عقد في المجلس الإقتصادي والاجتماعي والبيئي لقاء تشاركي مع الدكتور رياض عبجي عن «آلية لإحياء التسليفات في لبنان»، بدعوة من رئيس المجلس شارل عربيد، في حضور رئيس لجنة الإقتصاد النيابية النائب فريد البستاني، النائب هاكوب ترزيان، الوزيرين السابقين زياد بارود ورائد خوري، مستشار رئيس الحكومة للشؤون الإقتصادية سمير ضاهر، نائب رئيس جمعية الصناعيين جورج نصراوي وعدد من المصرفيين و أعضاء المجلس الإقتصادي ومهتمين.
عربيد
استهل اللقاء بكلمة لرئيس المجلس قال فيها: «الفكرة اليوم هي ان نستمع ونتناقش ونتحاور بشكل تشاركي عن مواضيع التسليفات والودائع والمصارف، والدكتور عبجي لديه مشروع محدد سيطرحه للنقاش. وبداية اود ان نطرح بعض الأسئلة لاسيما وان التفكير الجماعي يبدأ بأسئلة، فبعد خمس سنوات على الأزمة المصرفية وازمة الودائع في لبنان، ما زلنا كلبنانيين وكمواطنين ومودعين نسأل يوميا ما هو مصير الودائع وكيف سينتظم العمل في القطاع المصرفي وما هي الخطط التي يجب القيام بها، رغم ان الحكومة اصدرت خططا عدة، لكن لم نجد اي شيء قابل للتنفيذ وكانت الامور تصطدم إما بحوارات داخلية يدخل جزء كبير منها بالسياسة وإما بأمور تتعلق بالتفاوض مع صندوق النقد ومتطلباته وشروطه، وإما كذلك ببعض الاطراف التي لم تقم باي عمل وتركت الامور تسير كما هي».
واسف عربيد «لأننا فعلياً لم نشهد على اي حوار جدي بين المصارف الممثلة بجمعية المصارف من جهة والمودعين من جهة ثانية والدولة من جهة و المنظمات الدولية من جهة اخرى، حتى نخرج بخارطة طريق تخرجنا من الازمة بشكل جدي ونقول للبنانيين ان الازمة اصبحت بهذا الشكل. وقبل ان نصل الى من هو المسؤول، لنقل اولا ما هي الازمة الحالية».
واكد « ان المسؤوليات أمر أساسي ويجب ان يحاسب المسؤول عن هذا الامر، لكن الموضوع ليس فقط رمي الاتهامات من هنا وهناك، لكن هذا الموضوع يلزمه حلاً ، ولنصل الى حل فاعل يجب ان نفهم المشكلة اكثر، وهذا يتطلب صراحة وجرأة ويلزمها مقاربات مختلفة عن المقاربات التي رأيناها في السابق، «لانني لا ارى السياسيين والقيمين على هذا الملف لديهم الرغبة او حتى الجرأة لكي يسموا الامور بأسمائها ويقولون ما هو الواقع ويقترحوا مخرجا، وهذا الامر يجب ان يكون تشاركيا ففي النتيجة إنها ودائع اللبنانيين».
وقال: « بالنسبة للقطاع المصرفي جميعنا نعلم ونقول ونكرر انه لا يوجد اقتصاد من دون مصارف، والقطاع المصرفي كان العمود الفقري للاقتصاد اللبناني وكان مدعاة فخر، وقد انجز منذ الخمسينيات ولغاية 2019 وانتج الكثير وخلق فرص عمل ودعم القطاع الخاص والمصانع وغيرها، وبالتالي كان جزءا اساسيا من النمو في اقتصاد لبنان . ولا يجب ان ننسى ان هذا القطاع كان السباق في المنطقة وكان «مضربا للمثل»، وعندما كان القطاع المصرفي مفخرة للوطن، لم يكن يوجد وقتها قطاعات مصرفية في باقي الدول، وطبعا لسنا في هذا الواقع اليوم، ولكن رغم كل ذلك أسال مجددا ما هو المخرج من هذه الازمة؟ وهل سنبقى في حالة الانتظار؟».
اضاف: «لا يجب القول انه اذا كانت الامكانيات غير متوفرة، لا يوجد بالتالي اقتراحات للحلول، ولكن الحلول التي طرحت لم تترجم بقوانين اساسية»، متسائلاً «لماذا نتأخر دائما وما زلنا نتأخر في ايجاد الحلول، وهل علينا ان ننتظر النظام الاقليمي الجديد حتى نصدر بعض القوانين التي تسهل ايجاد المخارج لازمتنا».
ورأى عربيد انه «لا توجد النية للمعالجة الجدية لموضوع المصارف في لبنان»، مؤكداً أنه «توجد مسؤولية على المصارف وعلى جمعية المصارف التي سارت في طريق ترك الامور كما هي ولم تطرح اي اقتراحات للخروج من الأزمة، وهكذا كان الحوار مقفلا والامور تسير، اضافة الى اننا اعتدنا ان نسير بنظام مصرفي غريب عجيب. ولكن رغم التاخر سيبقى هناك امكانية لأن نضع خارطة طريق لكي يستعيد هذا القطاع عافيته وتعود الثقة بينه وبين المودعين، وهذا لا يعني انه لا يمكننا إعادة بناء الثقة وهناك طرق عدة في هذا المجال، ولكن على اصحاب العلاقة أن يتحركوا من جهتهم وعلى المسؤول ان يتحمل مسؤوليته ويتخذ القرارات الموجبة وهذا امر ضروري، ويجب ان يكون بعيدا من مشاكلنا السياسية إلا اذا كان الامر مطلوب من لبنان وان تبقى هذه الازمة كما هي الى حين ان يفرجها علينا».
وقال: «المجلس الاقتصادي والاجتماعي يمكن ايضا ان يكون متأخرا في المعالجة، ولكنني كنت كلما حاولت فتح حوار لا أجد في المقابل اي حماس من المعنيين الاساسيين في هذا الملف. وعلى الرغم من كل ذلك، علينا ان نعتبر ان التفكير المشترك والحوار الجاد يجب ان ينتج عنه الإيجابيات. وعندما التقينا الدكتور عبجي أطلعني ان لديه افكارا من الممكن ان تحل مشكلة التسليفات وغيرها، ونأمل ان نخرج من هذا الاجتماع بأفكار جديدة يبنى عليها وان يكون بداية لسلسلة لقاءات لعله وعسى ان نقدم شيئا مفيدا لاقتصادنا ولبلدنا».
عبجي
بدوره قال الدكتور رياض عبجي :»بداية علينا أن نفهم ما هي الأزمة التي نعيشها، البعض يقول ان هناك فجوة البنك المركزي التي هي عبارة عن 70 او 80 مليار انما هذا الامر غير صحيح. معتبراً ان الأزمة الحقيقية هي ان الناتج المحلي الإجمالي انخفض من خمسين مليار إلى العشرين مليار، «وبالتالي كل عام يتبخر ثلاثين مليار دولار من إمكانيات اللبنانيين، وهذا يظهر من خلال عدم قدرة الأهل على تعليم اولادهم في الجامعات او الاستشفاء»
و إذ تساءل لماذا انخفض الناتج المحلي؟ وكيف يمكننا إعادته إلى الرقم خمسين مليار او نرفعه إلى المئة مليار؟ رأى ان هناك فرق بين السيولة والملاءة، فلبنان لديه ملاءة كبيرة والدولة اللبنانية من أغنى الدول في العالم إذا ما قارنا ملاءة الدولة اللبنانية مع الناتج المحلي الإجمالي. لذلك يجب ان نعيد السيولة والتسليفات إلى الاقتصاد لأنه من دون تمويل هذا الاقتصاد لن يعود إلى سابق عهده.
وأشار إلى أنه عبر التاريخ كان يتم التمويل قبل وجود المصارف، مباشرةً من خلال الأشخاص « و هذا التمويل التقليدي يعود اليوم انما بشكل مختلف ومن شخص إلى شخص وهذه الظاهرة برأي جزء من حرية المواطنين الذين يريدون ان يعرفوا مصير أموالهم ويقرروا بأنفسهم من يستفيد منها”
تابع:» تقوم الفكرة على خلق منصة التي تركز على ربط وتوافق الاعضاء (المقترضين والمقرضين) الذين لديهم اهتمامات مالية متشابهة، وهي بمثابة «اداة تمرير معلومات» من فريق أ (الدائن) الى فريق ب (المقترض) . وهذه طريقة مباشرة كلفتها اقل وأسهل وأكثر اماناً. بهذا نكون وجدنا حلا جزئيا لمشكلة التمويل» مشيراً إلى «ان تمويل المصارف للقطاع الخاص في كل دول العالم يمثل قيمة الناتج المحلي، وهكذا كان الأمر في لبنان، انما اليوم لن يأتي هذا التمويل من صندوق النقد الدولي او المصارف وانما من خلال المجتمع والمواطنين.
واوضح عبجي ان هذا الامر سيحصل ببطىء انما سيحصل . والبعض سيسأل ما هو دور المصارف إذا؟ دورهم مهم جدا، فالأموال ستنتقل من شخص او جهة إلى اخرى عبر حساب مصرفي وما يتبعه من أعمال ادارية ورقابية.
وشدد على »اهمية الأخلاق في التعاطي بين الجميع لأنها الاسس التي يجب ان نبني عليها لبنان، اذ ان ليست الثقة وحدها الأساس في التعاملات إنما الأخلاقيات أساسية أيضاً. إن أركان المنصة التي تدعم تجربة التوافق وتدعم نجاحه هي السلوك الأخلاقي، خصوصية و دقة البيانات المتبادلة، والبنية التحتية التكنولوجية”.
وختم عبجي: ”نحن في مرحلة التأسيس ونضع اللمسات الأخيرة على المنصة قبل البدء بالعمل”.
البستاني
بدوره، قال النائب البستاني: «اخبرونا انه بامكاننا وضع سيولة في المصرف مابين 2-3 مليار وهذا لن يحل المشكلة.
ولا المطلوب اعادة الثقة واعادة تكوين الودائع ولا يمكننا الحديث عن القطاع المصرفي اذا لم نجد حلا للودائع».
أضاف: «نحن في تخبط يومي في البرلمان، ونعمل على موضوع الصندوق الائتماني وعلى اعادة تقييم اصول الدولة»، مشيرا الى «أننا اذا لم نجد حلاً للودائع بعيدا من كلمة فجوة والتي تعني انهم سرقوا. فاذا وجدوا حسابيا فهذا يعني ان الودائع موجودة».
وتابع: «نحن نتحدث عن اعادة تكوين، وفي تقرير الفاريز مؤخرا هناك 8 مليار دولار تم دفعها لشركات، لكن علينا ان نعرف من استلمها»، لافتا الى «ان لدينا قطاعا مريضا يلزمه اعادة هيكلة وزيادة انتاجيته». وأكد في الختام ان «لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي سليم، وعلينا معرفة ما لديهم من اموال في الخارج، اي اننا بحاجة لعملية من والى».
وبعد مداخلات من الحضور قدم عماد حبشي ملخصاً عن المنصة.