مرة أُخرى ما زلنا نقول إن الحرب الأهلية ليست قدَر اللبنانيين. ولكن من أسف كبير أن العديدين، عندنا، يصرّون على كتابة القدر وفق أمنيات وأهداف وغايات وارتباطات قد تكون تداعياتها المزيد من الكوارث والويلات. ويبدو هؤلاء وكأنهم يجهلون أو يتجاهلون ما عملت فينا الحرب الأهلية وفي بلدنا كذلك، إذ أسقطته عن عرش الريادة في كل جميل ومفيد ومشرق وطليعي لنصبح، بالنسبة الى المنطقة «نطبّل في عرسها بعدما كنا سِيدها»، على حد المثل السائر عندنا في لبنان.
ونبادر الى القول إن من حق اللبنانيين أن يتخوّفوا من مسار التطورات على صعيد الحرب وما يترتب عليها من نتائج كارثية على اللبنانيين جميعهم، ما يثير الهواجس والمخاوف والقلق.
ونود أن نحذّر من أن الحدث شبه الوحيد المشرق والمشرّف جداً في هذه الحرب المتمثل في التفاعل الإيجابي، بامتياز، بين النازحين وسائر اللبنانيين، على امتداد رقعة الوطن، في مناطقهم كافة وأطيافهم كلّها، قد يكون مرشّحاً لأن يتحول الى حالٍ بالغة السلبية. نعرف ونتفهم أن هذه الموجات الكبيرة من النزوح الداخلي تحدث بالتزامن مع الانهيار الشامل في لبنان والضيق الذي يعانيه الشعب اللبناني كله تقريباً… كما نعرف، ولكننا لا نتفهم أو، على الأصح، لا نقبل بعض التجاوزات، لاسيما ما كان منها ذا صلة بالسلاح الفردي في حوزة النازحين، وطريقة الاستقواء به للتعالي الذي لا مبرّر له على الإطلاق.
ونسارع الى القول إن هذه الظاهرة ليست على شمول، كونها فردية بنسبة كبيرة، ولكنها تثير الحفيظة، من دون أدنى شك، قدْرَ ما تثير من مخاوف ناجمة عن إجرام العدو في مطاردة محازبي المقاومة في أماكن تواجدهم بعد النزوح… وهذا المشهد الذي تكرّر في غير منطقة يجعل الناس على أعصابهم.
إننا على ثقة بأن أحداً في لبنان لا يريد استرجاع الأيام اللبنانية السوداء، (أربعينات وستينات القرن التاسع عشر، وخمسينات وسبعينات حتى تسعينات القرن العشرين)، ولكن يجب عدم نسيان أن الخلاف بين ولَدَين على «لعبة الكلة» استجر الى مجازر رهيبة بدأت في جبل لبنان واتسعت رقعتها حتى العاصمة السورية وضواحيها. واليوم لدينا «ألعاب» أشدَ خطورةً وأبعد أذى بكثير أهمها «لعبة» الحروب، وأخطرها قاطبةً لعبة الأمم.
فإلى المزيد من الوعي شعبياً، والى الصرامة من قبل القيادات للجم المتهورين هنا وهناك وهنالك… وإلى الرحمة بلبنان.