني فأحضر الحروب والخراب.. لا يمكن أن ننكر مقاومة واستشهاد هؤلاء الشباب الأبطال الذين يدافعون عن أرضهم.. لكن يجب أن نذهب الى تصرّف عاقل من المعنيين، وأولهم وأكبرهم الرئيس نبيه بري الذي جعل من عين التينة ملجأً للوطنية… والرئيس نجيب ميقاتي أثبت انه قام بدور فعّال وجدّي.. وتصرّف بأحسن ما يمكن كرئيس حكومة أن يفعل.

إنّ هذه الإطلالة للزميل العزيز، وهذا الكلام الموزون والدقيق، وهذا التوصيف للحال التي وصلنا إليها، يجعلنا أولاً كصحافيين، وكلبنانيين، ومن كل الطوائف والمذاهب، يجعلنا نفتخر. وكما اتصل الزعيم وليد جنبلاط خلال الحوار وقال: “الحمد للّه أنّ هناك صوت وطني عاقل مثل صوت نهاد المشنوق”.

حقاً، لقد وضع أصبعه على جرحين عميقين، أولاً استشهاده بوصية الخميني بالحفاظ على النظام ولو على حساب المهدي المنتظر.

والجرح الثاني الأعمق ان العرب، كل العرب، تركوا الفلسطينيين والقضية الفلسطينية.

معين الكعكي

التعليقات (0)
إضافة تعليق