بعيداً عن أي اعتبارٍ، قبولاً أو رفضاً، يمكن تفهم اشتعال الجبهة بين حزب الله والعدو الإسرائيلي. اذ يحرص كل جانب أن «يستقبل» الرئيس الأميركي القديم/الجديد بعرض قوة على قاعدة: «نحن هنا»، وبالتالي علّ وعسى ألّا ينسى ترامب أو يتناسى وعوده للأميركيين من أبناء الجاليات الإسلامية والعربية بإنهاء الحرب، مع تعهدٍ غير مسبوق بالأمان والسلام والإزدهار لأبناء الجالية اللبنانية، الذي أصبحت تجمعه بهم صلة المصاهرة.
بنيامين نتنياهو جاء رده في إطار نوبات النشوة التي لا تزال تنتابه منذ نحو شهر ونصف الشهر على الأقلّ، فوجه تهنئة الى «العزيز دونالد»، وخاطبه من موقع الند والصديق، والتصميم على المزيد من الفجور والإجرام والوحشية… وبدا، من كلامه العنجهي البغيض، وكأنه يُظهر نفسه شريكاً للرئيس الأميركي المنتخَب، وربما له كرسي الى جانبه في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض… وما إن بدأ امين عام حزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم، عصر أمس، بإلقاء كلمته، حتى راحت طائرات العدو تخرق جدار الصوت في الأجواء اللبنانية، لتستأنف (فور انتهاء الكلمة) القصف العنيف على الضاحية الجنوبية في سلسلة غارات عنيفة جداً متواصلة لا يفصل بين كل منها إلا دقائق معدودة…
أمًا حزب الله فكان قد باشر النهار بالقصف الذي طاول عمق مناطق العدو بالصواريخ والمسيّرات التي فشلت القبة الحديدية في التصدي لها، وبعضها استهدف قاعدة عسكرية في محيط مطار بن غوريون، والكثير منها في تل أبيب الكبرى.
وامّا كلمة الشيخ نعيم قاسم فقد كانت الغاية منها متعددة الرسائل والوجهات، وفي تقديرنا أن أبرزها ما أُريد له أن يلفت اهتمام الرئيس ترامب الى أن المقاومة موجودة وأنها لا تزال قوية وأن يدها طائلة. كما أراد الأمين العام أن يطمئن بيئته الى أن الصواريخ والمسيرات موجودة ولم يقع مخزونها في أزمة كما يدّعي العدو.
وبالتالي كان متوقعاً أن يحاول كل طرف أن «يستقبل» فوز ترامب على طريقته. ونرى أن «الاستقبال» الأبرز كان ما صدر عن «حماس» التي وضعت رئيس الولايات المتحدة الأميركية العتيد أمام التزامه، المعلَن مراراً وتكراراً، بوقف الحرب ليس في ما يعنينا منها وحسب، إنما على مستوى العالم، لاسيما الحرب الأوكرانية.
وعلى سيرة ترامب ووعوده يبرز ما ذُكر نقلاً عنه من دون أن يصدر أي نفي، وهو أنه قال لنتنياهو، قبل أسابيع: «تصرّف في هذه الحرب كما تشاء، ولكن اعلم أن عليك أن توقفها فور أن استلم مهامي في الرئاسة ومقاليد الحكم».