كتب عوني الكعكي:
بغض النظر عن التفاوت في الآراء بين من مع ومن ضد عملية «طوفان الأقصى»، فإنّ هناك بعض النواحي الإيجابية التي ظهرت، وأهمها:
أولاً: القضية الفلسطينية كانت الى حد بعيد منسيّة… أو كما يُقال «على الرف»، وأصبحت اليوم حديث العالم.
ثانياً: وهو الأهم… يكفي ما يحدث في كل أنحاء العالم بدءاً بتحرك الجامعات في الولايات المتحدة الأميركية، حيث أن أهم الجامعات لا بل كل الجامعات هناك ومن دون استثناء أصبحت تؤيّد القضية الفلسطينية. وهذا ما حدث في التظاهرات التي قامت في الجامعات تأييداً لقضية فلسطين، وضد الإجرام الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي، من قتل وتفجير وتعذيب ضد الشعب الفلسطيني، الى محاولة إزالة مدينة غزة من الوجود.
وللتدليل على ما أقول أسرد ما قاله المحامي الفرنسي جيل دوفير… الذي كان مايسترو الحكم على بنيامين نتنياهو وغالانت بالاعتقال.
فبعد 30 عاماً من النضال والمطالبة بإعادة الحقوق للشعب الفلسطيني المضطهد، توفي المحامي الفرنسي جيل دوفير، الملقب بمايسترو اعتقال نتنياهو وغالانت. لأنه ناضل وقاد أكثر من 500 محامي للمرافعة في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ونجح في انتزاع قرار من المحكمة باعتقال نتنياهو وغالانت، وحين صدر القرار قال جيل لابنه: اليوم أستطيع أن أموت وأنا مرتاح الضمير. وبالفعل قضى (مات) دوفير وهو مرتاح لأنه قام بواجبه تأييداً للحق والإنسانية.
كما أنوّه بالقرار الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة.. إذ اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً، يدعو لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، مع تنظيم مؤتمر دولي في نيويورك خلال حزيران (يونيو) المقبل لدعم «حلّ الدولتين».
ويحث الأطراف على الإلتزام بالقانون الدولي، كما يدعو إسرائيل الى وقف الاستيطان وإخلاء المستوطنين لتحقيق تسوية سلمية عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية.
وخلال مراجعتها السنوية للقضية الفلسطينية، أقرّت الجمعية القرار بتأييد 157 دولة، مقابل معارضة ثماني دول من بينها إسرائيل والولايات المتحدة والمجر والارجنتين، فيما امتنع سبعة أعضاء عن التصويت.
ونصّ القرار على أهمية دعم «حلّ الدولتين»، حيث تعيش إسرائيل وفلسطين جنباً الى جنب بسلام وأمن، وفقاً للقانون الدولي في حدود ما قبل عام 1967. وأكد على ضرورة بذل جهود جماعية لإطلاق مفاوضات جادّة تتناول قضايا الوضع النهائي المرتبطة بعملية السلام في الشرق الأوسط.
وإلى حين انعقاد المؤتمر، شدّد القرار على مسؤولية الأطراف المعنية بالالتزام بالقانون الدولي والاتفاقيات السابقة. داعياً الى التراجع عن الإجراءات الأحادية التي تتعارض مع القانون الدولي.
كما أكد القرار على حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
واستناداً الى قرارات محكمة العدل الدولية، دعت الجمعية العامة إسرائيل الى إنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووقف أنشطة الاستيطان الجديدة فوراً، وإخلاء المستوطنين من تلك الأراضي.
وترى الامم المتحدة أن جميع الأراضي الفلسطينية بما في ذلك الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة هي أراضٍ محتلة.
واتهم القرار إسرائيل بالسعي الى تهجير الشعب الفلسطيني وضم أراضيه، محذراً من ان استمرار ذلك سيؤدي الى دوّامة من الحروب التي يمكن تجنبها.
إلى ذلك، أشير الى ما حدث في مجلس النواب الايطالي… إذ ألقت إحدى النائبات في مجلس النواب في إيطاليا، وهي فيتوريو أريجوني كلمة هاجمت فيها سياسات حكومتها في إيطاليا حول القضية الفلسطينية والحرب في غزة.
والنائبة هي عضو بارز في الحزب الايطالي الحاكم……
قالت: لقد أراد حزبنا أن يلمس بنفسه حقيقة ما يجري في غزة… لكنّ معلومات مغلوطة نُقلت إليه… وها أنذا اليوم أشرح لكم ما يجري بكل صدق وموضوعية.
«في المعبر الحدودي بين مصر وغزة، قمت وبعض زميلاتي (كارميلا واوريما) هناك كنا على بعد 800م فقط من غزة. لقد رأينا أكثر من 1500 شاحنة مليئة بالمواد الغذائية متوقفة وممنوعة من دخول غزة.
رأينا خياماً كثيرة مليئة بالمواد الغذائية، كراسي متحركة – أدوات طبية – كلها ممنوعة من الدخول الى القطاع.
اكتشفنا أن هناك إرادة بقتل الفلسطينيين. إنها حرب إبادة حقيقية. الاطفال في غزة يولدون أيتاماً. النساء الحوامل يضعن مواليدهن بين أكوام القاذورات. النساء في الدورة الشهرية يفتقدن الى «الفوط الصحية»، إنهن يمزقن الخيام ويأخذن قطعاً منها لاستعمالها.
نطالب بوقف فوري للنار. نطالب بمحاسبة مجرم الحرب نتنياهو. هذه المطالب نعرضها في البرلمان الايطالي لنتوحد ونعمل سوياً لوقف الإبادة في غزة. ولتحيا فلسطين حرّة.
وإن ننسى لا ننسى حين وجه أحد رجال الصحافة الأميركيين انتقاداً شديداً لأحد الجنود الإسرائيليين، قائلاً له: عليك أن تشعر بالخجل الشديد من أنك خدمت في جيش بلادك، لأنّ أميركا دعمت -ولا تزال- إسرائيل في حروبها العدوانية في غزة والضفة وفي لبنان.
إسرائيل بقيادة نتنياهو لا تريد سوى إبادة الشعب الفلسطيني وحتى شعب لبنان.. من خلال غارات عشوائية تدميرية، هدمت الحجر وقتلت البشر وبينهم نساء وأطفال. ولم تراعِ حرمة الأديان فهدمت دوَر العبادة، وهاجمت إسرائيل إيران وقصفت قنصليتها في سوريا. فهي دائماً تقوم بالاستفزاز. أنهم يحتلون أراضي أشخاص آخرين… هم يعملون على ضمّ غزة وتهجير أهلها.
اسمع يا جوناثان… لا أتصوّر أن يظلّ إنسان صامتاً إزاء ما يفعله نتنياهو… فرئيس وزراء إسرائيل لا يهمه الرهائن. إنه يساهم في تجويع الناس وينتهك حقوق الإنسان. القناصة الإسرائيليون يقتلون الأبرياء. قصفوا القرى المسيحية وقصفوا قوة حفظ السلام. عنفهم بلا حدود. إذ وصل عنفهم للمستشفيات والطواقم الطبية.
أوَبعد هذا كله… يتساءلون ماذا فعلت عملية «طوفان الأقصى»؟ إنها أحيت قضية فلسطين من جديد… ونشرت الوعي أمام شعوب العالم قاطبة.