بقلم فوزي عساكر
«رئيس تحرير مجلة العالمية»
يبدو أنّ شعوب الشرق الأوسط، شعوبٌ محكومةٌ بالعذاب والذلّ والاستعباد، أكان في السياسة، أم في الحياة الاجتماعية، أم في لقمة العيش، أم في الكرامة.
يبيع الفردُ كرامته للزعيم من أجل لقمة العيش التي حرمته منها الدولة، وبعد أن يشبع، يرفسه الزعيم بِحذائه، وتدفنه زمرةُ عصاباته حيّاً. تَمامًا كما يبيع لجانُ الأهل في المدارس كراماتهم، كي لا يدفعَ أولادُهم الثمن. وكما أنّ أتباعَ الزعيم من واجبهم أن يؤلّهوه مهما فعل، هكذا لجان الأهل في المدارس الخاصة، عليهم أن يؤلِّهوا الريّس والريّسه والمدير والمديرة، مهما فعلوا. وكما تفعل الأنظمة الدكتاتورية بشعوبِها، هكذا تفعل الـمدارس الخاصة بِمعلميها الـمتقاعدين، الذين شرّفوها بأسـمائهم ورتبهم. ولكنّ الأنظمةَ السياسية مَجموعةُ مجرمين، أمّا القيّمون على الـمدارس الخاصّة، فيُفتَرَض بِهم أن يكونوا قدوةً للأجيال الـمتعلّمين.
الإمبراطورية السورية فتحت السجون، واستعبدت البشر. وكلّ ما فعلتهُ بِهم من فظائع، تفعله المدارس الخاصة في لبنان بالمعلمين المتقاعدين، حيث استبدلت السجون بإقامتهم الجبرية في بيوت خالية من الخير.
الإمبراطورية السورية قتلت عمر الشباب في الزنزانات، والـمدارس الخاصة تقتل ما تبقّى من عمر الـمعلمين الـمتقاعدين في العوز.
تنتقدون ظلم النظام الدكتاتوري، وتتبرّؤون من ظُلمِكم للمعلمين. وغدًا يأتي عيد الـميلاد المجيد، وبعده رمضان الكريم، فتصدح الكنائس والمساجد بعظاتكم لعمل الخير، فيما تَحرمون الـمعلمين الـمتقاعدين من لقمة العيد، وكنزة العيد، وفرحة العيد.
المعتَقَلون في السجون السورية حُرِموا من الخبز والماء والدواء والهواء… والمعلمون المتقاعدون تَحرمهم المدارس الخاصة من الخبز والماء والدواء والهواء. أليس هذا درسًا نظريّاً وتطبيقيّاً لطلابِكم؟!
هؤلاء الطلاب الذين تُعلّمونَهم عكسَ ما تطبّقون، ستُخرِّجونَهم حكّامًا ومَسؤولين يُجيدون استعباد معلّميهم، كما يفعل الـمسؤولون والحكام عندنا بالمعلمين!
فهذا الإله الذي تَحتمون به لتستبدّوا بالمعلمين المتقاعدين، قد استجابَ دُعاءَ الشعب السوري وأسقطَ إمبراطورية الطغاة، وهو نفسه سيسمع يومًا وجع المعلّمين، ويُسقِط إمبراطوريّاتكم ودكتاتوريّاتكم، لأنّ زمن السقوط سيتفشّى في جسد هذا الشرق المريض، فيُسقِط العار ويُحرّر الأبرار.
وكلّ معلّم أسأتُم إليه وسرقتموه فجاع ومَرِضَ ومات بسبب سرقة معاشه، سيكون ذنبًا في رقابكم. وحتى ذلك الحين، إستَفيضوا في حَرقِ البخور، علّهُ يُظلّلكم بغمامةٍ تُطهّرُ وجوهَكم قبل يوم الحساب!
فوزي عساكر