كتبت ريتا شمعون:
الشرق – على حافة الأمل نتابع حياتنا الطبيعية التي لم تكن بالأساس طبيعية منذ الأزمات الإقتصادية والسياسية التي ضربت لبنان في العام 2019، تحت عنوان لا نريد شيئا من الدولة إلا وقف الحرب، لا شك أن هناك كلفة اقتصادية واجتماعية في الجنوب اللبناني حيث لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وهذه الكلفة تأخذ أوجها متعددة، والبيئة الجنوبية قلقة من حجم الإستهدافات الإسرائيلية التي تطال الحجر والبشر وحتى المسعفين الطبيين إلا ان هذا القلق يعبر عنه في المناطق الجنوبية تدهور حركة الأسواق على الرغم من تقاطع عيد الفصح مع شهر رمضان. لكن الأمور تبدو جيدة خلال جولتنا في أقليم الخرّوب وعكار حيث لم تتأثر بشكل كبير بما يجري في الجنوب، حيث أكد رئيس جمعية تجار اقليم الخرّوب ونائب رئيس اتحاد تجار جبل لبنان أحمد علاء الدين، أن أسواق اقليم الخرّوب انتعشت قليلاً، بعدما تلاقى الفصح المجيد لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي مع استعداد المسلمين للإحتفال بعيد الفطر المبارك، وشهدت حركة جيدة للمرة الأولى منذ العام 2019، فحركة السوق نشطة منذ اسبوعين وتجاوزت الـ 40% مقارنة بالعام السابق. وأضاء علاء الدين، في حديث لجريدة «الشرق» على مسيرة القطاعات الإقتصادية في المنطقة التي تشكل موردا مهما للإقتصاد الوطني، معتبرا نجاحها في خضم أزمات سياسية واقتصادية وامنية تعصف بالبلد مهددة استقراره ونموه يشكل تحديا كبيرا ممزوجا بإيمان الإقليم لما يختزنه من قدرات بشرية وعلمية، موضحا أن جمعية تجار إقليم الخرّوب تعمل ما بوسعها بالتعاون مع غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان الذي يرأسها الوزير السابق محمد شقير لتوفير كل ما يلزم للقطاعات الإقتصادية في المنطقة للترويج لمنتجاتهم الصناعية بفتح الأسواق الخارجية أمامها خصوصا بلغاريا.
علاء الدين، الذي يرأس مجلس الأعمال اللبناني – البلغاري، تحدث عن أهمية التوأمة التي سعى اليها ما بين بلديات إقليم الخرّوب وبلديات في بلغاريا تهدف الى الإستفادة من الخبرات والمساعدة في التبادل الثقافي، والعمل على تعزيز التبادل التجاري ما بين اقليم الخرّوب وبلغاريا وتسويق المنتجات الصناعية اللبناينة كدبس الخرّوب والحلويات المنتجة من دبس الخرّوب والطحينة وزيت الزيتون فضلا عن صناعة مواد التجميل والتنظيف بالإضافة الى صناعة الألبسة،
علاء الدين، توقف عند أزمة تأخير خروج البضائع من مرفأ بيروت مع ما ينتج عن ذلك من تكاليف إضافية، الصناعي والتاجر والمستهلك بغنى عنها، مشيرا الى انه لا أسباب تبرّر ذلك، مطالبا بتسهيل أمور الصناعيين والتجار.
وختم قائلاً: نحن نعيش في دولة فيها الكثير من العلل المزمنة تحوّل فيها قطاع إنتاج الكهرباء الى شركات خاصة وشراء الطاقة منها او عبر الإستثمار في الطاقة الشمسية الفردية والصناعية، وإدارة عامة شبه مشلولة، الأمر الذي ينعكس على القطاع الخاص المتضرر الأول من توقف موظفي القطاع العام عن العمل لما لذلك من انعكاس سلبي على سير الأعمال والتأخر في إنجازها.
من إقليم الخرّوب الى محافظة عكار، حيث شهدت الحركة التجارية نشاطا ملحوظا هذه الفترة رغم تأثرها بحرب غزة والأحداث الأمنية في الجنوب، حيث أشار رئيس جمعية التجار في المنطقة ابراهيم الضهر في حديث لجريدة الشرق الى ان التحسن مردّه الى الزيادات والتقديمات التي أقرتها حكومة تصريف الأعمال لموظفي الإدارة العامة والأسلاك العسكرية والمتقاعدين وموظفي القطاع العام حيث تعتبر محافظة عكار على مرّ هذه العقود خزان الجيش اللبناني، أدّت الى تحريك العجلة الإقتصادية، حيث لجأ هؤلاء الى شراء الحاجيات الضرورية فتصل هذه الأموال الى التجار، مؤكدا أن زيادة الإستهلاك هذه أثرت إيجابا على الأسواق في مواسم الأعياد، ومع ذلك فإن آفاق الإقتصاد السليم لا تزال بعيدة. وأضاف الضهر، صادف شهر رمضان لهذا العام إحياء اللبنانيين من الطوائف المسيحية لأعياد الفصح والشعنينة، فتضاعفت حركة الأسواق نحو 15% بالمقارنة مع العام الذي سبقه، لا سيما محال الحلويات والمواد الغذائية وقطاع الألبسة، أما السلع المعمرة والأسواق الأخرى كالأدوات الكهربائية والمفروشات والأدوات المنزلية فسوقها خفيف. وتابع، بشان أسعار السلع فإن عكار هي الأرخص بين المحافظات في لبنان، والأرباح شبه معدومة تبعا للكلفة ومع ذلك تمنّينا على التجار في هذه الفترة أن تناسب الأسعار القدرة الشرائية للمواطنين. فإذا كان التصنيف الحكومي يعتبر عكار المنطقة الأكثر فقرا في لبنان، وفق الضهر، فهي الأكثر تهميشا، لأن سياسات الحكومات المتعاقبة وبرامجها منذ التسعينات تجاه عكار والمناطق البعيدة عن مركز القرار ليست بالقدر الكافي، زادت نسبة الفقر، عمدا فيها فضلا عن سلب إرادتها عند الحاجة، بالرغم ان لدى عكار موارد طبيعية ومؤهلات زراعية يمكن ان تساهم بشكل فعال في تنشيط الحركة الإقتصادية المحلية، لافتا، الى ان الفقر لم يعد يعني فقط الناس الجائعة، بل أصبح يعني الحرمان من الكهرباء ومن البنى التحتية وغيرها. وأوضح الضهر، ان أكثر من 70% من ايرادات عكار تحصلها الدولة من رواتب موظفي القطاع العام في المنظقة، أكان ذلك من جباية الضرائب أو الرسوم حيث كانت تقدر الإيرادات بنحو 2 مليار ليرة لبنانية على أساس سعر صرف الدولار الأميركي حينها بـ1500 ليرة وللأسف لم تسخر منها الدولة لمشاريع إنمائية في عكار. وجدّد الضهر مطالبته بإنصاف محافظة عكار والمضي في قوننة الواقع الإقتصادي عملا بأحكام المرسوم الإشتراعي 36\67 الذي يجيز إنشاء غرف التجارة والصناعة والزراعة في كل محافظة. ورأى أن الضرائب والرسوم التي أقرتها الدولة في موازنة العام 2024 تتجاهل الواقع الذي نعيشه في لبنان، فالحكومة وعلى الرغم من قتامة المشهد الإقتصادي، أصرّت على ان مشروع موازنة 2024 يؤسس لبدء التعافي، لكن في الواقع، كرّست مجددا غياب العدالة الضريبية عبر ارتكاز معظم ايراداتها على الضرائب المباشرة التي تطال عموم المواطنين. ولفت الى تراجع تحويلات العكاريين المغتربين خلال الربع الأول من العام 2024 مقابل الفترة المقابلة من السنة الماضية، ومع ذلك تشكل هذه التحويلات المالية عنصرا حيويا في الإقتصاد في المنطقة وساعدت أبناء عكار المقيمين على تخطي الأزمة الإقتصادية ومولت استهلاكهم.