شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – وزراء الجنسية المزدَوَجة في وطنهم الثاني لبنان

يستذكر اللبنانيون، ما بعد تأليف الحكومة، الكلام الشهير للرئيس الراحل فؤاد شهاب عندما رحّب بمجلس نقابة الصحافة بقوله الشهير «أهلاً بكم في بلدكم الثاني لبنان»، بالرغم من اختلاف المناسبتين. يومها كان الترحيب يحمل، ضمناً لا صراحة، انتقاداً الى قيادة مهنة البحث عن المتاعب، لأن صحفاً لبنانية كثيرة كانت تعبّر عن الأنظمة العربية على خلافها. وفي تقديرنا أن تلك كانت فضيلةً وليست مذمّة، لأن الصحافة في بلدان المنطقة كافةً كانت «ملجومةً»، وملزَمةً بتأييد النظام، بقدْرِ ما كان محظّراً عليها نشر الرأي الآخر. ولم يكن الحظر «على الناعم»، بل كان موجعاً جدّاً لمن يخلّ به ولو في الحدود الدنيا. ويومها كان لبنان، بالتوازي، ملجأً للسياسيين معارِضي الأنظمة في الكثير من البلدان العربية، إن لم يكن منها كلِّها… فكانت صحفٌ لبنانية تنقل آراء الأنظمة وصحف سواها لعبت دور لسان حال معارضيها. وتلك شهادة للبنان ولصحافته، وليست عليهما.

أمّا الترحاب بوزراء الحكومة الجديدة في «بلدهم الثاني» لبنان فهو لأن أكثرية الوزراء الجدد يحملون جنسياتٍ أجنبيةً مع قدرٍ لا بأس به من حاملي الجنسية الأميركية لا سيما بمن فيهم معظم الذين سمّاهم أو وافق عليهم الثنائي الشيعي. وهذه ليست مذمّة ولا هي نقيصة، فعشرات آلاف اللبنانيين (وربما مئات الآلاف) من المقيمين يحملون جنسيتين وربما ثلاث جنسيات، كي لا نذكر ملايين أهلنا المنتشرين في مختلف أصقاع المعمورة من متعدّدي الجنسية، وهم لبنانيون حتى العظم، وليسوا في حاجة الى براءة ذمة وطنية من أحد.

فالمهم ما ستنتجه هذه الحكومة، وكيفية مواجهتها تراكمات الأزمات الكبرى المستعصية.

ويجب التأكيد على المشهد الرائع الجامع وطنياً الذي عاينّاه في القداس الإلهي في كاتدرائية مار جرجس المارونية في وسط عاصمتنا بيروت. فعلاً لقد كان من الفاعليات التي اشتقنا إليها بعد كبير غياب لأسباب عديدة أبرزها الفراغ الطويل في سدة الرئاسة. وإننا لا ننسى من تلك الأسباب المناكفات والأحقاد والضغائن والنكايات التي تحكّمت طويلاً في المسار السياسي وقد انعكست على المسار الوطني، وعمّقت الإنقسام العمودي في هذا الوطن الصغير المعذّب الذي نأمل أن يكون عهد العماد جوزاف عون فاتحةً لوقف عذاباته وقد دامت أمداً من الزمن… وبحقٍّ نقول: لقد آن الأوان للفارس اللبناني أن يترجّل عن حصان القهر والذل والعذاب.

khalilelkhoury@elshark.com