في الأسابيع الأولى التي أعقبت انطلاق حرب العدو الهمجية على غزة، كتبنا في «شروق وغروب» أن الكيان الصهيوني خسر الحرب الإعلامية، وأن هذه الخسارة ستحول دونه وأي أمل في ربح الحرب الميدانية. ولقي المقال ردود فعلٍ عديدة لدرجة أن مواقع إعلامية عبرية، في فلسطين المحتلة، تعارض حكومة حرب العدو، أعادت نشر المقال واعترفت بأن العدو خسر فعلاً الحرب الإعلامية لأول مرة في الصراع العربي – الإسرائيلي منذ زُرِع هذا الكيان الهجين في فلسطين.
ولقد أدى الفشل الإعلامي الصهيوني، بالرغم من إمكاناته الضخمة ووسائله الهائلة، الى انقلاب كبير في الرأي العام الغربي (الأوروبي والأميركي) بالرغم من «الهبّة» المفبركة للرؤساء وكبار المسؤولين في الولايات المتحدة الأميركية ومعظم بلدان أوروبا الغربية… وكان ذلك الالتفاف الداعم لإسرائيل مبنياً على الكذب والنفاق. فحتّى جو بايدن وإيمانويل ماكرون وسواهما من القادة الذين هرولوا الى الدولة العبرية جازت عليهم الأكاذيب ومسرحيات الدجل والنفاق التي فبركها الإعلام المعادي. وقد راحوا يذرفون دموع التماسيح على مزاعم اغتصاب النساء الإسرائيليات وبقر بطون الحوامل وقتل الأطفال… وبالفعل استمعنا الى بايدن (الذي ليس يهودياً) يفاخر بأنه صهيوني، والى وزير خارجيته، انطوني بلينكن، ينزل من الطائرة في فلسطين المحتلة متباهياً، قائلاً: أنا لست هنا بصفتي وزير خارجية أميركا وحسب إنما خصوصاً لأنني يهودي. أما المهرّج الآخر إيمانويل ماكرون، الذي يهوى العروضات، فقد راح يبكي والحزن المفتعَل يعتصر قلبه (…الرقيق جداً) على تعرض الفلسطيني الغزاوي «الوحش» للصهيوني «الآدمي، النبيل، المسكين»…
وأمام حسن إدارة الحرب الإعلامية، أخذت هذه الأكذوبات تتساقط واحدة تلوَ الأخرى… ولتتبين الحقيقة بإزاحة الستار عن الوحش الحقيقي القابع في داخل كلّ صهيوني… فقد نجح الإعلام الذي يدعم المقاومين الأبطال، في إزاحة الأستار عن الوجه الصهيوني القبيح، ليظهر الحكم الإسرائيلي على حقيقته: عنصرياً الى حد رفض الآخر، مجرماً، سفّاحَ دماء، لصّاً، بغيضاً الخ…
ويقضي الإنصاف الاعتراف لقناة «الجزيرة» بأن دورها، من موقعها الحالي، هو الذي كان، ويبقى، له الباع الأولى وراء هذا الإنجاز الكبير المتمثل في إخراج الوحش الاسرائيلي على حقيقته البشعة من جسم يصطنع الحضارة وحقوق الإنسان.
والموضوع يطول جدّاً، وفي ختامه أختصر بالإشارة الى الفيديو المهم جداً الذي جاء به الاختراق الجوي، المهم والاستثنائي، من فلسطين، قبل يومين، والذي نفذه حزب الله، وكشف الإعلام مضمونه من حيث قدرة المقاومة الإسلامية اللبنانية، على وضع منشآت العدو الاستراتيجية (الاقتصادية والنفطية وحتى السياحية…) في متناول سماحة السيد حسن نصرالله ورفاق نضاله في المقاومة، وقد حقق هذا الإنجاز الذي انتشر إعلامياً، أكثر مما يحققه الكثير من آلات الحرب بالحديد والنار.