شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – وقف النار في غزة بداية عصر ترامب

اختلَف تقدير بدء تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة بين الذين يعتبرونه، في غزة، انتصاراً لحماس وسائر فصائل المقاومة الفلسطينية، والذين في الكيان العبري المحتل، رأوا فيه هزيمة أكيدة لحماس من دون أن يُجمعوا على انه انتصار لبنيامين نتنياهو، وفي طليعتهم الوزير العنصري المقيت بن غفير، الذي دخل حكومة الاحتلال متأخّراً وغادرها مبكراً، بعد عشرات التهديدات اليومية بترك الحكومة، وكان يشكّل «تقّالة» على كتف «بيبي» الذي قَبِل مرغَماً، به وزيراً، ليوقف شرّه ويستوعب مزايداته عليه… ولكنه استمر على نهجه العنصري البغيض، وهو الذي يخطّط لأن يرث رئيس الوزراء الحالي مرتكزاً الى تأييد أخذ يتصاعد داخل المجتمع الصهيوني، ولم يكن مصادفة أن يلاقيه في الاستقالة غير وزير.
ومن الواضح أن المجتمع الصهيوني منقسم بين مَن يرى أن نتنياهو فشل في تحقيق أهدافه فشلاً ذريعاً، لأن الانتصار في الحروب ليس، فقط، في القتل والتدمير والتهجير بأبشع الصور الهمجية في العصر الحديث وإنما يكون في تحقيق أهداف الحرب، وبين القائل بأن العنصر الأكثر تأثيراً الذي دفع بنتنياهو للموافقة على ما توصلت إليه ثلاثية ترتيب وقف القتال (مصر ودولة قطر والولايات المتحدة الأميركية) لا علاقة له بالضغط الشعبي المتزايد بهدف تحرير الأسرى الذين احتجزتهم حماس، إنما يعود الى «الضغط الآخر» الأشدّ قساوة المتمثّل بالموقف الحازم للرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب الذي يُجمع الإعلام الإسرائيلي على أنه وجهه الى القيادة الصهيونية والذي «لامس حدود الإنذار» على حد تعبير صحيفة «يديعوت أحرونوت»، مضيفةً أن ترامب ليس مهتماً بالأسرى من الطرفين، ولا بالناحية الإنسانية الفجّة ببشاعتها التي تعانيها غزة، إنما هو حريص على أن يبدأ ولايته الجديدة «بصفر حروب»، بدءاً من المنطقة وتباعاً الى الإقليم وثمّ الى الأبعد بما في ذلك حرب أوكرانيا.
من هذا المنطلق يمكن الربط بين الأحداث الثلاثة التي لا نزال في وسط دوائرها التي لم تستقر، بعد، على حالٍ حاسمة، وهي وفق حدوثها المتتالي: وقف إطلاق النار بين حزب الله والاحتلال (ولاحقاً سلاسة انتخاب رئيس الجمهورية اللبناني)، والتطور الهائل في سوريا، وأمس اتفاق غزة…
وكم هو واهمٌ مَن لا ينظر الى هذه السلسلة من المستجدات على أنها تدور في فلك واحد وبقرار واحد وبقيادة مايسترو واحد… وبالتالي يجدر التأمل في حقيقةٍ مركزية بارزة وهي أن المنطقة دخلت في عصر الولاية الثانية لدونالد ترامب.

khalilelkhoury@elshark.com