من عين التينة بالذات التي غاب مرجعها الروحي عن لقاء بكركي الجامع اول من امس، وجه امين سر دولة الفاتيكان بييترو بارولين رسالة قوية “لمن يعنيهم الامر” باعلانه ان حل ازمة الرئاسة يبدأ من هذا المقر، وان المسيحيين يتحملون المسؤولية طبعا لكنهم ليسوا وحدهم في السلطة وعلى الاخرين تحمّل مسؤولياتهم”، واللبيب من الاشارة يفهم…
وفي وقت بقيت المقاطعة الشيعية للقاء السياسي الروحي مع بارولين في الواجهة، من خلال دفق ردات الفعل عليها كما على نداء نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ محمد قبلان الى بارولين بما تضمن من هجوم على الكنيسة، استكمل الكاردينال بارولين جولته امس فزار رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بعد لقاءات عدة عقدها مع شخصيات سياسية بعيدا من الاضواء، اطلق خلالها مواقف محذرة من استمرار الشغور الرئاسي ونقل قلق البابا فرنسيس جراء عدم انتخاب رئيس حتى الان.
لقاء ورسالة
وفيما تحدثت معلومات صحافية عن ان “الكاردينال بارولين التقى في لبنان اقلّه ٣ شخصيات سياسية وازنة بعيدا عن الكاميرات واستمر اللقاء بينه وبين أحد رؤساء الاحزاب ساعتين”، علمت “المركزية” ان اللقاء مع إحدى الشّخصيات الوازنة في مسار الانتخابات الرئاسيّة، في السّفارة البابوية هدف الى توجيه رسالة واضحة بضرورة تسهيل انتخاب رئيس جامع لا رئيس ينحاز إلى محور. كما كانت رسائل واضحة في اللّقاءات إلى أن تبنّي خيار حلف الأقليّات والقبول بالتحكّم بالدّولة من خارج الدّولة لم يكن مقبولاً في الأساس وليس مقبولاً، ومن الملحّ العودة إلى تطبيق اتّفاق الطّائف بكامل مندرجاته والقرارات الدوليّة بكامل مندرجاتها، مع تنبيه من أن طرح خيارات تفتيتية للدولة لن يكون في مصلحة سوى من يريد إنهاء النموذج اللبناني بصيغة المواطنة التي تحترم التنوّع فيه، وهذا يخدم أيضا مسعى الانقضاص على هوية لبنان من أطراف باتت معروفة، كما كانت دعوة إلى تغليب لغة العقل والحكمة تحت سقف الدستور.
زكي
رئاسيا ايضا، زار الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي الذي وصل الى بيروت اول من امس، في عين التينة الرئيس نبيه بري. واعتبر زكي بعد اللقاء، أنه “لا بد من إبداء المرونة من قبل الجميع”. وقال بعد اللقاء “إستشعرت أن الوضع الداخلي اللبناني يعاني كثيراً والشغور الرئاسي من ضمن أمور أخرى تؤثر على أداء الدولة والمؤسسات”. ورأى، ان “اللقاءات في لبنان تشمل الحديث عن التصعيد في الجنوب”. وأكد وقوف الجامعة العربية مع لبنان بشكل كامل، لافتاً إلى أن “الوضع الداخلي في لبنان يعاني كثيرا”.
مرفوض كلياً
على خط المقاطعة الشيعية لبكركي، صدر عن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، بيان قال فيه: الخلافات السياسية في لبنان والانقسامات بين اللبنانيين موجودة بشكل دائم ومستمر، ولكن الخطاب السياسي كان يقف دوما عند حدود الاحترام المتبادل والموضوعية في مقاربة النقاط الخلافية، إلا اننا في اليومين الأخيرين شهدنا بعضهم يخرج عن طوره باتهام الكنيسة وراعيها باتهامات مرفوضة جملة وتفصيلا، لا سيما باعتبارهما في خدمة الإرهاب الصهيوني. يستطيع المرء ان يكون له الرأي الذي يريد، ولكن لا أحد يستطيع القول ان الكنيسة وراعيها في خدمة الإرهاب الصهيوني، فهذا مرفوض كليا بين المكونات اللبنانية، وخصوصا مع مرجعية تاريخية على غرار بكركي، ولأنه بعيد أيضا كل البعد عن الواقع والحقيقة. وفي هذا السياق تجدر الملاحظة أن الكثير من اللبنانيين يشاركون بكركي رفضها الحرب الدائرة في الجنوب والتي لم تخدم غزة في شيء، لا بل دمرّت جنوب لبنان وهجرّت شعبه. إن من يخدم الإرهاب الصهيوني هو من شرّع بأفعاله جنوب لبنان للإرهاب الصهيوني. يبقى ان الحد الأدنى من الموضوعية، كما الحد الأدنى من الحفاظ على أدبيات التخاطب بين اللبنانيين، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمرجعيات الدينية، هذا الحد الأدنى هو أساسي وضروري للحفاظ على لبنان.
عين العقل
ايضا، كتب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، عبر حسابه على “إكس”: “ان مبادرة الفاتيكان لا تأتي من العبث او الفراغ بل تهدف في التأكيد على الحوار وهي عين العقل في ادق مرحلة من تاريخ لبنان ومصيره وبالتالي فإن مقاطعة الكاردينال Pietro Paroline من بعض الأطراف الدينية والسياسية هو موجه إلى البابا Francis الحبر الاستثنائي في تاريخ روما”.
دعم تركي
من جانبه، أكد الرئيس التركيّ رجب الطيب أردوغان، أنّ “تركيا تقف إلى جانب لبنان، وتدعو دول المنطقة إلى دعمه وسط التوتّرات مع إسرائيل”. كما أشار إلى أنّ “إسرائيل التي حرقت ودمّرت غزة، يبدو أنّها وجّهت أنظارها الآن إلى لبنان، ونُلاحظ تلقيها دعما من الغرب من خلف الستار”. ولفت إلى أنّ “خطط رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتانياهو لتوسعة الحرب في المنطقة ستتسبب بكارثة كبيرة، وعلى العالم الإسلامي ودول الشرق الأوسط أولا التصدي لهذه المخططات الدمويّة”. وأضاف أردوغان: “نتانياهو مريض نفسي، وسكوت الدول الغربية عليه سيُؤدي لحرب موسعة في المنطقة كلها”.
إلى بروكسل
وغادر بوحبيب صباح امس لبنان متوجهاً إلى بروكسل لإجراء محادثات مع مسؤولين في الإتحاد الأوروبي. ثم سينتقل إلى الولايات المتحدة الاميركية حيث سيجتمع بمسؤولين أميركيين في واشنطن، وبمسؤولين أمميين في منظمة الأمم المتحدة في نيويورك. كذلك سيقوم الوزير بوحبيب بزيارة رسمية إلى كندا يلتقي خلالها نظيرته الكندية. جولة بوحبيب تهدف إلى متابعة مساعي لبنان لتجنّب حرب واسعة في الجنوب قد تتطور إلى حرب إقليمية مفتوحة، وكذلك إلى شرح سياسة الحكومة تجاه مسألة النزوح السوري في لبنان ورؤيته للحلّ.