عشر سنوات على رحيل منح بيك الصلح ولبنان ينتقل من اختبار إلى آخر

المحامي عمر زين

الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب

 

ربما هي من حكمة القدر ألا يكون بيننا الأستاذ منح في هذه الأيام السوداء، فلبنان البلد القلب من العالم العربي لا ينبض كما يجب، وهو موقع الإشعاع الدائم منذ فجر التاريخ.

الراحل العزيز كان يعتبر اللبنانية الصعبة دواء لأمراض اللبننة التقسيمية والتشرذم العربي، وهو بحركة دائمة من جنوب لبنان الذي أحبه وبادله الحب، إلى بقاعه الذي عشقه وأمضى عمرا فيه، إلى عاصمته التي كانت له ولنا منارة انفتاح وتعايش وانصهار وطني حقيقي بعيداً عن العبارات الإنشائية الفارغة.

بيروت التي غادرها الراحل الكبير قبل عشر سنوات من اليوم، كانت تتجاوز الاختلافات في العمل الوطني بتأكيد الوحدة اللبنانية مهما كان بين اللبنانيين من تفاوت في الرؤى الوطنية والقومية.

كان بيته في راس بيروت محجّة ومركز لقاء للمفكرين الوطنيين والقوميين، ومع هؤلاء جرى تأسيس عدة تجمعات سياسية وفكرية وثقافية كان لها وما زال دوراً مشهوداً في العمل اللبناني والقومي وفي المقدمة منها دار الندوة التي تشكل موقعاً فكريا محترما ، عمل ويعمل في أحلك الظروف التي مر ويمر بها لبنان، وعلى الرغم من استهدافه من القوى الظلامية التي تحاول أن تعطل مسيرته لكنه صامد وبقوة في غياب المؤسس الكبير، وهو اليوم يشكل منارة بيروتية تجمع ولا تفرق، تعطي بسخاء دون حساب، فأعادت لبيروت دورها الريادي بين العواصم.

كان للراحل دورا مباشرا مع المغفور له عمه دولة الرئيس تقي الدين الصلح في تكوين اللقاء الإسلامي فكرة ومضمونا وشكلا الذي لعب دوراً رائدا في الحفاظ على الميثاقية اللبنانية خلال الأحداث الأليمة التي مرت على لبنان. منح عادل الصلح هو واحد من العائلة الصلحية التي صرفت ثروتها العقارية من صخرة الروشة حتى ملاعب نادي النجمة شمالا ويمينا بما فيها بناية والدته المرحومة السيدة نازلي هانم حيث بقي مع والده يشغلان شقة فيها كمستأجرين بعد أن كانوا مالكيها.

لم ينقطع التواصل بيني وبينه أسبوعيا وبرفقة صديقي ورفيق النضال الأخ جميل ملك، وكنت أخفي سروري عندما ندخل عليه والى جانبه كتابي عن الراحل دولة الرئيس تقي الدين الصلح سيرة حياة وكفاح حيث كان يسر لنا دائما بأن هذا الكتاب أعاد لي ذكريات جميلة عن العائلة وعن سيرة عمه» حيث اعتبره تعبيرا أو وصفا دقيقا عن دور الرئيس الصلح في العمل الميثاقي الوطني اللبناني منذ الاستقلال حتى وفاته، وفي كل زيارة كان يضيء على احدى الوقائع من حياة الرئيس، فتتحوّل الزيارة الى نقاش تفصيلي حولها بإيجابياتها وسلبياتها ودور منح بك بالخصوص.

مرت عشر سنوات على رحيلك أيها القائد ولا تزال أفكارك وان كنت لا تستسيغ لقب مفكر، حيّة بيننا بل محفورة في عقولنا وقلوبنا. نقول إن الانعزالية الجديدة في لبنان تعمل على الاستقواء ببعض العرب على بعضهم الآخر، واللبنانية الصعبة التي تحمي الساحات المشتركة بين اللبناني المختلف عن شقيقه اللبناني الآخر، وتؤكد لك أن النبض الوطني والقومي ما زال بخير حاضرا وبقوة في كل أنحاء لبنان ولدى كل الأطياف والعين ساهرة، والقوى الحية في الأمة تقوم بمهامها خير قيام معتمدة على معين أفكارك الذي لا ينضب.

تغمدك الله بواسع رحمته

حمى الله لبنان.

المحامي عمر زين

التعليقات (0)
إضافة تعليق